نحتاج لاعبين متعددي المهام وإصلاح الوسط والأجناب صلاح لن يقدم لنا ما يصنعه في ليفربول لو أنصتنا جيدا لاستمعنا إلي استغاثة المنتخب قبل السفر والمشاركة المرتقبة في مونديال روسيا.. أشهر قليلة ويقف الشعب المصري علي أطراف أصابعه مباراة تلو الأخري في مجموعة تبدو سهلة علي الورق وغامضة علي الأرض.. سهلة من واقع أسماء المنتخبات وصعبة من واقع »مزاجية» المستوي الذي ارتفع وهبط في مسيرة متابعتنا للمنتخبات الأربعة في التصفيات مصر وأوروجواي والسعودية وروسيا.. هذه المزاجية المتقلبة لا تضمن معها شيئا حتي لو ذهبت الترشيحات المبدئية إلي منتخب أوروجواي أولا ليجري البحث بعد ذلك عن المنتخب الثاني. واستغاثة المنتخب فرضها مستواه في التصفيات وتناقض النتائج مع الأداء.. ويفرض عليه الآن انتظار التدخل لإجراء تعديلات جوهرية علي الاختيارات وطريقة اللعب وسد النواقص والثغرات.. إلا أن الاستغاثة حتي الآن بلا مغيث وبلا وضوح للرؤية أو حتي كشف نوايا حقيقية للتغيير وضخ دماء جديدة تشحن طاقة اضافية تغير الانطباع السائد بأن المنتخب هو فريق محمد صلاح.. وتطور انتاج خط الوسط المقيد بسلاسل تعيق حركته الدؤوبة في الملعب دفاعا وهو ما ومساندة خاصة وهو القاعدة التي يرتفع عليها بناء المنتخب بأعمدته وجدرانه وتشطيباته.. علاوة علي ما هو مطلوب من اطمئنان علي مركز رأس الحربة الذي أصبح لغزا كبيرا في الكرة المصرية التي تعتمد أنديتها الآن علي أسماء إفريقية لا ينافسهم مصريون إلا في أندية بعيدة عن الكاميرا ولم يتم اختبار أهليتهم للظهور الدولي.. وما هو مطلوب أيضا من اطمئنان علي قلب الدفاع بعد تراجع أسماء معروفة وعلي طرفي الملعب الجناحين اللذين يطير بهما أي فريق. مبدئيا تأتي خطورة المجموعة في مزاجيتها خلافا للمجموعات الأخري التي تستطيع أن تحدد بوضوح خريطة المنافسة فيها.. وبمتابعة التصفيات ظهر منتخب أوروجواي متقلبا في المستوي من مباراة لأخري.. وهي الميزة والعيب في نفس الوقت إذا ربطنا ذلك بعلاقته بأمل منتخبنا في عبور الدور الأول.. فلا نعرف عندما نقابله في أي مزاج سوف يكون.. فإذا كان في يومه فسوف نخسر منه لا محالة وإذا لم يكن في يومه سوف تكون النتيجة مفتوحة لكل الاجتماعات حيث يصعب التنبؤ بما سيقوم به في الملعب بقيادة سواريز مهاجم برشلونة الإسباني وكافاني مهاجم باريس سان جيرمان الفرنسي.. ومن أبرز مميزاته خلافا لمهارة سواريز وكافاني صلابة الدفاع التي أسس أداءه عليها وهو دفاع في كل أجزاء الملعب وليس في منطقته فقط.. يضغط بقوة علي الفريق الخصم المستحوذ علي الكرة ولا يترك له مساحات.. وأفضل مواقفه الهجومية عندما يستخلص الكرة ويرتد بهجوم معاكس. ولا يجيد الأداء الهجومي الشامل إلا أمام الفرق الأضعف منه كثيرا وثقافته بعيدة عن الكرة الهجومية لأنه لا يملك مهارات فردية وجماعية مثل البرازيل والأرجنتين وطابع الكرة اللاتينية عموما.. ويواجه هذا المنتخب صعوبات أمام الفرق التي تدافع بتكتل وصلابة حيث يتعثر في ايجاد الحلول إلا من التركيز علي إفلات سواريز وكافاني وسط الزحام.. وأفضل مواقفه في المباريات أن يبدأ بالتسجيل ثم يغلق المساحات فيصعب اختراقه وفي نفس الوقت يتحرر هجومه القوي من ضغط المساحات الضيقة. أما منتخب روسيا.. فهو فريق ناعم يفتقد إلي الشراسة ويفتقد أيضا للخيال ويلعب ببطء »علي مهله» بما يتيح للخصم تنظيم دفاعاته وتجنب مفاجآته.. وهو أيضا »مزاجي» مثل أوروجواي.. رأيناه في مباريات ودية هبوطا وصعودا في الأداء ويستقبل