نجل رابين وضابط متقاعد ومستشاران سابقان لبيريز علي رأس المدعوين صحفية إسرائيلية كشفت أسرار العلاقات بين تل أبيب والدوحة تزامناً مع القمة المغربية - القطرية وصايا قطر لإسرائيل: المقاطعة ستطول.. استغلوا الفرصة.. اقتحموا أسواقنا.. ونحن مستعدون حاملو جوازات السفر الزرقاء تلقوا التأشيرة علي البريد الإليكتروني قبل أسبوعين من موعد المؤتمر الضيوف أقلعوا من تل أبيب إلي لارناكا ومنها بطائرة قطرية عبر سوريا والعراق وإيران إلي الدوحة الوفد الإسرائيلي ضم 5 شخصيات معلنة و3 سرية وتابع حركة بيع منتجات الدولة العبرية في قطر 8 شخصيات إسرائيلية حلت ضيوفاً علي الدوحة في ذات توقيت زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس بن الحسن لقطر، هوية 5 من تلك الشخصيات فقط كانت معلنة، جاء في مقدمتهم يوفال رابين نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحاق رابين، بالإضافة إلي ضابط الجيش الإسرائيلي العميد متقاعد عيبال جلعادي. المفارقة المثيرة التي فرضت نفسها علي الضيافة غير التقليدية، تمثلت في بقية أعضاء الوفد الإسرائيلي، أو بالأحري الشخصيات الثلاثة التي لم تعلن أية جهة عن هويتهم، تماماً مثل معلبات المواد الغذائية الإسرائيلية، التي تعلو أرفف كبريات المراكز التجارية في الدوحة، فرغم انتزاع هوية تلك المعلبات قبل عرضها أمام الجماهير، يؤكد القطريون أنفسهم أنها إسرائيلية المنشأ، ولا تختلف عن مستحضرات تجميل البحر الميت المقبلة من الدولة العبرية، وحث المستضيفون ضيوفهم علي انتهاز فرصة المقاطعة العربية المفروضة علي بلادهم، ودخول السوق القطرية من خلال منتجاتهم، التي تلقي ترحيباً لدي الإمارة الخليجية. وفيما تثير تلك المعلومات دهشة مطالعها، لاسيما عند مقارنتها بلغة خطاب الدوحة، المُعادي لتل أبيب في العلَن، تتسع الأحداق عند اكتشاف التفاف الإيرانيينوالقطريين والإسرائيليين حول طاولة واحدة، يتبادل كل طرف منهم استعراض وجهات نظره بأريحية وربما بحميمية طبيعة الواقع الجديد في منطقة الشرق الأوسط. الأكثر من ذلك أن الممثلين الإيرانيين لم يستنكفوا الظهور بجرأة أمام كاميرات وسائل الإعلام، والانصات للصحفية الإسرائيلية المخضرمة سميدار بري، خبيرة الشئون العربية في صحيفة يديعوت أحرونوت، حينما تهادت أمام الجميع، واستفاضت من العاصمة القطرية في تحليل طبيعة المشهد في المنطقة بمنظور إسرائيلي. المكان: فندق ريتز كارلتون الدوحة. الزمان: الأحد قبل الماضي. المناسبة: المؤتمر الاقتصادي القطري. الراوي: الصحفية الإسرائيلية سيمدار بري، وما نشرته في ملحق »السبت» الأسبوعي لصحيفة يديعوت أحرونوت. بصياغة أدبية رصينة قالت في تقريرها: إن حاملي جوازات السفر الزرقاء (الإسرائيليين) هبطوا علي سُلم طائرتهم في مطار الدوحة، تنزهوا في السوق الرئيسية للعاصمة القطرية، وجلسوا حول طاولة واحدة مع ممثلي إيران في المؤتمر. في بهو الفندق الفاره، مساء الأحد قبل الماضي، جلس مجموعة من الرجال القطريين، يرتدون جلابيب ناصعة البياض، وغالبهم السحر وهم يتابعون لقاء التليفزيون السعودي من الرياض مع رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري. لم يبد القطريون ثقة في مصداقية حديث الحريري، ودوَّن كل متابع منهم ملاحظات علي اللقاء، همس بها إلي نفسه. ترحيب بضيوف إسرائيل وفي انتقال سريع من تلك الأجواء، أشار تقرير الصحفية الإسرائيلية إلي مرور خمسة أشهر علي مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب »مصر، السعودية، الإمارات، والبحرين» علي قطر. وفي حين صاغ القطريون دعوة مؤتمرهم الاقتصادي بأسلوب يحظر علي مواطني الدول المشاركة في المقاطعة الحصول علي تأشيرات قطرية، استقبلت الإمارة الخليجية الأكثر ثراءً في العالم بحسب تعبير الصحيفة العبرية الضيوف الإسرائيليين بترحاب بالغ، إذ حضر المؤتمر 8 إسرائيليين من بينهم عضو الكنيست السابق أرئيل مرجليت، ويوفال رابين نجل رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين، والعميد احتياط في الجيش الإسرائيلي عيبال جلعاد، والدكتور نمرود نوفيك، ونيدف تامير مستشارا الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز. وفي حين وقفت سميدار بري عند هذا العدد في الكشف عن الشخصيات الإسرائيلية الثمانية المشاركة في المؤتمر، ما يفرض علامات استفهام حول هوية الشخصيات الثلاثة الباقين، قالت إن ممثلي إسرائيل جميعاً شعروا بالترحيب في الدوحة، وتجولوا بحرية كاملة في السوق الرئيسية بالمدينة، وزاروا المتحف القطري، وتحدثوا اللغة العبرية في كل مكان. خلال مختلف اللقاءات التي جرت علي هامش المؤتمر، كرر القطريون قولهم بأن »المشاكل التي تطارد قطر في الوقت الراهن لا تتعلق تقريباً بإسرائيل». من دون حراسة وتقارن الصحفية الإسرائيلية بين زياراتها السابقة لقطر وبين نظيرتها الحالية، مشيرة إلي تلقيها تأشيرة الزيارة عبر بريدها الإلكتروني قبل أسبوعين من إقلاع الطائرة من مطار بن جوريون، وليس في اللحظات الأخيرة كما كان متبعاً قبل ذلك. وفي مكتب جوازات السفر بمطار الدوحة، قدمت سميدار بري جواز سفرها الإسرائيلي وتأشيرة الدخول، لكن موظف المطار أمعن النظر في الأوراق وطلب منها الانتظار لاستشارة رئيسه في العمل، وهو التصرف الذي لم يتعامل به الموظف ذاته مع الإسرائيليين الثمانية، الذين أنجزوا تلك الإجراءات بمنتهي السرعة، لكنها تفهمت بأن جواز سفرها الذي يحمل أكثر من تأشيرة لدخول الدول العربية، ربما استلزم فحصاً أكثر من جوازات السفر الإسرائيلية الأخري. في ثاني أيام الزيارة علم جميع حضور المؤتمر بما في ذلك الإيرانيين بوجود الوفد الإسرائيلي، لكن ما لفت انتباه الجميع كان يوفال رابين نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، الذي تحرك في العاصمة القطرية بحرية تامة ومن دون حراسة ترافقه. ووفقاً لتقرير الصحيفة العبرية، تلك هي المرة الثانية عشرة التي تقيم فيها قطر مؤتمراً اقتصادياً، لكن الأمير القطري غاب هذه المرة عن جلسته الافتتاحية، ففي الماضي اعتاد علي الحضور والهجوم علي إسرائيل ورئيس حكومتها في كلمته، وكرر في كل مرة سبقت التزامه بعدم إقامة أية علاقات مع إسرائيل حتي تجد القضية الفلسطينية حلاً متفقا عليه. الملك حالياً منشغل مع العاهل المغربي محمد السادس، الذي زار قطر للعب دور الوساطة بين الرياضوالدوحة في محاولة للبحث عن حل للأزمة المتفجرة في الخليج. بدلاً منه افتتح المؤتمر وزير المالية القطري شريف العمادي، الذي ألقي كلمة مقتضبة للغاية، اقتصر فيها علي الحديث عن المقاطعة لبلاده، والترحيب بضيوف المؤتمر. 