مصطفي بك أمين خبير لا يباري في صناعة نجوم ونجمات صاحبة الجلالة الصحافة، يلتقط الموهبة بحس لا يباري، فيضعه علي طريق النجومية بموضوعات غير تقليدية يتقمص خلالها الصحفي شخصية تمتهن حرفة ما في المجتمع لكشف أسرارها وخباياها وما يدور في كواليسها.. ففي عام 1958 كان المجتمع يشكو من سد منافذ العمل أمام الفتيات.. وأراد مصطفي أمين أن يثبت أن المتقاعسات فقط هن من يرددن هذه الشكوي.. وأن الفتاة إذ ما أرادت أن تعمل فيمكنها أن تعمل في مهن يحتكرها الرجال لتثبت ذاتها وتؤكد نجاحها.. وتطبيقا لرؤيته كلف الصحفية مفيدة حلمي بعمل تحقيق صحفي لمجلة " الجيل " ترتدي خلاله زي " الجرسونات " لتعمل به في واحد من المطاعم لرصد تقبل المواطن من عدمه لأول " جرسونة " في مصر، خاضت مفيدة حلمي التجربة متخيلة نفسها فتاة تحمل شهادة جامعية تبحث عن عمل حكومي فلم تجد مما اضطرها أن تعمل " جرسونة " وقالت في التحقيق الذي نشر بعنوان " أنا أول جرسونة " السطور التالية : - " بحثت عن عمل بشهادتي الجامعية فلم أجد فقررت أن أعمل جرسونة.. فكان رد عائلتي " أقعدي في البيت 20 سنة ولا تعملي جرسونة ".. لكني قررت أن أتحدي الأفكار التي تعارضني.. لأني أؤمن أن الفتاة تستطيع أن تحترم نفسها في أي مكان تعمل فيه.. كما أن معاملة الزبون في المطعم لا تعني أن أجاريه في قلة الأدب ". وتضيف : تقدمت لصاحب ملهي " الفونتانا " فأطلق ضحكة وأجابني بسخرية ! فقلت له : " جربني ". فقال : انتي من عائلة محترمة جربي أي عمل كتابي.. ثم وافق علي إعطائي الفرصة. في اليوم التالي قصدت مصممة الأزياء إيفون ماضي لعمل زي جرسونة فتحمست للفكرة وأهدتني زي الجرسونة، واستلمت العمل ورحب بي زملائي الجرسونات الرجال لأنه كان لديهم ثقة بفشلي ! في أول يوم عمل تقدمت إلي أحد الزبائن وكان عصبيا.. قلت له : - " طلباتك يابيه ".. فلم يرد وأخرج من جيبه " شلن " وأعطاه لي لأنه تصورني بائعة طوابع خيرية.. ثم نادي قائلا : " جرسون ". قلت : أنا الجرسونة يافندم.. فقال : جرسونة في مصر.. برافوووو. وهناك زبونة أخري قالت لي : " شعرت كأني في أوربا حين رأيت الجرسونة ". فقلت لها : " أنا مفيدة حلمي الصحفية بمجلة " الجيل " أردت أن أبحث عن حقيقة ما يقال إن معظم الأبواب تغلق في وجه الفتاة المصرية.. وقد اتضح لي بعد هذه التجربة أن من يريد العمل.. سواء شاباً أو فتاة عليه أن يبحث.. يتعب.. ويجد ليجد النجاح.. فلا أحد يجلس في بيته يستمع لكلام الناس ويريد أن يدق العمل بابه.. فيجب أن تتعب حتي تنجح. *** تلك سطور انتقيناها من التحقيق الذي نشرته مجلة " الجيل " وربما يكون به رسالة لشباب اليوم الذي يضيع عمره بالمقاهي انتظارا للوظيفة الميري ! مجلة الجيل - 1958