مرت سنوات علي تلك الواقعة رغم تعرضي للخسارة إلا أنها لم تترك في نفسي أدني شعور بالغضب.. علي العكس مازلت أذكر ذلك اللص الذي خطف حقيبتي بكل خير.. وأشكر الله أنه أوقعني في يد حرامي »ابن حلال».. استحق ذلك اللقب الذي أطلقته عليه ساخرة ليثير دهشة كل من أعدت علي سماعه تلك الحادثة.. يومها كنت أسير في شارعنا الهادئ شبه الخالي من المارة .. فجأة جاء مسرعا علي دراجته البخارية ليجذب الحقيبة.. تابعته بينما أواصل حديثي في الموبايل متخيلة للحظة أن حقيبتي علقت بدراجته وأنه سيتوقف ليعيدها إلي.. رد فعلي غير المتوقع أثار ريبته كأنه لم يصدق أن هناك من يسرق بهذه السهولة دون أدني مقاومة.. التفت ليلقي نظرة عليّ زادتني ثقة بأن الأمر وقع عن طريق الخطأ.. أسرعت لجذبها فزادت سرعته هاربا بالحقيبة .. لم أصرخ فلم يكن لصراخي أي معني في شارع صامت خالٍ جعله مطمعا للصوص كما عرفت فيما بعد.. لم تكن خسارتي كبيرة أو بمعني أدق كانت بسيطة مقارنة بتلك الكارثة التي كانت في انتظاري لو تقدم ذلك اللص يوما واحدا عندما كانت حقيبتي ممتلئة بكامل مرتبي فضلا عن هدية ثمينة اشتريتها لصديقتي احتفالا بمناسبة خاصة.. علي عكس العادة كان الحظ حليفي بينما لم يحالف ذلك اللص الذي أثار تعاطفي رغما عني بعدما اكتفي بسرقة النقود والحقيبة وألقي بالحافظة بكل ماتحتويه من بطاقات رسمية وكارنيهات نوادي ونقابة وغيرها من قصاصات ورق دأبت علي كتابة بعض خواطري بها.. فضلا عن أجندة تليفونات دونت فيها قبل الحادثة بيوم واحد رقم موبايل زوجي وكأن القدر كان حليفي ليجعلها سببا في استرجاعي لكل الأوراق الهامة.. يبدو أنه تعاطف مع خطواتي المسنة المرهقة فوفر علي عناء الجهد والمشقة وجنبني أثقل المهام التي ممكن أن أقوم بها لاستخراج بطاقات رسمية جديدة.. مش قلتلكم حرامي ابن حلال.. إلا أن تعاطفي ذلك لم يمنع نهاية مأساوية كانت في انتظاره بعدما أغراه رد فعلي اللامبالي البارد في تكرار سرقته لأكثر من جارة بنفس الشارع ليتكاتف عليه الجميع في إحداها ويطرحوه أرضا وينهالوا عليه باللكمات والصفعات ويسلموه بعدها لقسم الشرطة.. عقاب بالقطع يستحقه كل لص.