لم تتلق حكومة أثيوبيا مقترحا أو مطلبا مصريا، بشأن سد النهضة »النكبة» الا رفضته. فمنذ قيامها بتدشين المشروع، بعد اندلاع ثورة يناير 2011، تضرب عرض الحائط بنصوص الاتفاقيات الموقعة والقانون الدولي، التي تحظر اقامة اية مشروعات علي النيل دون موافقة الشركاء. ووصل غرورها إلي حد استهانة أحد وزرائها مؤخرا، بقدرة مصر علي توجيه ضربة عسكرية لمنشآت المشروع، لانشغالها علي حد قوله بمحاربة الارهاب والأزمة الاقتصادية، رغم أن مصر تبنت رسميا مبدأ التعاون، واعترفت بحق اثيوبيا في التنمية، دون التأثير علي حق شعب مصر التاريخي في مياه النيل، الذي يمثل له المصدر الأساسي للحياة. دخلنا في جولات مفاوضات متعددة، طالت كثيرا بسبب المراوغات الاثيوبية.. انتهت إلي اعلان مبادئ، والاتفاق علي اللجوء لمكتبين اوروبيين لاعداد الدراسات حول المشروع، وتجنب ما يمكن ان يحدثه من كوارث، لكن الاثيوبيين رفضوا مكتبا هولنديا واصروا علي مكتب فرنسي، ورغم ذلك رفضوا الاسبوع الماضي التقرير المبدئي للمكتب الذي اختاروه. وطوال تلك السنوات، كثفت اثيوبيا وأعوانها الجهود للاسراع بانجاز المشروع، ووضع مصر أمام الأمر الواقع. لقد طالبت من خلال هذه الزاوية قبل عدة سنوات، تعقيبا علي تصريح لوزير الري المصري آنذاك بأن مصر لديها سيناريوهات متعددة للتعامل مع القضية وتطوراتها، طالبت باستخدام كل ما يمكن من أوراق سياسية ودبلوماسية وقانونية، لحشد الضغوط علي اثيوبيا، مع المضي قدما علي طريق المفاوضات، لتفويت الفرصة علي سياسة كسب الوقت، التي تتبعها اديس أبابا. كل المؤشرات تؤكد ان المتآمرين علي مصر الذين وجدوا في أثيوبيا ضالتهم كثر، وهذا يفسر استمرار التعنت. ما يستلزم استخدام كل الخيارات السلمية المتاحة، مع عدم استبعاد الضربة العسكرية، كخيار اضطراري أخير، قبل ملء السد، للدفاع عن وجودنا.