أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن منطقة الشرق الأوسط تمر بفترة من عدم الاستقرار، نتيجة مجموعة أزمات متلاحقة ومتشابكة، حيث تسببت الأوضاع في سوريا وليبيا في موجات غير مسبوقة من الهجرة غير الشرعية، كما نتج عن هذه الأزمات تزايد قدرات وأنشطة العناصر الإرهابية، بما يضع علينا جميعاً مسئولية كبيرة للتأكد من تحقيق الحماية اللازمة والواجبة لشعوبنا من هذه الأخطار، باعتبار الحق في مقاومة الإرهاب أحد أهم حقوق الإنسان، حيث لا يمكن تحقيق تطلعات الشعوب نحو المستقبل الأفضل، دون تأمين حقهم في الحياة الآمنة أولاً. التعايش السلمي جاء ذلك في كلمة الرئيس أمام البرلمان القبرصي، خلال مشاركته في جلسة خاصة به، ووجه السيسي الشكر للشعب القبرصي لدعمه لمصر في حربها ضد الإرهاب، الذي يهدف إلي زعزعة استقرار الشعب المصري وأمنه، وإحداث تمزق في النسيج الاجتماعي لشعبٍ عظيم أثبت علي مدار التاريخ وحدتَه غير القابلة للانقسام، ونبذه للأفكار المتطرفة، وحرصه علي التعايش السلمي بين كافة أبنائه. وقال الرئيس: كما أؤكد أيضاً التزامنا بالتعاون مع الحكومة القبرصية لتوفير الأمن لشعبينا ولكافة شعوب المنطقة، التي تُساند مؤسساتها الوطنية في حربها ضد الإرهاب الآثم، بما يمثله من أخطار علي حياة الشعوب. وشدد علي أهمية تضافر الجهود لمكافحة التطرف قائلا: إننا نؤمن أن التصدي للإرهاب باعتباره أحد أهم المخاطر التي يتعرض لها العالم، لن يتأتَّي إلا من خلال تضافر جهود المجتمع الدولي علي عدة مستويات يتم العمل فيها بالتوازي: سياسياً من خلال التصدي بحسم للدول الداعمة والممولة للإرهاب، وأمنياً من خلال تبادل المعلومات والخبرات، وتنموياً من خلال توفير الظروف المعيشية الكريمة للمواطنين، وثقافياً من خلال تعزيز الحوار بين الحضارات وتطوير الخطاب الديني والفكري بهدف قطع الإرهاب من جذوره. وهي كلها جهودٌ نعمل علي تبنيها في مصر، لتصبح نموذجاً للمنطقة التي نأمل أن تستعيد هدوءها واستقرارها. وفي هذا السياق، فقد كان طبيعياً ان تسعي مصر لتعزيز التنسيق السياسي مع قبرص لمواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة، بشكلٍ يعكس العلاقات التاريخية والثقافية القوية بين البلدين، ويسهم في الارتقاء بقدرتنا علي التصدي للمشكلات التي تواجهنا. البرلمان القبرصي وأكد الرئيس ان حرصه علي الوجود بين اعضاء البرلمان القبرصي يأتي استمراراً لموقف مصر المؤيد لجهود قبرص في محاولة اعادة توحيد الجزيرة، وتأكيدا علي مساندة تلك الجهود بالشكل الذي يتطلع له الشعب القبرصي. واشاد بتمسك البرلمان بدورية انعقاد جلسات المجلس بما يعكسه ذلك من ترسيخ لمبادئ الديمقراطية رغم استمرار القضية القبرصية دون تسوية حتي الان وقال: كنت اتمني ان اتواجد بينكم بكامل الهيئة للمجلس وبحضور الاعضاء المتغيبين عن جلساته منذ ديسمبر 1963. واعرب الرئيس عن ثقته في ان الجهود الصادقة لنظيره القبرصي ستسفر يوما عن تسوية هذه القضية المصيرية والحيوية، لا لشعب قبرص فقط، لكن لمنطقة الشرق الاوسط بأسرها. ونقل السيسي لأعضاء البرلمان رسالة تقدير من الشعب المصري علي مواقف شعبهم النبيلة في دعم التطورات السياسية المهمة، التي شهدتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية بعد ثورة 30 يونيو، وأكد خلالها الشعب المصري علي هويته التاريخية العريقة وتطلعه الي الدولة المدنية الحديثة. وطن ثان وأوضح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ان الرئيس السيسي أكد أن مصر