مصر لا تخوض حرباً ضد الإرهاب فقط، لكنها تخوض حرباً أخري في نفس الوقت، هي الحرب الاقتصادية، الحرب ضد منتجاتها التي تقوم بتصديرها للدول الأخري، خصوصاً المنتجات الزراعية. وإحدي حلقات هذه الحرب دارت الأسبوع الماضي علي أرض الكويت. بدأت المعركة حين أعلن خالد الروضان وزير التجارة الكويتي أن الكويت أوقفت استيراد البصل من إيران لأنهم وجدوه فاسداً. وارتفع سعر البصل فوراً، وانتشرت صور علي وسائل التواصل الاجتماعي تبين التزاحم من أجل الحصول علي البصل، وكان من الطبيعي أن يحل البصل المصري بديلاً عن البصل الإيراني، وهنا نزل خصوم مصر إلي الساحة بكل ضراوة. فقد نشروا الشائعات عبر الفيس بوك وتويتر والواتس أب مؤكدين أن البصل وسائر المنتجات الزراعية القادمة من مصر ملوثة، لأنها تروي بمياه الصرف الصحي، وفبركوا صوراً وفيديوهات لمنتجات زراعية يرعي فيها الدود، وروجوا أنها لمنتجات مصرية، واشتعلت الحرب. طبعاً صاحب المصلحة في نشر الشائعات يمكن تحديده بسهولة، وهو أولاً : إيران التي توقف استيراد الكويت منها، وثانياً : الإخوان. وهنا لابد أن أوضح شيئاً مهماً؛ وهو أن الإخوان في الكويت يمثلون قوة لا يستهان بها. إننا نعتقد أن الإخوان بعد 30 يونيو ذهبوا إلي قطر وتركيا فقط، وهذا غير صحيح، فالإخوان في الكويت فتحوا الباب لاستقبال الإخوان المصريين لإبعادهم عن المواجهة مع السلطة. وكي نعرف قوة الإخوان في الكويت أروي هذه الواقعة : كنت أشارك في مؤتمر بالكويت منذ حوالي ثلاثة أعوام، وسمعت أحد المتحدثين، وهو أستاذ جامعي كويتي، يقول إنه كان مرشحاً للوزارة، ثم جاءه اتصال هاتفي من الإخوان ليسأله بوضوح : هل أنت معنا أم لا ؟ وأجاب الأستاذ بالنفي، فكانت النتيجة أنه استبعد من الوزارة. وأظن أن هذه الواقعة تبين مدي سطوة الإخوان في الكويت. نعود مرة أخري للحرب الاقتصادية ضد المنتجات المصرية في الكويت، إن مروجي الشائعات طبعاً لم يسألوا الجهات الرسمية، ولم يتأكدوا إذا كانت المنتجات المصرية قد تم فحصها بدقة أم لا ؟ ولم يتأكدوا من حرص مصر علي توافر الاشتراطات الصحية في منتجاتها التي تقوم بتصديرها. لأن الشائعات ليس فيها تأكد من صحة المعلومات، وليس لها مصدر حقيقي معروف وموثوق به. وقام الكويتيون المحبون لمصر بالرد علي الشائعات بأنفسهم علي نفس وسائل التواصل الاجتماعي، وعلي رأس هؤلاء الأخت عائشة الرشيد، وهي كويتية تلقت تعليمها بجامعة عين شمس، وتري أن مصر هي عمود الخيمة العربية، وتلعب دوراً مهماً في الدعوة لمصر في بلدها، حتي بين المصريين الموجودين هناك، وقد كنت شاهداً علي الدور الذي لعبته هي والسيدة عائشة اليحي عندما قامت ثورة 30 يونيو، وعند انتخاب الرئيس السيسي. كتبت عائشة الرشيد تحذر من أن الشائعات ضد المنتجات المصرية هدفها ضرب العلاقات التجارية المتميزة بين مصر والكويت، وأكدت أن الإخوان في الكويت، وبعضهم من المصريين، وراء نشر الشائعة، وقالت : عشنا في مصر وأكلنا من بصلها وفاكهتها وشربنا من نيلها، ولم يصبنا شيء. وشارك في الدفاع عن المنتجات الزراعية الكويتية الأستاذ باسل جاسر الجاسر الذي كتب يقول : الحقيقة أن قرار منع الخضراوات المصرية صدر من هيئة الغذاء الأمريكية قبل أكثر من سنة، ودحضته تقارير من هيئة الغذاء الأوروبية، وكان الهدف منه هو الضغط علي مصر، فأصدر المعنيون بالكويت قراراً بمنع الفراولة وبعض المنتجات استناداً علي التقرير الأمريكي، وبعدها تم إلغاؤه نظراً لعدم مهنية التقرير الأمريكي الذي كان ظاهراً به العداء لمصر. وذكر في نهاية مقاله : إن أزمة البصل هي أزمة افتعلها الإخوانجية من خلال الشائعات وبعض الأتباع المنتشرين في مفاصل الدولة. إن الحرب الاقتصادية علي مصر لا تتوقف، وعلينا أن نعي هذا، ونضع الخطط لمواجهته، كما نضع الخطط للقضاء علي الإرهاب.