كانت القدس العربية تحت الاحتلال الاسرائيلي. الآن يدخلها الرئيس »ترامب» تحت الاحتلال الاسرائيلي والامريكي المشترك !! لم تكن الولاياتالمتحدة يوما بعيدة عن دعم الكيان الصهيوني منذ نشأته لكنها بقرارات ترامب وسياسته تبدأ فصلا جديدا من الحماقة التي تعرف كيف تشعل النيران دون أن تدرك أنها ستكون اول من يكتوي بها!! علي مدي 22 عاما تمسك كل رؤساء امريكا من الجمهوريين والديمقراطيين علي السواء بعدم تنفيذ قرار أهوج لكونجرس يدين بالولاء لاسرائيل قبل أمريكا، بنقل السفارة الامريكية من تل أبيب الي القدس. لم يكن هؤلاء الرؤساء موالين للعرب او مقصرين »لا سمح الله»!! في تأييد اسرائيل.. لكنهم كانوا حريصين علي مصالح امريكا، ومدركين بان قضية القدس لا تقبل الحماقة، ولا يمكن أن تخضع للحسابات الانتخابية لنواب أمريكيين او لابتزاز صهيوني لاينقطع خاصة حين يكون الحاكم في البيت الأبيض في ورطة.. وما أكثر ورطات الرؤساء في أمريكا!! ترامب يجيء لحكم امريكا من المكان الخطأ وفي الزمن الصعب.. يجيء ممثلا لشريحة تمثل اقصي اليمين العنصري في المجتمع الامريكي. ويجئ في زمن يتصور فيه هذا اليمين العنصري أن سنوات الضعف والانقسام في الوطن العربي قد جعلته قابلا للاستسلام لما يراد له.. وأن ما بدأ مع غزو أمريكا للعراق وتدميرها لهذه الدولة المركزية في المنطقة، ثم امتداد الدمار الي سوريا واليمن وليبيا وغيرها يعطي الفرصة كاملة لابتزاز الدول العربية ووضعها تحت الضغوط الدائمة من الفوضي التي بشرت بها امريكا، ومن الارهاب الذي يحظي برعاية مشبوهة.. كل ذلك يعطي لهذا اليمين العنصري في امريكا الوهم بأنه قادر علي ان يمرر مخططاته للمنطقة التي عطلتها مصر حين اسقطت حكم الاخوان، وعطلت في نفس الوقت مخططات وضع المنطقة تحت الهيمنة الكاملة لمن اطلقوا مسيرة الفوضي الخلاقة، ومن دعموا ارهاب الجماعات المتاجرة بالاسلام، لكي تكون مبررا لارهاب الصهاينة الذي سيظل هو الوجه الآخر للنازية حتي يلاقي مصيرها!! قبل يوم واحد من اعلان ترامب قراره بشأن القدس، كان مجلس النواب الامريكي يعزف له الموسيقي التصويرية الملائمة بتمرير قانون بمنع المساعدات عن السلطة الفلسطينية بحجة انها تساعد الارهاب حين تصرف معاشات لأسر الشهداء والاسري من أبطال المقاومة القابعين في سجون الاحتلال الاسرائيلي. ولا تعليق حتي لانسئ الأدب ولا عتاب ولا لوم للرئيس الامريكي وهو مازال يثرثر حول »الصفقة الكبري» التي يعدها صهره مع رفاقه في الفريق الصهيوني الذي يبيع وهم أن قرارا بمشاركة أمريكا لاسرائيل في احتلال القدس العربية يمكن ان يكون مفتاحا للسلام!! كانت أمريكا نصيرا لاسرائيل وداعما لها. يحولها ترامب الآن الي شريك في اغتصاب القدس العربية، دون أن يدرك كم سيكون الثمن فادحا. ودون ان يفهم أن القدس لا يمكن ان تكون محل مساومة، ولا يمكن أن تكون ثمنا لنجاة رئيس امريكي من الفضائح التي تحاصره!!