كانت وطناً ثانياً للمواطنين القبارصة الذين عاشوا فيها لفترات طويلة وما زالوا مرتبطين بها وبشعبها، كما ساندت مصر حركة التحرر الوطني وكفاح الشعب القبرصي من أجل الحصول علي الاستقلال عام 1960، يُضاف إلي ذلك علاقات الصداقة بين الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس »مكاريوس»، والتي ساهمت في تعزيز أواصر الصداقة بين شعبي البلدين. حيث ساند الرئيس »مكاريوس» جهود مصر في تأسيس حركة عدم الانحياز، كما شارك كذلك في القمة الثانية للدول الأعضاء التي عقدت في القاهرة عام 1964، والتي أعربت عن شواغل الحركة حيال التهديدات التي تعرضت لها قبرص آنذاك، ودعت الدول الأعضاء إلي الالتزام بميثاق الأممالمتحدة من خلال تأكيد دعم استقلال قبرص وسيادتها ضد أية تدخلات خارجية. وأضاف الرئيس في إطار هذا التاريخ الكبير من العلاقات المتميزة بين الشعبين المصري والقبرصي، أود أن أعرب اليوم عن تطلعنا إلي تعزيز العلاقات بين برلماني البلدين، وتفعيل جمعية الصداقة البرلمانية بين بلدينا للارتقاء بالبعد الشعبي للعلاقات المتميزة بين مصر وقبرص، وهو الأمر الذي لمست اهتمام مجلسكم الموقر به خلال لقائي مع الرئيس السابق لمجلس النواب القبرصي أثناء زيارته إلي مصر في أبريل 2016. واختتم الرئيس كلمته مؤكدا: لقد أتيت لقبرص اليوم، وكلي ثقة أننا سننجح في التغلب علي التحديات التي تفرضها علينا الأوضاع في شرق المتوسط، وأن حكومتي البلدين ستظلان تحظيان بدعم مجلسي النواب في الدولتين في هذا الصدد، وآمل أن تنجح تلك الزيارة في فتح مجالات جديدة للتعاون بين مصر وقبرص وتدفع أطر التعاون القائمة بالفعل بين البلدين إلي آفاق أرحب وأوسع. رئيس البرلمان وأشار المتحدث الرسمي باسم الرئاسة إلي أن الرئيس السيسي عقد قبل الجلسة جلسة مباحثات ثنائية مع رئيس البرلمان القبرصي، أكد خلالها الحرص المتبادل علي دفع العلاقات المتميزة بين الشعبين، خاصة علي صعيد العلاقات البرلمانية. من جانبه أكد ديمتريس سيلوريس رئيس البرلمان القبرصي أن هذا يوم تاريخي لمجلس النواب وقبرص، وأضاف أن وجود الرئيس السيسي داخل مبني البرلمان شرف عظيم، كما أن مشاركته في هذه الجلسة الخاصة لها دلالة عظيمة للشعبين، وكان المجلس قد اجتمع أمس بكامل تشكيله، باستثناء النواب الممتنعين عن الجلسات بصفة عامة، من الجانب الذي تحتله تركيا. وأشار ديمتريس إلي أن وجود الرئيس السيسي بين نواب الشعب القبرصي يؤكد العلاقات الأزلية القوية التي تجمعنا، ويضع قواعد أكثر قوة لتعزيز العلاقات. القواسم المشتركة واعتبر ان القواسم المشتركة بين البلدين تتوج اليوم بعلاقات ثنائية أكثر نشاطا، اضافة إلي تعزيز ذلك من خلال التعاون الثلاثي بين اليونان وقبرص ومصر وهو الأمر الذي رسخ استراتيجية بهدف أسمي لإحلال الأمن والسلام لشعوب المنطقة بأسرها، وأكد أن مجلس النواب يري أهمية عظمي لتوسيع هذا التعاون علي الإطار البرلماني بعقد لقاءات مشتركة، وأشار إلي لقائه مع نظيره المصري الدكتور علي عبدالعال علي هامش أعمال اجتماعات سان بطرسبرج واتفاقهما علي عقد لقاء ثلاثي مع نظيرهما اليوناني لمزيد من التنسيق والتعاون. وأضاف: التنسيق بيننا عامل حيوي من أجل استقرار المنطقة في ظل ما تشهده من صدامات وتفشي ظاهرة الإرهاب البغيضة، وأكد علي تضامن بلاده مع مصر في نضالها ضد الإرهاب، واعتبر ان اسمي حق للإنسان هو الحق في الحياة، ومصر اليوم دعمت دورها المحوري الأزلي في الشرق الأوسط والمتوسط كما انها شريك للاتحاد الأوروبي في كثير من القضايا.