70% من الشعب أجانب وتنقل الصحفية الإسرائيلية عن أحد رجال الأعمال القطريين قوله: »يُحظر علينا إثارة غضب السعودية. بالأمس القريب اعتبرت الرياضقطر »مشكلة صغيرة»، ونحن نريد الحفاظ علي هذا الموقف، حتي لا ترسل لنا السعودية قوات من جيشها، كما سبق وهددت». وفي حين لا تتردد الفضائية القطرية عن التدخل في الشأن السعودي والعربي بشكل عام، قال رجل الأعمال القطري للمراسلة الإسرائيلية: »الأمير تميم أصدر أوامره بالصمت حيال كل ما يتعلق بالشأن السعودي، ونحن استجبنا لذلك». وتشير سيمدار بري في تقريرها إلي أن صور أمير قطر تطل من كل زاوية في الإمارة الخليجية، التي يقطنها 3 ملايين نسمة، 70% منهم عمال أجانب، وفي أوج الأزمة القطرية - السعودية، انتشرت آلاف اللافتات الهائلة التي تحمل صور الأمير، فيلحظها القاصي والداني في مطار الدوحة والميادين والمراكز التجارية الكبيرة والمؤسسات والمكاتب الحكومية، فصورة الأمير تستقر كذلك علي حوائط بهو فندق ريتز كارلتون الدوحة، وتهدف هي وغيرها إلي إظهار تأييد الحاكم علي خلفية الأزمة. 3 زوجات لتميم وتسهب الصحفية الإسرائيلية في الحديث عن سيرة ذاتية، ربما يمكن اعتبارها جديدة لتميم، مشيرة إلي أن الأمير البالغ من العمر 37 عاماً لا يلفت الاهتمام مقارنة بالأحداث والتطورات الجسام، التي أحاطت به خلال الأسابيع القليلة الماضية، فيقيم في قصر من الرخام الأبيض وسط الدوحة، وهو متزوج من ثلاث نسوة، واستقبل مؤخراً طفله الثامن. التمس خطبة زوجته الأولي جواهر عام 2005، وآثر بتلك الزيجة توطيد علاقته بعشيرته، وفقاً لما نقلته سيمدار بري عن مصدر إعلامي قطري، لكنه تزوج بعد خمسة أعوام وفي 2010 من سيدة تدعي عنود بعد قصة عشق ملتهبة. أما زوجته الثالثة نوره فارتبط بها قبل عامين تقريباً، وحرص عند زواجه منها علي تقوية صورته الذكورية، وإثبات قدرته علي الارتباط بأكثر من امرأة! الطريق من ميناء بن جوريون الجوي بتل أبيب إلي مطار العاصمة القطرية، استحوذ علي مساحة في تقرير الصحفية الإسرائيلية، إذ أشارت إلي أن الطائرة التي أقلتها والشخصيات الإسرائيلية الثمانية هبطت في طريقها للدوحة بمطار لارنكا في جزيرة قبرص، ومن هناك أقلتهم طائرة تابعة للخطوط الوطنية القطرية، وبسبب الحصار الجوي المفروض علي قطر، أغلقت أمام شركة الطيران القطرية الموانئ الجوية والبحرية السعودية والبحرينية والإماراتية، ما اضطر قائد الطائرة إلي التحليق في مسارات غير تقليدية بالنسبة للإسرائيليين وهي سوريا والعراق وإيران. وفي تلميح إلي مخاطر الرحلة، قالت سيمدار بري إن السؤال الذي تبادر للركاب الإسرائيليين في هذه الرحلة هو: ماذا يحدث إذا تعرضت الطائرة القطرية لعطل مفاجئ اضطرها إلي الهبوط خلال رحلتها من لارنكا للدوحة؟!، وزادت: لم يبدُ عبر نوافذ الطائرة سوي السحاب والسماء، وحينما أعلن ربان الطائرة اقترابها من الهبوط في مطار الدوحة، تنفس الجميع الصعداء. قبل شهرين، وفي أوج الأزمة، وبعد إعلان تميم رفضه إغلاق قناة الجزيرة التي يمتلكها، تصاعد الموقف، وكسرت الجزيرة التي تتخذ من إحدي القواعد العسكرية مقراً لها الاتفاق الذي أبرمه مجلس التعاون الخليجي، ونص علي عدم الهجوم علي الزعماء، وعلي النقيض تبارت فضائية تميم في استضافة أكثر من شخصية للهجوم علي مصر والسعودية ودول الخليج، ونظراً لاعتماد قطر في السابق علي استيراد يومي للسلع الغذائية من السعودية، اضطرت الدوحة بعد المقاطعة إلي تفعيل قطار جوي لاستيراد احتياجاتها اليومية من الألبان من إيران، والفواكه والخضراوات من أمريكا الجنوبية، والأجبان من فرنسا، والخبز والعجائن من عُمان. وتنقل الصحفية الإسرائيلية عن رجل أعمال قطري قوله: »ما يجري الآن فرصة عظيمة لظهور