خطاب مندوبة الولاياتالمتحدةالأمريكية في جلسة الأمن حول القدس أول أمس هو وثيقة تدرس في كيفية الجمع بين الغلاسة والصفاقة والعمل السياسي معا!!.. وربما لهذا استحقت السيدة »نيكي هيلي» التهنئة الفورية من بنيامين نتنياهو، فقد كانت ممثلة حقيقية للسياسة الإسرائيلية قبل أن تكون مدافعة عن مصالح أمريكا!! السيدة »نيكي» وبعد التصويت علي مشروع القرار المصري الذي كشف العزلة الكاملة لأمريكا في مواجهة العالم.. وقفت لتقول إنها لا تشعر بالخجل من نتيجة التصويت، بل إن علي من صوتوا ضد أمريكا أن يشعروا هم بالخجل!! يعني تريد السيدة »نيكي» من العالم كله أن يخجل لأنه يقف مع الشرعية ويطالب باحترام القانون، ويرفض الانحياز الأمريكي السافر للاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، ولاغتصاب زهرة المدائن التي زعمت السيدة »نيكي» زورا وبهتانا أنها كانت أرضا للشعب اليهودي منذ آلاف السنين!! السيدة »نيكي» حرة بالطبع في أن تخجل أو لا تخجل من مواقف الإدارة الأمريكية التي تتحدث باسمها. ولكن بالقطع فإن كل أعضاء مجلس الأمن الأربعة عشر الآخرين لا يجدون في موقفهم إلا ما يؤكد الانحياز للحق والعدل، وما يمنع أن يتحول العالم إلي غابة تحكمه الحماقة والقوة العمياء، وتقوده بعيدا عن الأمن والاستقرار قرارات جاهلة مثل القرار الأمريكي حول القدس. وليس سرا هنا أن واشنطن قد بذلت كل الجهود لكي تمنع اللجوء لمجلس الأمن لأنها تدرك النتيجة. كما بذلت كل ما تستطيع لكي تقنع دولة أو اثنتين أو أكثر بمجرد الامتناع عن التصويت، حتي لا يبدو المشهد بهذا البؤس السياسي بالنسبة لها، وهي تقف وحدها، بينما العالم كله (ممثلا في أعضاء مجلس الأمن جميعا) يقفون مع الشرعية والعدالة، ويدينون أي قرارات تمس الوضع في القدس، أو تحاول صنع حقائق جديدة علي الأرض العربية المحتلة بما فيها القدس العربية العاصمة الأبدية لدولة فلسطين. لكن كل الضغوط الأمريكية فشلت، وبقيت واشنطن وحدها في مواجهة العالم كله. ومع ذلك فالسيدة »نيكي» لم تشعر بالخجل، وإن كانت والحمد لله قد شعرت بأن بلادها تواجه »إهانة لا تنسي أبدا». لكن المشكلة تبقي أن العمي السياسي يجعلها لا تدرك أن الإهانة تجيء حين تخون أمريكا كل المبادئ التي قامت عليها. وحين تنحاز إدارة »ترامب» بقرارها حول القدس إلي الاحتلال الصهيوني النازي، وحين تتحول هذه الإدارة إلي شريك ضامن ومتضامن في كل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق شعب فلسطين. أعضاء مجلس الأمن لم يقصدوا توجيه الإهانة لأمريكا، بل منحوها الفرصة لتصحيح الخطأ، لكنها أصرت علي أن تهين نفسها بالعدوان علي الشرعية والعدالة، والوقوف مع النازيين الجدد من الصهاينة ضد العالم بأكمله. ومع ذلك، فالسيدة »نيكي» لا تشعر بالخجل!!