بعدما انتهت زيارة الدكتور عصام شرف للعريش، وبعدما استمع الي مطالب شيوخ قبائل سيناء، وبعدما أكل معهم »عيش وملح« وابدي اهتماما باحتياجاتهم قال لهم بصدق: طلباتكم.. اوامر! ورئيس حكومة الثورة جاد فيما وعد به اهلنا في سيناء لانها تعتبر مشروعا قوميا واعدا بعد سنوات النسيان والعزلة!. ولذا أقول: حان الوقت لتصبح سيناء في بؤرة الاهتمام وتخرج من دائرة الاهمال وتكون هدف مشروعات التنمية والبناء في كل شبر منها لاستخراج كنوزها من المعادن في الجبال ولزراعة رمالها من مياه النيل عبر ترعة السلام فقد ظلت سيناء علي مدي حقبة طويلة خارج نطاق خريطة التعمير رغم اهميتها الاستراتيجية باعتبارها بوابة مصر الشرقية والتي تعبر منها الغزوات الخارجية علي مدي التاريخ وعاني اهالينا هناك من ويلات الحروب التي عاشتها سيناء من حرب 84 وحرب 65 وحرب 76 الي حرب اكتوبر 37 وقاسي بدو سيناء سبع سنوات من الاسر تحت الاحتلال الاسرائيلي.. وحينما تحررت الارض بالكامل حتي آخر شبر في طابا وعادت الي حضن الوطن الام لم تجد الاهتمام المنتظر الذي يعوضها حقبة النسيان وكأنما سيناء ليست علي خريطة مصر.. وآن الآوان لكي تخرج مشروعات التنمية الي النور وتتحول الي واقع ملموس.. وأليس غريبا ان تظل سيناء علي حالها علي مدي ثلاثين عاما بعد التحرير من العريش شمالا والي الوسط والجنوب عدا المشروعات السياحية في شرم الشيخ، وبينما علي الناحية الاخري من الحدود تنتشر المستوطنات في صحراء النقب وتمتد بالمزارع والتعمير وتمتليء بالمستوطنين اليهود!. وكان المفروض ان تتجه التنمية الي هذه المساحات الشاسعة من سيناء بدلا من مشروع توشكي الذي انفقت المليارات عليه ولم يؤت ثماره، وظلت قبائل بدو سيناء تفتقر الي الخدمات والمشروعات اللازمة لتشغيل الشباب وتولد عندهم احساس بالظلم وبأنهم لا يتلقون الرعاية الواجبة مثل سكان الدلتا والوادي.. واتذكر ان سلاح المهندسين وضع مشروعا في الخمسينيات لتعمير سيناء واقامة خطوط من القري الدفاعية علي نمط المستوطنات الاسرائيلية في النقب وبحيث يتم تسكينها واستزراع الاراضي حولها من مياه الآبار ولكن حالت ظروف الحروب المتوالية دون تنفيذ المشروع. واتصور انه من الممكن ذلك بعد توصيل مياه النيل الي سيناء وامكانية زراعة مساحات من سهل الطينة واتاحة الفرصة لتملك اهلها للارض وعدم بيعها للاجانب باعتبار انها ضرورة للامن القومي ومن الممكن اجتذاب المستثمرين لاقامة مشروعات التعدين في الوسط ومشروعات الثروة السمكية في الشمال »في بحيرة البردويل« وبذلك يمكن توفير آلاف فرص العمل للشباب وامتصاص جانب من البطالة.. وكانت تجارة السلاح والمخدرات هي البديل للتنمية ووجدت رواجا في سنوات الاحتلال الاسرائيلي وظلت الامور علي حالها حتي بعد عودة سيناء.. والغريب انها تظل محرومة من قطار السكة الحديد القديم من القنطرة والذي كان موجودا قبل حرب 65، وكنت اسافر الي العريش ورفح بذلك القطار عبر كوبري الفردان. واتذكر حينما رافقت قوة الطواريء الدولية والتي كانت تتقدم علي الساحل الشمالي وراء القوات الاسرائيلية المنسحبة وشاهدت عمليات التخريب التي يقوم بها الاسرائيليون حيث ينزعون قضبان السكك الحديدية ويأخذونها معهم ويحرثون الطريق البري ويزرعون الالغام.. وبعدها حدثت حرب يونيو وعاد الاحتلال!. وبعد تحرير سيناء عاد قطار العريش ولكنه توقف وغطت الرمال اجزاء من الخط وقام اللصوص بسرقة القضبان. ان مساحة سيناء تقارب سدس مساحة مصر ومع ذلك فان تعداد سكانها لايزيد علي نصف مليون، وهو يتطلب وضع استراتيجية شاملة لتعمير سيناء وتقوم علي ركائز محددة: التنمية اجتماعيا واقتصاديا وعمرانيا حتي يشعر اهلها من البدو والحضر بالانتماء، وذلك بتوفير الخدمات والاستثمارات لتشغيل الشباب وحمايتهم من التطرف والخروج علي القانون مثل تجارة المخدرات. اتاحة فرص العمل في المشروعات السياحية في الجنوب امام شباب سيناء حتي يشعروا بانها مصدر الرزق لهم وزيادة التنشيط السياحي مثل تراخيص التاكسيات وفتح المجال لرحلات السفاري والخيام في الصحراء. اقامة قري جديدة في وسط سيناء وتوطين الراغبين في زراعة اراضيها.. بدلا من الذهاب للعمل في اسرائيل وتشجيع اقامة قري سياحية في دهب وطابا حيث تتميز شواطئها بالمياه الدافئة والرمال الناعمة. استكمال المشروعات الخدمية المطلوبة للسياح وبدليل ان مستشفي طابا غير مجهز ويتم علاج السياحة في ايلات، وكذا وسائل المواصلات والنقل غير متوافرة ومن شرم الشيخ الي طابا. وما يبعث علي الأسي انه حتي ترعة السلام زحفت الكثبان الرملية علي جانبيها ولم تنفذ مشروعات التنمية الزراعية للاستفادة من مياه النيل.. وهو ما يثير التساؤل: لماذا استمر ذلك الاهمال علي مدي ثلاثين عاما؟!. واكرر وعد الدكتور عصام شرف لأهالينا في سيناء: طلباتكم.. اوامر! ومازالوا في الانتظار.