استمعت أمس محكمة جنايات الجيزة في ثامن جلساتها لمرافعة النيابة في قضية الاضرار العمدي بالمال العام باصدار رخصتي الحديد واهدار مبلغ 066 مليون جنيه والمتهم فيها وزير التجارة والصناعة الاسبق رشيد محمد رشيد »هارب«، ورئيس هيئة التنمية الصناعية السابق عمرو عسل، ورجل الأعمال أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني، وطالبت النيابة بتوقيع أقصي عقوبة علي المتهمين والتي تصل للمشدد 51 عاما. استهل عبداللطيف الشرنوبي رئيس النيابة مرافعته بقول الله تعالي: »قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا«. وقال: »اقف اليوم أمام محرابكم العادل ليس بصفتي مدعيا فقط، ولكن متحدثا بلسان شعب بأكمله معبرا لآماله، حيث أنعم الله علي مصر بالعديد من النعم لكنه ابتلاها بأبناء جاحدين، نحن في مشهد تاريخي ستتغني به الاجيال القادمة وها هو أول مشهد في كتاب التاريخ في قضية وطن ثار علي الظلم والفساد وأبي علي نفسه الطغيان والاستبداد ضد من استمرأوا طريق الشيطان وتناسوا ان عين الله الديان لا تنام فخاب مسعاهم وهتكت استارهم واصفا المتهمين بالخبث والجحود. وأكدت النيابة انها تقف الآن ممثلة عن الشعب كله واشار إلي ان الله حبا مصر بخيرات كثيرة وفي ذات الوقت ابتلاها بابنائها الذين دمروها ونهبوا أموالها وافقروا شعبها وتساءل: من ينقذ مصر من هؤلاء ونظر إلي قفص الاتهام« »لك الله يا مصر« وسرد ممثل النيابة وقائع الدعوي حيث نسب لكل من رجل الأعمال أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني المنحل سابقا، ووزير التجارة والصناعة السابق والهارب خارج مصر رشيد محمد رشيد، ورئيس هئة التنمية الصناعية السابق عمرو عسل انهم قاموا بالتربح والاستيلاء علي المال العام. وأشارت النيابة إلي انها تلقت بتاريخ 7 فبراير الماضي عدة بلاغات كشفت التحقيقات فيها عن قيام الوزير السابق رشيد وعمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية السابق بالاتفاق مع أحمد عز علي اصدار موافقة علي الترخيص بانتاج الحديد الاسفنجي والبيليت المستخدم في صناعة الصلب بالمجان للشركات المملوكة لأحمد عز وذلك بالمخالفة للقرارات الوزارية التي تقضي بأن يكون منح هذه التراخيص بالمزايدة العلنية بين الشركات، علي نحو مثل تربيحا للغير علي حساب المال العام، واضرارا متعمدا به. كما نسبت النيابة إلي عمرو عسل قيامه بالتواطؤ مع الوزير رشيد بالترخيص لصالح أحمد عز بإقامة مصنعين بالمنطقة الحرة بالسويس بالمخالفة للشروط التي تنص علي عدم جواز منح أكثر من ترخيص لذات المستثمر، مما ألحق ضررا بالمال العام قيمته 066 مليون جنيه تمثل قيمة رسوم تراخيص لم يقم عز بسدادها، علاوة علي ان القانون يحظر منح ترخيص لأكثر من شركة واحدة في هذا المجال. وتناولت النيابة 8 من أدلة الثبوت ومنها تحريات مباحث الأموال العامة وهيئة الرقابة الإدارية وتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، فضلا عن خطاب صادر من أحمد عز بطلب الحصول علي الرخصتين دون كتابة اسماء شركتي العز للدرفلة أو العز لصناعة الصلب المسطح، بالاضافة إلي محضر لجنة البت والذي تضمن صدور القرار بالموافقة علي منح الرخصتين، فضلا عن الرخصة الصادرة باسم شركة العز للصلب المسطح وهو ما يخالف كراسة الاشتراطات التي تقصر صلاحية الرخصة بانتاج البلاطات فقط وليس البليت. . وكشفت النيابة ان منح التراخيص لم يكن يتم مجانا ولكن بمقابل، واستشهدت برجل الأعمال أحمد أبوهشيمة الذي قدم 64 مليون جنيه للحصول علي ترخيص شركته، بالاضافة إلي فتوي مجلس الدولة بضرورة الاستمرار في العمل بالمزايدات العلنية في منح تراخيص الحديد، واخيرا اقرارات المتهمين في تحقيقات النيابة العامة.