لا يظنن مصفق أو مطبل أو عميل أنه يمكن أن يكون له أي نصيب في حكم دولة الجماعة الذي لن يكون إن شاء الله تعالي، لأن الله (عز وجل) لا يصلح عمل المفسدين، ولا المخربين، وقد استأصل الحق سبحانه شأفتهم من الحكم في أقل من عام واحد، بعد أن شاء سبحانه أن يكشف طبيعتهم ونهمهم للسلطة ومنهجهم الإقصائي لكل من لا ينتمي إلي قبيلة الأهل والعشيرة أبناء المفسد الملقب عندهم بالمرشد وعصابة مكتب الإفساد في إقصاء أيديولوجي مقيت، ربما لم نقف في تاريخنا علي إقصاء مثله بهذا التبجح وتلك الفجاجة التي رأيناها في عامهم الأسود المشئوم، الذي مازلنا نعمل بكل قوة علي إزالة ما خلفه من كوارث. علي أن دولة الجماعة إنما تحكمها التراتبية التنظيمية، فقد رأي المجتمع كله رأي العين كيف كانت تدار الأمور في العام الأسود للأهل والعشير، من تصعيد أحمق لكوادر الجماعة الجهلاء، الذين لا حظ لهم من الفهم أو القيادة سوي التراتب أو الولاء التنظيمي، علي نفس نهج الماسونية القديمة وأشد تطرفًا في التراتبية التنظيمية. الأمر الآخر والذي يجب التنبه له والقضاء عليه هو ما تبقي من كيانات دولة الإخوان الاقتصادية وخلاياها النائمة. وإذا كانت جماعة الإخوان الإرهابية قد سقطت سقوطًا ذريعًا مدويًا سياسيًًّا ومجتمعيًّا وأفلست فكريًّا فإن هناك جانبًا مهمًّا تستميت قيادات الجماعة وعناصرها في الحفاظ عليه، وهو البناء الاقتصادي والمالي للجماعة، وهو ما يمكن أن يطلق عليه دولة الإخوان الاقتصادية، وهي التي لا تقل خطرًا عن الجانب السياسي، لأنها هي الرابط الذي يربط أعضاء وعناصر الجماعة الإرهابية برباط نفعي وثيق من خلال شراء أصحاب النفوس الضعيفة، والتركيز علي المهمشين أو المحرومين أو الأكثر احتياجًا وحتي تجاوزهم إلي غيرهم من طالبي وراغبي الثراء بأي وسيلة حتي لو كانت غير مشروعة أو مدمرة، إضافة إلي خطورة توظيف هذا المال في العمليات الإرهابية. وقد قامت جماعة الإخوان بعمليات سطو واسعة النطاق علي كثير من الجمعيات وتوظيفها لخدمة أغراضها، مع ما تتلقاه من أموال تحت مسمي التبرعات وتوظيفها لصالح الجماعة. ولهم منظومة اقتصادية أشبه ما تكون بالفكر الصهيوني، بحيث إذا تاجر أحدهم في سلعة حيوية أُلزم أعضاء الجماعة بالشراء منه، فأحدهم مثلاً في تجارة الحديد والأسمنت، والآخر في تجارة الأخشاب، وثالث في الأدوات الصحية، ورابع في الملابس، وخامس في الأدوات المكتبية والهدايا، فهم لا يؤمنون بالتكامل المجتمعي الشامل، إنما يقسمون المجتمع إلي قسمين، الأول : وهو الأولي بالرعاية والعناية والاهتمام وهم عناصر الجماعة، والآخر : عامة الناس، وهم في نظرهم ما بين فاسق، أو كافر، أو منافق أو عميل أو رقيق الإيمان، أو غير ملتزم، أو غير تابع لهم أو ناقص الأهلية الشرعية، لأنهم يزعمون أنهم جماعة الله المختارة وأنهم الفرقة الناجية وغيرهم في الإحدي وسبعين فرقة الأخري. وعلي الجملة فإن غير المنتمين للجماعة في نظرهم وتصنيفهم أناس من الدرجة الثانية، إذ يصنفون كل من لم ينضم للجماعة علي أنه إما ناقص الدين أو فاقده، ويربون عناصرهم علي ذلك. وقد عمدوا إلي مجالات حيوية مثل شركات الصرافة، والخدمات الطبية، والمدارس الخاصة، مع إنشاء مجموعة من الشركات باسم بعض قيادات الجماعة لتكون غطاء لتلقي الأموال الخارجية أو استثمارها أو غسل أموال التبرعات، حيث كانوا يجمعون أموالاً تحت مسمي المساعدات لصالح القدس أو الشيشان أو البوسنة والهرسك أو الصومال، ثم توظف لصالح الجماعة وعناصرها. ولا يسعني في مثل هذا المقال أن أخوض في تفاصيل محددة، إنما يعنيني أن ألفت النظر إلي مخاطر دولة الإخوان الإرهابية الاقتصادية التي تستخدم في تمويل العمليات الإرهابية ودعم العناصر المتطرفة، مما يتطلب النظر وبجدية والتعامل بحسم مع هذا المال المشبوه حتي لا يوظف في الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أذي المواطنين أو الإساءة إلي صورة الإسلام والمسلمين، وعلي الجملة فإن هذا الاقتصاد الموازي أو تلك الدولة الاقتصادية للإخوان تعد خطرًا علي الأمن القومي، بل علي أمن وسلام الإنسانية، لأن تلك الجماعة كالحرباء لا تعرف دينًا ولا وطنية ولا وفاء لأحد، فصديق اليوم لديها عدو الغد، لا يربطها بأحد سوي ما تحققه من خلاله من مصالح عاجلة، وإلا فله منها الويل والثبور وعظائم الأمور.