تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفگر د.سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
الجماعات الإسلامية ليست في حكم ولي الأمر لا سلطة دينية ولا رهبانية ولا كهنوت في الإسلام
نشر في الأخبار يوم 28 - 05 - 2011


لا
لاغتصاب السلطة باسم الديمقراطية
لتهميش أية طائفة في المجتمع
للتفتيش في الصدور
الخروج علي الحاكم يجب أن يكون لأمر جامع .. وخروج الشعب في 52 يناير كان لأمور جامعة بعد أن عم الفساد
الرئيس القادم يجب أن يكون رئيسا للجميع
إذا كنا قد سئمنا الي حد كبير من الذين يطلقون أحاديثهم فتصير خيوط دخان في الهواء، بل تصبح كالعهن المنفوش، لأن أصحابها يسيرون في طريق تعبنا من السير فيه، ويعرضون علينا صورا شاهدناها من قبل عشرات المرات، فإن من العلماء من تثقل موازينه ساعة أن تكون أطروحاته فكرا علي واقع، وليس فكرا علي فكر ، مثل الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر.
وإذا كنا نحتاج إلي من يشعل شمعة وسط الضباب الكثيف الذي يغطي طبقات المجتمع وهو يتحرك بين الحالة الثورية وحالة الفعل المضاد ، فإن محدثنا اليوم يوقد شموعا تذوب نورا في الطريق الذي يلتوي ويحاول أن يستقيم، وتذيب كثيرا من جليد الإظلام الفكري والمعرفي والفقهي، لعل وعسي...
وإذا كانت مصداقية المفكر وقيمته المضافة تتجلي في تضييق الهوة بين التصورات والتصديقات، حين تكتسي دعوته ذات القوة الناعمة، بقابلية لدي الجمهور، فيشتاق تحققها علي الأرضية العرفية والمعرفية للمجتمع، فإن د. الهلالي قد نجح - والشواهد دالة - في إيصال وتوصيل ذبذباته الفكرية لترددها أجهزة الاستقبال في الشارع المصري الآن، نتيجة غزارة بث الإسال وقوة موجاته.
فهو لا يتحدث عن الفكر الإسلامي وكأنه كرة معلقة في الفضاء، بل هو مهموم بفقه الواقع، والانفتاح علي كافة المذاهب العلمية التي تقنن للفقه، فلا قيد علي رأي ، ولا حكر علي فكر، ولا إجهاض لاجتهاد، ولا مصادمة لمقولة، بل مجاراة لكل اتجاه، شريطة الفهم المنطقي لطبائع الأمور، بعيدا عن التفتيش في الصدور، وإنما التفتيش الدقيق في النصوص.
يسعي إلي التوسيع علي خلق الله، والتيسير في حياتهم التي يضبط الفقه إيقاعها، فلايكبلها ولا يقيدها ، ولا ينبغي، وهذه فلسفة الفقه الكامنة في جوهر الدين، حيث تنفتح مغاليق الأمور، أويفترض ذلك.
من أجل ذلك.. يجاهد الدكتور سعد الدين الهلالي، عبر مؤلفاته التي تربو علي السبعين كتابا، منها موسوعة فقه المخدرات، والبصمة الوراثية وعلائقها الشرعية، والمهارة الأصولية والتجديد الفقهي، وحقوق الإنسان في الإسلام، والجانب الفقهي والتشريعي في الاستنساخ، والمهنة وأخلاقها، والثلاثونات في القضايا الفقهية المعاصرة والجديد في الفقه السياسي المعاصر، وموسوعة فقه الجنائز، وفقه العبادات، وأخص خصوصيات المرأة، وقد نالت معطم هذه الأعمال جوائز مصرية وعربية وإقليمية كثيرة منها:جائزة الدولة التشجيعية ، وجائزة التقدم العلمي في الكويت، وجائزة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، وغيرها، كما تستقطب أطروحاته الفضائيات المحترمة، والدوريات العلمية، والوسائط التي تزدان بآرائه ورؤاه ومصابيح التنوير والاستنارة التي تتوهج هنا في هذه المحاورة...
من الواقع تنطلق هذه الحوارية، ومن الوقائع التي يموج بها الشارع المصري، ماذا تقرأ في أولويات المشهد الراهن بتجليات حوادثه وتداعيات أحداثه، خاصة في خضم ما يسمي بالتيارات الدينية التي تتنازع المواطن وتقذف به ذات اليمين وذات الشمال وهو باسط ذراعيه أملا في ومضة نظام لإشارات مرورية حياتية تتعالي فيها الألوان الحمراء أكثر من الخضراء والصفراء؟.
توجد مشكلة في خلط المفاهيم، فالجماعات الاسلامية في نظري هي في حكم المذاهب الإسلامية، وليست في حكم ولي الأمر، بمعني أن هناك فرقا بين الداعية وبين الحاكم، وبين القاضي والواعظ، فالجماعات الإسلامية مدارس فكرية، وظيفتها البحث والتفتيش في نصوص الشريعة من المصدرين الرئيسيين: الكتاب والسنة، لإيجاد مخارج أو برامج تنسب إلي الشريعة، لأن كلا من النص القرآني والنص النبوي »حمّال« يحتمل وجوها، ووظيفة الفقيه أوالمفكر أو العالم هي استنباط من هذه النصوص برامج تنسب الي الإسلام وتكون حلا لمشاكل المجتمع.
