الصخب الانتخابي الشديد في الساحة الرياضية هذه الأيام والذي وصل بأعمال الدعاية لكل مكان حتي للمراكب في عرض النهر، يجب ألا يشغلنا عما يحققه النجم المصري المتألق في الملاعب الانجليزية هذه الأيام محمد صلاح.. صلاح يعد نموذجا لما يجب ان يكون عليه اي رياضي مصري بل أي شاب يطمح للنجاح ويتطلع لحياة أفضل.. الأنباء التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية بعد تصدر النجم المصري قائمة هدافي الدوري الإنجليزي هذا الأسبوع مؤكدة اهتمام ناديي ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين بمتابعة الفرعون سعيا لضمه في الموسم الجديد. نجاح صلاح لحد متابعة الملكي والبارسا له وهو الذي كان قبل أقل من عامين محل انتقاد وتشكيك بقدراته في تشيلسي ليعيره إلي روما الإيطالي فيستعيد عنفوانه وتصميمه ويفجر مخزون التحدي بداخله ويعود للدوري الإنجليزي من بوابة ليفربول بل ويتصدر من خلاله سباق الهدافين الأفذاذ، هو رسالة حقيقية عن قدرة المصري علي التحدي إذا ما توافرت فيه الموهبة وامتلك الطموح والإصرار علي النجاح بقوة.. ومما يبرز في نموذج صلاح تطلعه الدائم للأفضل وقدرته علي شق خطواته بثقة وسط الأشواك فهو ومنذ مجيئه طفلا من ناد صغير في الدلتا ليلعب لنادي المقاولون العرب وتدرج في صفوف ناشئيه لم ينكسر وموهبته تتفجر وتعلن عن نفسها بينما لم يفكر فيه الأهلي ورفضه رئيس الزمالك ممدوح عباس وقتها إذ إن ابن قرية نجريج بمركز بسيون بالغربية كشف عن خبيئة قوية بداخله دفعته لما هو أبعد بكثير.. خبيئة صلاح بما فيها من نقاء طينة الدلتا وموروث صبر الفلاح المصري وإصراره علي تحدي كل العواصف لم تجعل عوده الطري يتحطم علي جدار إهمال الأهلي ورفض الزمالك له لكنها جعلته يلملم حلمه ويشيله في حضنه إلي بلاد بعيدة..الي بازل السويسري الذي شراه بثمن بخس وكان فيه من الزاهدين.. مسيرة صلاح الاحترافية تدرس لكل شاب بكل ما فيها من منحنيات ومطبات ثم قدرته الفائقة علي تحويل كل تراجع له إلي نقطة انطلاق أقوي وأسرع نحو النجاح..لاحظ أن الفرعون مع كل هزة في مشواره يأخذ خطوتين للوراء لينطلق منها نحو النجاح بأسرع مما يتوقع أحد.. سرعة تفوق كونه من أسرع مهاجمي العالم نحو مرمي المنافسين وأفئدة الجماهير واهتمام كبار أندية العالم.. ومما يزيد من قيمة صلاح علاقته الإنسانية مع أهله وناسه ويده البيضاء علي قريته..وقبل كل ذلك حبه لوطنه وتفاعله مع قضاياه، وسعيه لتشريفه في افضل صورة، والوصول به لكأس العالم بجدارة وبراعة.. خبيئة صلاح المدفونة في عمق دلتا النهر الخالد لاتزال تكشف عن معينها الطيب وقدراتها الجبارة وطموحاتها اللامحدودة. واصل انطلاقتك يا أبا مكة..