مؤلف ومترجم ومهندس عسكري ومشرف علي السكك الحديدية وعاشق للكتب والتراث ومؤرخ لحركة المكان داخل الزمان ومنشئ للصحف وأب للتعليم. كل هذه المزايا اجتمعت في رجل واحد اسمه علي مبارك المولود في قرية برنبال مركز دكرنس دقهلية عام 1823. في البداية لم يكن الطريق أمامه سهلا أو مفروشاً بالورود بل لاقي الأمرين في التعليم علي يد شيوخ قساة غلاظ القلب في الكتاتيب ومع ذلك حفظ القرآن الكريم. ويشاء القدر أن ينصهر علي مبارك في بوتقة التجارب ليخرج نقي الجوهر فأصيب بالكوليرا ودخل السجن بسبب وشاية ثم اشتغل أشغالا بسيطة لا تسد رمقه حتي التحق بمدرسة قصر العيني. ثم انتقل إلي مدرسة الهندسة بأبي زعبل كانت المدرسة الجديدة خيراً من المدرسة القديمة وأحس بتقدم المستوي التعليمي فيها. وأدرك من خلال تعليمه أن مشكلة التعليم هي مشكلة المعلم وليست مشكلة التلاميذ.. ثم دخل مدرسة المهندسخانة ببولاق ودرس فيها كل فروع الهندسة حتي آخرها وأرسله الوالي محمد علي بعثة إلي فرنسا وتعلم الفرنسية هناك.. وعاد إلي البلاد في ولاية عباس عهد انكماش في التعليم فلم يعط للعائدين نظرة تقدير. ولما تولي محمد سعيد وشي به ففصله من نظارة المدارس وبعثه في حملة عسكرية لمحاربة روسيا مع الدولة العثمانية 1851. ولما تولي إسماعيل باشا ألحقه بمعيته ثم عينه في نظارة القناطر الخيرية ثم أسندت إليه إدارة مصلحة السكة الحديد ثم أنعم عليه برتبة الباشوية فصار يعرف بعلي باشا مبارك.. ثم اسندت إليه إدارة دواوين الأشغال والمدارس والأوقاف فجمع بين هذه المناصب وأدخل فيها إصلاحات كثيرة.. وقد أنشأ مدرسة دار العلوم ليتخرج منها معلمو اللغة العربية ويدرسوا طرق التعليم والعلوم الحديثة. وأنشأ مجلة روضة المدارس المصرية رأس تحريرها رفاعة الطهطاوي.وأنشأ دار الكتب ونظم في وزارة الأشغال شوارع القاهرة ومنها شارع محمد علي بالقلعة وميدان وشوارع الأزبكية وأضاء المدينة بغاز الاستصباح وقد عملت الوشاية والحسد عملها فأقصي عن كل الأعمال ثم أعيد إليها مرة أخري. وانتقل علي مبارك إلي رحمة الله في 14 نوفمبر 1893. • هاشم عبدالرحمن عمر الإسكندرية