"حكم اليمن مثل الرقص علي رؤوس الثعابين".هذه أحد الاقوال المأثورة للرئيس علي عبدالله صالح .الذي نجح في ادارة الامور في هذا البلد. ذات السمات الخاصة والمعقدة .علي مدي عقود طويلة. استطاع خلالها الحفاظ علي الاستقرار السياسي .في بلد تميز بكثرة الاغتيالات السياسية. التي استهدفت رؤوس النظام. وفي مجتمع حمل السلاح وامتلاكه .احد الامور العادية. ومصدر فخر للمواطن .وفي كيان الانتماء القبلي يتجاوز الانحياز الي الدولة. نجح ايضا في تحقيق الوحدة بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي والحفاظ عليها في بداية التسعينات. عبر بالبلد أزمات كبري .في المقدمة منها انحيازه الي العراق بعد غزوه للكويت.. نسج علاقات قوية مع دول الغرب .خاصة الولاياتالمتحدة .ومنذ حوالي عام وتحديدا في مايو من العام الماضي .كنت في زيارة لليمن في الاحتفال بمرور 20 عاما علي الوحدة .وكانت البلد غيرالتي اعرفها منذ منتصف الثمانينات. مع تزايد حجم المشاكل والتحديات. وكان سؤالي الوحيد لكل الذين التقيتهم. هو ترتيب تلك التحديات. هل الاولوية" للحراك الجنوبي". وهو مجموعة من المحتجين الذين يدعون الي الانفصال. وانهاء الوحدة.ام "التمرد الحوثي" والذي اتخذ صبغة طائفية.خاصة وانهم ينتمون الي المذهب الزيدي .وهو احد فرق الشيعة .ام خطر "تنظيم القاعدة" المنتشر بكثافة في بعض محافظات الجنوب. والذي يهدد ليس الاستقرار في اليمن وحده.. ام "الازمة الاقتصادية وزيادة معدلات الفقر" .لم يكن السؤال شكليا ولكنه يحدد توجه الدولة. وأولويات النظام في هذه المرحلة.وكانت الاجابة التي سمعتها تصريحا احيانا. وتلميحا. ان الازمة في البلد غير كل المرات السابقة .وقد شاخ النظام بفعل الزمن .والبقاء طويلا في الحكم .وفقد علي عبدالله صالح معظم قدراته وادواته .بعد ان استهلك رصيده. في العمل علي توريث ابنه احمد. وجاءت الضربة الاخيرة للنظام .من حيث لم يحتسب. بعد ان نجح في "تدجين المعارضة". عندما اصابت عدوي ربيع الديمقراطية في مصر وتونس .ووصلت في 2 فبراير الي ساحة التغيير في اليمن.. وبدا النظام للمرة الاولي عاجزا عن المواجهة .ويظل السؤال لماذا لم تنجح الثورة حتي الآن .الاجابة في اعتقادي انها تفتقد بعض العوامل الهامة .وفي المقدمة ان المؤسسة العسكرية لم تحسم امرها بعد. ومازالت منقسمة .وبعضها يدين بالولاء الي صالح.. وخاصة الحرس الجمهوري .الذي يتولي قيادته اكبر ابناء الرئيس. والقوات التي تم تدريبها لمواجهة القاعدة .والامن المركزي وعناصر الامن السياسي. ولعل ذلك يجيب علي السؤال اللغز عن عدم انهيار النظام .بعد إصابة صالح منذ ايام في هجوم غامض .لم يتم التوصل الي حقيقته ومن وراءه . استهدف مسجد القصر الجمهوري في صنعاء. فالواقع يؤكد ان نائب الرئيس عاجز عن ممارسة مهامه .ولم ينتقل حتي للقصر الجمهوري .وظل في منزله .وهو شخصية لاتسعي للاضواء. واختير بعناية شديدة من قبل صالح . الذي مازال يمثل الرقم الصعب .يمسك بزمام الامور.خاصة بعد ان نجح في الفترة الماضية في خلط الاوراق .بذكاء معروف عنه .عندما اعاد للمشهد السياسي .مخاطر تنظيم القاعدة التي استولت علي مدينة زنجبار .واعطي الانطباع علي ان الصراع في اليمن .علي النفوذ بين الدولة والقبيلة الاكبر والاهم .قبيلة حاشد بزعامة صادق الاحمر. والتي ينتمي هو شخصيا لها. وبعد فإن الرئيس يمارس آخرشوط في الرقص علي روس الثعابين. وغيابه عن المشهد السياسي في اليمن بيده هو .وليس السعودية .التي لن تمنعه من العودة اذا اراد. او امريكا التي لاتملك سيناريو لمرحلة مابعد صالح.