كنا أطفالا صغارا نستيقظ مبكرا، ننهض من فراشنا مبكرين لنتوجه مباشرة إلي مسجد القرية لأداء صلاة الصبح.. لم أر والدي رحمة الله عليه تأخر في النوم يوما طيلة حياته, قبل بزوغ الشمس أسمع صوت أقدامه أثناء الوضوء.. يغادر حجرته إلي حيث تجلس أمه (جدتي) علي أريكة في بهو فسيح أعد في مدخل المنزل للضيافة، كانت مسبحتها لا تفارق أصابعها رغم تسبيحاتها البسيطة جدا " قونا يارب واغفر لنا وارحمنا انك علي كل شئ قدير . أصبحنا وأصبح الملك لله وحده ".. دقائق وتقدم أمي الإفطار لوالدي الجالس بجوار أمه بعد أن قبل يديها ومدت هي يدها لتمسح علي ظهره وكتفيه ولسانها لا يتوقف عن الدعاء له حتي يستأذنها في الخروج لتجارته , المشهد ظل يتكرر يوميا حتي مات الجميع ..كثيرا ما أسند رأسي للحائط أتذكر تلك الصور النقية الرائعة..اسأل نفسي أين نحن الآن من هذا الزمن الجميل ؟! لا أم تحنو وتدعو , لا زوجة تطعم في رضا وراحة وكأن عملها فريضة صلاة , لا أبناء يقبلون يدا تشقي لإسعادهم ويجلسون في أدب يرسلون نظرات الرضا وابتسامات الأمل مع دعوات عند الخروج بسلامة العودة .. أدرك أننا علي أعتاب قيام الساعة .. إذا أردنا إدراك معني الحياة فعلينا إن نموت أولا.