لا يعني ان اكتب عن أهمية الدين في حياة الانسان انني صاحب توجه سياسي او انتمي لتيار ديني اروج له وادعو الناس الي اعتناقه مثلما يزعم بعض قراء هذا الباب. غاية القول انني رأيت اغلب الناس قد نهضوا في محاولة لنيل حظوظهم من الدنيا، فبذلوا لها كل الجهد وشرعوا لها كل الفكر - وليس في ذلك حرام - ولكنهم في سبيل ذلك نسوا واجبات وفرائض أو استهانوا بها وهي في تقديري أهم واجدي فوجب تذكيرهم بها ودعوتهم اليها من باب »وذكر فان الذكري تنفع المؤمنين«.. وهو فعل أمر واجب علي كل من قال لا اله الا الله محمد رسول الله. ومن هذا الباب بدأت ومنذ سنوات اكتب في أمور من شأنها تذكير الانسان بأهمية الدين. وهي كتابات ليست »في الدين« لان هذه مهمة العلماء ولكن »عن الدين« وهي مهمة كل انسان والفارق كبير بين هذه وتلك. وقد نظرت حولي.. في هذه الصفحة مثلا فوجدت كل المقالات تنبه وتحذر وتنصح وتلفت الانتباه لاشياء من شأن الاخذ بها ان تكون دنيا الانسان افضل ومستقبله فيها اكثر اشراقا. وليس في ذلك اي مأخذ ولكن المطلوب وبشدة ان يجاور هذا الفكر والجهد فكر وجهد آخر لصالح الاخرة التي سننتقل اليها ونأخذ باسباب الرفعة فيها. ويصبح السؤال كيف اكون من اصحاب النبي صلي الله عليه وسلم في الفردوس الاعلي من الجنة وانقذ نفسي واهلي وكل الناس من النار؟.. نعم يصبح هذا هو السؤال الصحيح الذي يجيب علينا الاجابة عليه قبل ان تنتهي منحة الحياة.. والموضوع ليس بعيدا ليغيب عن فهمنا.. فالموت تخطانا إلي غيرنا.. وغدا يتخطي غيرنا الينا. وقد أخذ الموت من بيننا اطفال وصغار.. وشيوخ كبار ليقول انه قريب جدا منا. ولكنه يمهلنا ويتركنا نواصل الحياة وهو تحذير واضح لصاحب كل عقل ليعرف ان ما تبقي من عمره قد يكون قصيرا جدا وان علينا ان نتأهب ونستعد لملاقاة الموت في اي لحظة.. فالشيطان يضللنا ويوهمنا بان الموت سيواجه كل الناس ولكنه لن يأت الينا دون سند من الحقيقة والواقع وقد رأيت فيما حدث لزميلنا العزيز عصام السباعي ابلغ المثل علي ان الحياة اقصر مما نتخيل او انها يمكن ان تكون كذلك دون اسباب منطقية.. فقد استقل السباعي واسرته السيارة واتجها الي مرسي مطروح لقضاء اجازة الصيف السنوية المعتادة.. وكانت ارادة الله ان تنقلب السيارة قبل ان تصل الي مبتغاها ببضعة كيلو مترات ويختار الله من ركابها الخمسة زوجته واصغر ابنائه بينما ابقي علي حياة عصام وولديه لحكمة يعلمها هو سبحانه وتعالي ولا نملك ان نسأل لماذا ذهب من ذهب؟ولماذا بقي من بقي؟ وكان اعظم ما فعله السباعي ان حمدالله علي قضائه واسترجع.. وعندما رأيته في المستشفي لم يكن علي لسانه سوي كلمة الحمدلله.. ويردد ليهدئ من لوعة قلبه ان ما عند الله في الآخرة لزوجته ولابنه الذي لم يبلغ الحلم، خير مما عندنا لهما في الدنيا.. وهكذا يمكن ان تنفض رحلة الحياة علي غير توقع لاي انسان حتي ولو كان في عقر داره.. فأين العبرة والعظة؟! من اجل هذا كان شاغلي الاكبر هو التذكير بأهمية الدين واصلاح العلاقة مع الله وضرورة ان يعمل الانسان في الدنيا وعينه علي الاخرة.. ومن لطف الله ان ارضاءه سهل.. وان تكاليفه بسيطة وان ما يطلبه منا مقدور عليه لاصحاب القلوب المبصرة. ولكن الشيطان قاتله الله يطمس علي عيوننا ويصعب علينا الطاعة ويغرينا بلذائذ الدنيا ويصور لنا ان اقل القليل مما نقدمه لله يكفي للنجاة من محنة الموت! واسأل الله ان ينفعني ويذكرني ويردني ويتجاوز عن اخطائي، وجميع قرائي الاعزاء.. فلا عندي أجندة ولا سياسة وإنما هي دعوة للانتفاع بما تبقي من العمر.