مرماه أهدافا بسهولة.. ويعتمد علي تنفيذ لاعبيه الحرفي لطريقة اللعب ولا يملك حلولا ابتكارية تخرج عن النص.. ولا يخفي علي أحد أن قوته الرئيسية تكمن في ميزة الأرض والجمهور مضافا إليها احساس المنتخبات المنافسة بصعوبة أن ينظم حدثا كبيرا يخرج منه من الدور الأول.. هو فريق ينتمي جغرافيا إلي أوروبا لكنه لا ينتمي إليها في خصائصه الفنية كما لو كان يطبق في الرياضة ما هو موجود في السياسة. وأخيرا منتخب السعودية.. هو مثل الآخرين في المجموعة.. قد يفاجئك سلبا أو ايجابا.. فإذا كان في وضعه الطبيعي يستطيع منتخبنا الفوز عليه أما إذا كان في برجه العالي فإنه يكون خطيرا ويتميز لعبا ونتيجة ولديه ذكري معنوية شهيرة عندما فاز علي منتخبنا بخماسية في كأس القارات. وهذا الفريق يلعب أفضل في المساحات الواسعة وتتعبه المساحات الضيقة ونقطة ضعفه أنه يبدو في أحيان كثيرة بلا عمق دفاعي. نقلت هذه المعاني إلي الكابتن طه إسماعيل أحد أبرز الأعين الكروية الخبيرة فاتفق معي عليها.. وزاد من التفاصيل التي لا تلمحها إلا عين تري كرة القدم عن قرب.. فقال مثلا إن منتخب روسيا هو الأقل فنيا في المجموعة لكنه في نهاية الأمر يمثل الدولة المنظمة.. ولو كان المونديال يقام في دولة أخري غير روسيا لاختلف الكلام عن خريطة المنافسة.. ستكون مبارياته الأصعب لأي فريق لأن الجمهور سيصنع أجواء دافعة له لكي يفوز ويستمر.. وهناك شعور مؤكد لدي الغالبية أن الإطاحة به كمنظم وصاحب الأرض ليس أمرا سهلا بكل المقاييس.. أما منتخب أوروجواي فهو »ثقيل» وليس صحيحا أن سواريز وكافاني هما كل شيء.. هناك لاعبون آخرون جيدون خصوصا في الدفاع ولديهم قدرات في التعامل مع الكرات العالية علاوة علي انه فريق عريق في اللعبة وله وجود في البطولات العالمية.. ومنتخب السعودية ليس سهلا كما يتخيل الكثيرون فهو يملك خط وسط جيد ومدافعين طوال القامة ويستحيل توقع نتيجة مباراته معنا بسهولة. ويؤكد الشيخ طه ان منتخبنا يحتاج إلي مراجعة فنية لأن التصفيات شيء والنهائيات شيء آخر.. ولن تجد التوقعات مطابقة لما سيحدث في الملعب هناك.. الأجواء مختلفة والنجوم يولدون في مثل هذه الأحداث الكبيرة.. المنتخب الوطني يقدم كرة غير مقنعة ولو كانت كافية للتصفيات فإنها لن تكون كافية في روسيا.. لابد أن نملك سيناريو واقعيا للمنافسة القادمة.. أن نذهب لنلعب كرة قدم جيدة لاننا سنلعب أمام العالم كله وليس في غرفة مغلقة في افريقيا.. يجب أن نثبت أن مصر لديها كرة قدم.. لابد أن تتخلي عن فكرة استخلاص الكرة وارسالها إلي محمد صلاح.. لابد أن نتغير سواء في الوجوه أو في الطريقة.. ان نلعب »بجماعية» ونحضر لكل هجمة من الوسط والأجناب ولا نحصر أنفسنا في شكل واحد. لابد من وجود جديد في الفريق علي الأقل لعلاج النواقص مثلما نراه في الأجناب والمشكلة الكبيرة في الوسط.. لابد من وجود عناصر تتميز بالمهام المتنوعة أو ما نسميه اللاعب الجوكر.. وأن نقتنع أن ما يفعله محمد صلاح في ليفربول قد لا يفعله مع المنتخب لأن اللاعبين حوله يختلفون هنا وهناك.. وفي نهاية الأمر يري الشيخ طه أن كأس العالم »حالة» خاصة لا علاقة لها بما سبق علي مستوي المباراة الواحدة أو المجموعة الواحدة. هذه هي استغاثة المنتخب وعلي اتحاد الكرة والجهاز الفني سرعة الاستجابة للاستغاثة والتخلي عن حالة الجمود الحالية التي تقتصر فيها الحركة علي البحث عن مباراة ودية.. فهل من مغيث فاهم وسريع وحاسم بعيدا عن حرج تغيير بعض الأسماء التي حيرتنا في الدوري وغيره!