إسرائيل في الصورة، وتمكينها من دخول السوق القطرية بسهولة غير مسبوقة»، لكن تقرير الصحيفة العبرية يؤكد أن أصحاب جوازات السفر الزرقاء (الإسرائيليين) دأبوا بالفعل ومنذ فترة ليست بالقليلة علي تصدير بضاعتهم إلي قطر عبر دولة ثالثة. اصطحبت الصحفية الإسرائيلية وفد بلادها في جولة بأحد المراكز التجارية العملاقة بالدوحة، ورافقهم في الجولة أحد كبار الشخصيات الرسمية القطرية، وتقول بري: »خلال الجولة تحركنا بين صنوف البضائع المعروضة في المركز التجاري، وقبل يوم الخامس من يونيه الذي فرضت فيه المقاطعة علي قطر، كانت 80% من البضائع مستوردة من السعودية، لكن بعد هذا التاريخ تغيرت هوية السلع وحملت شعارات لشركات فارسية وإسبانية وبنغالية. وأشار المرافق القطري للبضائع قائلاً: »نستورد العنب من بريطانيا، وهذه البضائع من البرتغال». أما المعلبات الغذائية فبدت مجهولة المنشأ، لكن المرافق القطري أشار إليها قائلاً: »هذه بضاعتكم.. من إسرائيل، إنها تأتي إلينا عبر دولة ثالثة». وصية قطرية وتعلق سميدار بري في تقريرها علي البضائع الإسرائيلية، مشيرة إلي أنها تأتي من إسرائيل، بعد خروجها تُنتزع علامتها التجارية في إحدي الدول، أغلب الظن أنها قبرص أو دولة أوروبية أخري، وتشق طريقها إلي الأسواق القطرية. ويوضح المرافق القطري بتباهٍ مخاطباً الوفد الإسرائيلي: »نحن نعرف البضاعة الإسرائيلية جيداً، حتي إننا نستطيع تمييز مستحضرات تجميل البحر الميت المقبلة من الدولة العبرية. من يقرأ المشهد جيداً يعلم أن النزاع في منطقة الخليج لن ينته قريباً، لذلك يجب عليكم انتهاز الفرصة، وزيادة معدل سلسلة الصادارات الإسرائيلية إلي قطر، فنحن مستعدون لذلك جيداً». وتنتقل الصحفية الإسرائيلية في تقريرها إلي داخل المؤتمر الاقتصادي، مؤكدة أن إدارة المؤتمر خصصت لها مساحة لإلقاء محاضرة حول صورة الوضع في منطقة الشرق الأوسط بمنظور إسرائيلي، عندئذ لم يغادر القاعة أي من المشاركين بما في ذلك ممثل إيران، الذي لم يخش الكاميرات حينما وثقت جلوس المشاركين مع الوفد الإسرائيلي حول طاولة واحدة. كل ما كان يعني الحضور معرفة ما إذا كانت إسرائيل تعتزم توجيه ضربة عسكرية لحزب الله في الجنوب اللبناني من عدمه. وتضيف سيمدار: »سمعت كثيراً من حضور المؤتمر عن طبيعة التنسيق بين إسرائيل والسعودية حول احتمالية توجيه ضربة عسكرية مشتركة لقواعد حزب الله في لبنان. ووسط حديثي قفز أمامي شخص إيراني، كان ينصت بشكل ملحوظ إلي حديثي، وقال: »لن يحدث ذلك أبداً، فالسعودية غارقة بعمق في اليمن، ونتانياهو لن ينفذ حلم السعودية، ويقبل بتلك الصفقة السوداء والخطيرة». استضافة المونديال خارج قاعة المؤتمر الاقتصادي، وصلت درجة الحرارة إلي 35 درجة، وهي أقل بكثير مما كانت عليه خلال الأسابيع الماضية. وترصد سميدار بري في تقريرها الآلاف من العمال الأجانب وهم يواصلون عملهم لاستكمال إقامة المتحف القطري الجديد، الذي تصممه وتقوم علي بنائه اليابان، بالإضافة إلي تدشين محطات مترو أنفاق جديدة، وبناء استاد خليفة الوطني، المقرر استضافته مباريات المونديال في غضون 5 سنوات. وسنَّت الحكومة القطرية قانوناً جديداً لتحديد ساعات عمل الأجانب، وتحسين ظروف إقامتهم، وحصولهم علي الخدمات الصحية اللازمة، لكن هذا القانون بحسب ما نقلته الصحفية الإسرائيلية عن شخصيات قطرية وصفتها بالمحليين لم يمنع المقاولين من التعامل بطرق غير إنسانية مع العمال الأجانب.