ذكر اسم الأستاذ طارق عامر رئيس البنك الاهلي واتحاد البنوك الاسبوع الماضي في »الأخبار« مرتين. الأول وهو يبحث حالات تعثر سداد قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ومرة وهو يقول، في حوار مع الزميلة فاتن عبدالرازق والزميل محمد صابر، محددا سلبيات نظام مبارك الاقتصادية »في تحويل مصر الي دولة استهلاكية من الدرجة الأولي حيث تبلغ فاتورة الاستيراد خمسين مليار دولار سنويا. ولم يعط اهتماما بتنمية الموارد البشرية«. ما الذي ننتظره من قائد بنكي يقول هذا الكلام، عندما يشرع في استثمار أربعين مليار جنيه علي خمس سنوات.. هي أولا وأخيرا أموال المودعين، ملايين المواطنين.. الشعب؟.. الاجابة البديهية والمنطقية: توجيه هذه المليارات أولا وأساسا، لمعالجة سلبيات النظام السابق، بما ينمي ويحسن ويطور مواردنا البشرية، أغلي مواردنا علي الإطلاق. وتعظيم انتاجنا الوطني، بما يزيد الاعتماد علي الذات، ويخفض فاتورة وارادتنا. أليس كذلك؟ وكأنني كنت أقرأ أفكار الأستاذ طارق عامر حول سلبيات نظام مبارك في المجال الاقتصادي.. عندما اقترحت المشروعين اللذين لهما الأولوية في استثماراتنا. الأول، ضخ عشرة مليارات علي خمس سنوات، قرضا للحكومة ممثلة بوزارة الاسكان والمرافق، لدعم ما تخصصه الميزانية، والذي لن يكون كافيا ولا منجزا خلال سنتين أو ثلاث، لنشر محطات معالجة الصرف الصحي والصناعي، لنضع حدا لهذا العار، والتلوث الرهيب الذي طال مجري النيل والترع والمصارف والبحيرات، وتعاني منه 49٪ من قرانا، وعشرات الأحياء في جميع المدن، ويا أستاذ طارق عامر هل هناك أقل، لتنمية مواردنا البشرية، من أن نحمي أجيالنا القادمة من الأمراض الخبيثة التي تنهش أجساد عشرات ملايين المصريين، لنبني اجيالا سليمة البدن، قادرة علي التعلم والعمل وصناعة تقدم الوطن. وقد بينت الأسبوع الماضي أن المشروع ليس بعيدا عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وان كان يضمها في اطار مشروع وطني تنموي كبير. فمحطات الصرف ستبنيها شركات مقاولات كبيرة ومتوسطة وصغيرة.. وعشرات المصانع التي ستغذي المشروع بمستلزماته. وفي ذلك سيعمل عشرات الآلاف من المهندسين والعمال. كما انه يمكن ان تقوم عليه عمليات كوحدات البيوجاز، كمصدر للطاقة.. والاستفادة من »الحمأة« المتخلفة عن المعالجة كسماد. كما تزرع بها غابات الأشجار الخشبية، ومزارع أشجار »الهوهوبا« التي يستخدم زيتها في انتاج كثير من المنتجات الهامة، وزيوت المحركات، بما فيها محركات الطائرات. وقد أشرت الي توصل الدكتور محسن رضوان بهندسة حلوان بالمطرية الي انتاج بديل للسولار، وهو ما نحن في مسيس الحاجة إليه الآن وفي المستقبل. أما المشروع الثاني، فهو يعالج بالضبط النقيصة الكبري في سياسات نظام مبارك، الذي حول مصر الي دولة مستهلكة، لا تنتج احتياجات شعبها الضرورية، وتعتمد علي الاستيراد. وطبعا أنت سيد العارفين بالاهمال المريع الذي عانت منه الزراعة والفلاحون، حتي صرنا نستورد نصف غذائنا من الخارج. المشروع يتصدي لهذه المعضلة، بنظام الميكنة الزراعية المتكاملة لجميع محاصيلنا، وكل أراضي الدلتا والوادي -خمسة ملايين فدان- وبإيجاز شديد - وكل الدراسات وتفاصيل الادارة والتشغيل، والتجارب التطبيقية السابقة موجودة وتحت الطلب، يكفي أن تعرف يا أستاذ طارق عامر أن هذا النظام، يزيد انتاجنا من القمح ثلاثة ملايين طن، ومن الذرة مليوني طن، ومن الأرز ثلاثة أرباحا مليون طن، ومن القطن مليون قنطار. ولن اتحدث عن بقية المحاصيل ولا الفوائد الأخري الهائلة، ومنها توفير مياه نزرع بها مليون فدان جديدة. هذا المشروع سيعتمد في السنة علي استيراد معظم الآلات. لكنه سيعمل علي تعميق صناعتنا الوطنية للآلات الزراعية. وهي ايضا عشرات المصانع الكبيرة.. الهيئة العربية للتصنيع والمصانع الحربية، ومتوسطة وصغيرة قطاع خاص. هذا المشروع يتكلف كله، في الخمس سنوات، عشرة مليارات من الجنيهات، ستكون قرضا عاديا، إما من البنك مباشرة، أو من خلال الصندوق الاجتماعي، وهو سيشغل عشرات الآلاف من المهندسين والعمال. أتعرف كم سيعود علينا من هذا المشروع -الذي ستعمل آلاته عشرة أو خمسة عشرة عاما؟.. 21 مليار جنيه.. كل سنة! ما رأيك أيها البانكير والاقتصادي الكبير طارق عامر؟