يبدو أن أمريكا ستنجح في مسمواها، وستتجنب الفضيحة، ولن تضطر لاستخدام »الفيتو« لمنع قبول فلسطين عضوا كاملا في الأممالمتحدة. والفضل في هذا »الإنجاز« الحقير للضغوط الهائلة التي مارستها الإدارة الأمريكية علي الدول الأعضاء، ثم لانتهازية دولة كبري مثل فرنسا التي قررت أخيراً وفقا لما تم تسريبه من أنباء المشاورات ألا تعطي صوتها لفلسطين، وأن تمتنع عن التصويت الذي ينقذ أمريكا من الفضيحة.... أو هكذا تتصور!! كانت فلسطين قد ضمنت ثمانية أصوات في مجلس الأمن، وكان ينقصها صوت واحد فتصبح عضويتها الكاملة للأمم المتحدة هي القرار الذي لا يوقفه إلا استخدام أمريكا لحق »الفيتو«.. وكانت فرنسا هي الدولة التي تنعقد عليها الآمال لتقف إلي جانب الحق الفلسطيني. وعندما صوتت فرنسا قبل أيام لصالح فلسطين في معركة »اليونسكو« قلنا إنها بادرة خير علي أن فرنسا قد حسمت أمرها وأنها ستترك مواقفها الانتهازية من القضايا العربية التي كانت سمة عهد رئيسها الحالي ساركوزي.. تلك الانتهازية التي جعلتها تقف من ثورة تونس موقفا سلبيا حتي اللحظات الأخيرة، ثم تنقلب إلي العكس في محاولة للتعويض، فتقود حملة »الناتو«، في ليبيا.. حيث الثمن مضمون من حصص البترول وعقود الإعمار!! لكن.. يبدو أن موقف فرنسا في معركة »اليونسكو« كان فقط لأنها كانت تدرك أن فلسطين قد حصلت بالفعل علي الأصوات المطلوبة، ولأنه لا يوجد »فيتو« أمريكي كما هو الحال في مجلس الأمن. وهكذا عادت فرنسا ساركوزي لسياستها الانتهازية وقررت حجب صوتها عن الحق الفلسطيني في عضوية الأممالمتحدة.. وهو موقف لا يعني إلا الانحياز للاحتلال الإسرائيل وممارساته النازية، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه الطبيعي في أن تكون له دولته المستقلة. وأيا كان القرار الذي ستتخذه القيادة الفلسطينية فإن الزمن لن يعود إلي الوراء، والفلسطينيون لن يعودوا لمائدة تفاوض استمر عشرين عاما بلا نتيجة، وأمريكا ومعها فرنسا وباقي الدول الأوروبية التي وقفت ضد حق الشعب الفلسطيني تتحمل المسئولية عن كل ما سيحدث في المنطقة. إنها تضع النهاية لحل الدولتين، وستكون إسرائيل هي الخاسرة، وستدفع أمريكا وحلفاؤها ثمن الانحياز لإسرائيل من مصالحها في المنطقة، وسيدرك الجميع بعد فوات الآوان أي خطأ يرتكبونه حين يتعاملون مع العالم العربي بهذه الاستهانة، ويتجاهلون أن القرار قد أصبح للشعوب، وأن الشعوب لا تنسي، وأن الجريمة هي الجريمة.. باستخدام »الفيتو« أو بدونه!