لا أدري لماذا قفزت في ذهني عبارة »يا خرابي يا عرابي» عندما شاهدت د. يوسف زيدان المتخصص في الفلسفة وليس التاريخ يهاجم - في حديث فضائي مع الإعلامي عمرو أديب - الزعيم أحمد عرابي الذي نعرفه جميعا بأنه أحد رموز الحركة الوطنية المصرية علي مدار تاريخها. مصدر اندهاشي أن د. زيدان دأب علي تشويه رموز الوطن وتهجمه علي صلاح الدين الأيوبي ليس بعيدا والسؤال الآن لماذا تصر فضائياتنا علي أن تقدم دائما وأبدا ومع سبق الإصرار كل ما يثير الجدل وتبتعد أن أي شيء طبيعي تقبله غالبية الشعب ولن أقول الشعب بأكمله وللناس فيما يعشقون مذاهبه.. قدم عمرو أديب فقرته التي استضاف فيها د. زيدان بأن هدفها إعادة الناس للقراءة لكنه انجرف مع ضيفه لحديث ليس له معني عن أحمد عرابي مثيرا حالة من الجدل التاريخي، بعد هجومه علي عرابي ووصفه بالرجل الذي جلب 70 عاما من الاحتلال البريطاني علي مصر، ومنكرا واقعة مظاهرة 9 سبتمبر 1881 التي قال فيها عرابي للخديوي: إننا لن نورث بعد اليوم، مدعيا أنها لم تحدث من الأساس وأن عرابي افتعل ثورته لمطامع شخصية رغبة في أن يحكم مصر رغم عدم وجود ما يؤهله من قوة أو سياسة.. ويبدو أن غطرسة الدكتور زيدان التي تتنافي تماما وتبتعد عن تواضع العلماء واصل الرجل هجومه حتي علي أحد رموز الطرب الهضبة عمرو دياب وهو حي يرزق يستطيع الدفاع عن نفسه.. أما الزعيم أحمد عرابي فله علماء التاريخ. لا أنصب نفسي حكما علي ما قاله الدكتور زيدان عن الزعيم أحمد عرابي فهذه مسئولية علماء التاريخ وفي اعتقادي أن آفة مجتمعنا في هذه الأيام أن الكل يتحدث في كل شيء وكأنما ذاب التخصص فالدكتور زيدان متخصص في الفلسفة ويتحدث في التاريخ والفن مثل غالبية الشعب الذي يتحدث في الكرة مثل جارديولا ويعتبر كل فرد نفسه أفضل من أي مدرب في العالم. الحقيقة أن علماء التاريخ لم يتركوا الدكتور زيدان واشتعلت حالة من الجدل التاريخي لكن كل الآراء أو علي الأقل معظمها تؤكد عدم صحة ما قاله حيث قال الكاتب الصحفي الكبير والباحث أستاذنا صلاح عيسي إنه »لا يمكن إنكار مظاهرة 9 سبتمبر والوثائق البريطانية والفرنسية ذكرتها وتناولتها».. بينما رد الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ بجامعة حلوان علي ما ذكره زيدان قائلا: »إنه متخصص في الفلسفة ويجب أن يظل في تخصصه وليبتعد عن التاريخ، هذا كلام غير حقيقي ولا أعرف من أين أتي به وما مصدره». واكتفي بهذا القدر اليسير من الردود التي انهالت علي الدكتور زيدان حتي من سلالة الزعيم عرابي فالهدف هنا ليس نشر ردود كتيبة المدافعين عن الزعيم أحمد عرابي ضد افتكاسات الدكتور زيدان لكنها فقط نقطة نظام لنعطي دائما العيش لخبازه وألا نختلق معارك جدلية علي الملأ فهذه المعارك إذا كان لابد منها فمكانها قاعات البحث والمجامع العلمية وليس في الفضائيات. علي المجلس الأعلي للإعلام وعلي رأسه الكاتب الصحفي الكبير أستاذنا مكرم محمد أحمد وما يضمه من نخبة من كبار الكتاب والإعلاميين أن يضع هذه القضية المهمة نصب عينيه ليس بحرمان أحد من الظهور في الفضائيات أو حتي الرقابة علي ما يقال لكن فقط التدقيق فيمن يقتحمون البيوت عبر الشاشات خاصة من تكررت منهم مثل هذه الهفوات التي أثارت الجدل وواقعة فتوي جماع الوداع ليست ببعيدة وغيرها من الوقائع الكثير والكثير. مع احترامي وتقديري بل وإعجابي بما يطرحه الإعلامي الكبير عمرو أديب إلا أنني أعتبر فقرة د. يوسف زيدان كبوة فارس أناشده ألا يكررها. بقي قليل من الشرح لعبارة »يا خرابي يا عرابي» فهي أحد أشهر مانشيتات الصحافة المصرية كتبه الناقد الرياضي الكبير المرحوم الأستاذ حمدي النحاس بعد لقاء الاتحاد السكندري والإسماعيلي في نصف نهائي بطولة كأس مصر موسم 1973-1974 بعدما تصدي حارس الاتحاد الأسطورة حسن إبراهيم عرابي والشهير بعرابي لخمس ركلات جزاء في سابقة أدخلت عرابي موسوعة جينيس للأرقام القياسية.