وفيما يتعلق بما أبداه الدفاع من سرعة انجاز التحقيقات مع المتهمين لغرض سياسي بعد ثورة 52 يناير، قال ممثل النيابة: »لماذا تلام النيابة العامة علي انهاء التحقيقات في وقت سريع، نحن علي استعداد لتقديم كشف بالقضايا التي انجزتها في غضون 5 أيام قبل ثورة 52 يناير« لافتا إلي ان النيابة سمعت المتهمين الثاني والثالث في 5 جلسات تحقيق. واختتم مرافعته موجها حديثه لهيئة المحكمة بقوله: »عندما تخلون بمحرابكم اذكروا مصر التي ارهقتها الاقدار فإذا هي صابرة صامدة، واذكروا الشعب وليكن حكمكم رادعا لهؤلاء«. ثم استمعت المحكمة لمرافعة هيئة قضايا الدولة التي ابداها المستشارون أشرف مختار وعبدالسلام محمود ومهاب جلال، وأكدوا فيها توافر أركان المسئولية التقصيرية في حق المتهمين، فبالنسبة للمتهم الأول رشيد محمد رشيد، فقد خالف القوانين والقرارات الصادرة منه والأنظمة والاشتراطات اللازمة في منح رخص انتاج الحديد وذلك عند موافقته علي منح الرخصتين موضوع الجريمة بالمجان ودون دخول الشركات الممنوحة لها هذه الرخص في مزايدة علنية. .وفيما يتعلق بخطأ المتهم الثاني عمرو عسل فانه طبقا للمادة السادسة من قانون إنشاء هيئة التنمية الصناعية التي تنص علي انه عند التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس، وطبقا لقرار وزير التجارة والصناعة المتهم الأول فهو أيضا رئيس لجنة البت التي لها وحدها سلطة البت في منح الرخص من عدمه وبالتالي فهو صاحب السلطة العليا في هيئة التنمية الصناعية ولا يمكن ان يصدر منها قرار بغير موافقته، ومن ثم خالف كراسة الاشتراطات الصادرة عن الهيئة التي يرأسها وجاء فيها »عدم منح الرخص موضوع الجريمة للشركات الا من خلال مزايدة علنية بأعلي سعر وللشركات التي تجتاز التأهيل وعدم منح مستثمر واحد أكثر من رخصة واحدة« وهو ما لم يحدث.. أما خطأ المتهم الثالث أحمد عز فقد حصل علي رخصتي الحديد محل الجريمة دون تقديم مستندات التأهيل لأي من شركتي العز للدرفلة والعز لصناعة الصلب والمسطح بالمخالفة للقواعد والأنظمة القانونية . وفي نهاية المرافعة أكد مستشارو هيئة قضايا الدولة ان هذه الجريمة اضرت بالخزينة العامة للدولة بما يبلغ 066 مليون جنيه قيمة الرخصتين التي حصل عليهما عز دون مقابل، وحرمان الخزانة العامة من هذا المبلغ بأبوابها المختلفة فكان يمكن وضع هذا المبلغ في باب السلع والخدمات الضرورية لتوفير قوت الشعب بدلا من انفاقها علي الدعاية الانتخابية أو الاقتراض من الخارج بفوائد عالية، كما أصبح المتهم الثالث أحمد عز بعد منحه هاتين الرخصتين هو المحتكر لصناعة الحديد حيث كان انتاج مصر من الحديد 6 ملايين ونصف المليون طن سنويا نصيب عز منها بما يعادل حوالي 34٪ وبعد حصوله علي هاتين الرخصتين وصل نصيبه لنحو 15٪ مما تسبب في ارتفاع أسعار مواد البناء وتفاقم أزمة السكن في مصر. عقدت الجلسة برئاسة المستشار مصطفي حسن عبدالله وعضوية المستشارين أحمد مسعد المليجي وأنور إبراهيم رضوان وحضور عبداللطيف الشرنوبي رئيس نيابة الأموال العامة وأمانة سر أيمن عبداللطيف وأحمد فهمي.