ظهرت الجماعات الإسلامية في القرن العشرين، ظهرت »جماعة أنصار السنة« في بداية القرن، وظهرت »جماعة الإخوان المسلمين« في الثلث الأول، وظهرت »الجماعة الجهادية« في الثلث الأخير، إلي جانب الجماعات الأخري المتفرعة، لكن ابرز الجماعات هي الإخوان، والسلفيون، كل يريد إعادة قراءة النص، بمرجعية الكتاب والسنة، من وجهة نظره، حيث يريد أن يضع برنامجا منسوبا إلي الشريعة يراه هو الأنفع للناس، فكان من أهم برامج الإخوان في خدمة المجتمع البرنامج السياسي الوطني، والدخول في معترك الحياة التي تحرك أمور الناس من جانب القوانين واختيار الرئيس وعلائق المؤسسات ببعضها، وهذا هو ما يبرز جماعة الاخوان في برنامجهم في خدمة المسلمين.
ووجد أنصار السنة أن برنامحهم الأساسي هو إبعاد البدعيات والشركيات وتنقية الحياة الاسلامية مما دخل فيها من مستحدثات لا تنسب للشريعة من وجهة نظرهم، فكان معظم مهامهم في السمت الإسلامي الذي يجب أن يكون، في البعد عن الطواف حول المقابر وزياراتها والشفاعة وغير ذلك، مما يلبس فيه أنه من الشرك بالله، فاعتبر هذا من البرنامج الذي نسبوه للاسلام من وجهة نظرهم.
هذه الجماعات هي جماعات علمية أي أنها تقوم مقام العالم الواحد، أبو حنيفة أصبح مدرسة، والإمام حسن البنا صار جماعة الاخوان المسلمين، وكذلك السلفية ليس لها ممثل وحيد، فتواصلت الفكرة، لهذا أتمني أن تكون هذه الجماعات قد فهمت أنها قد جاءت لكي تحل محل عالم ، ولم تأت لكي تحل محل حاكم ، إذن هؤلاء في حكم العلماء، والعالم هو الذي يقرأ النص، ويخدم الناس فكريا وعلميا، وليست له ولاية حاكم، فالغريب والعجيب هو اللبس الذي دخل مع اقتحام هذه الجماعات لمؤسسات المجتمع، وربما تظن أنها لها ولاية منع المنكر وإقامة المعروف، باليد وليس بالوعظ، فمنع المنكر باليد، وإقامة المعروف باليد هي مسئولية القضاء والحاكم الإداري، إنما العالم وظيفته هي كما أشار إليها القرآن الكريم» فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر« و»وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر« وفي الحديث النبوي »من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فمن لم يستطع فبلسانه فمن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان« فهذا يتعلق بوظيفة الحاكم، وصفة القاضي، أو وظيفة عموم الناس فيما يتعلق بحقوق الناس وليس بحقوق الله، فالحقوق نوعان: حق لله، وحق للآدمي، ، صحيح هناك حقوق مختلطة، لكن لا يتغلب أحد النوعين علي الآخر.
تقول إن الجماعات الإسلامية ينبغي أن تفتش في النصوص ، لكن الذي نعاينه أنها تفتش في الصدور، عيني عينك، وأنها تسعي إلي الانقضاض عليّ كمواطن، فلا أري إلا صراخا وصداعا وصراعا؟ لا سيما أن الأمر وصل إلي الفعل اليدوي في التغيير المزعوم، وباستخدام القوة المفرطة؟
كلنا لا نملك إلا الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، ولو أعطينا انفسنا حق التغيير باليد لوقعنا في نفس الخطأ الذي وقعوا هم فيه، فالتغيير باليد إنما يكون لمؤسسات يعترف بها المجتمع، والمجتمع يعترف بمؤسستين فقط، في تغيير المنكر باليد فيما يتعلق بحق الله وبحق الآدمي، المؤسسة الأولي هي الدولة أو الحكومة أو الإدارة أو ولي الأمر الذي اخترناه ونصبناه ليقيم هذا الحق، والمؤسسة الثانية هي القضاء الذي هو وكيل من نصبناه حاكما، حتي لا يتغالب الناس ولا يتقاتلون، وأن نعطي كل مؤسسة حقها، فحق مؤسسة القضاء أن يرفع إليها الشأن، ومن ثم تتخذ الاجراءات التي تحقق الأمن وليس الاجراءات الضعيفة التي لا تحقق الأمن.
مؤسسة الاستبداد
الفقه الإسلامي أول ما ظهر، والسلطة المستبدة حقيقة تاريخية قائمة، فجاء خالياً من الفقه الدستوري الذي يحدد شرعية الدولة، والعلاقة بين السلطة والمواطن، وحدود صلاحيات السلطة، وإقرار الحريات الشخصية والعامة، ومبدأ الاختيار والتعبير عن الرأي، وظهر بدلا منه مفهوم الطاعة، طاعة أولي الأمر مقرونة بطاعة الله ورسوله، واعتبارها من الفضائل الدينية والدنيوية علي حد سواء؟.
الفقه الدستوري متغير بالأعراف كالبيع سواء بسواء، هل أنظمة البيع القديمة هي نفس أنظمة البيع المعاصرة؟ هل أنظمة وطرق الزواج هي نفسها الحديثة؟ صحيح أن أركان العقد ثابتة، وهي الإيجاب والقبول مع وجود الشاهدين والولي ولكن نظم الزواج تغيرت، وللمجتمع الحق أن يغير تلك النظم .
ونفس الأمر في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وهي في الأصل كانت علاقة » بيعة« وكانت معروفة قبل الاسلام، فلم ينص القرآن ولا السنة علي طريقة استخلاف الحاكم من بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم، ولعل أخطر قضية مرت بالمسلمين وكان النبي يعلمها، هي اختيار من يتولي الحكم من بعد، ومع ذلك تركها وسكت عنها، وكانت بمثابة رسالة لنا من الله ورسوله، تقول تلك مسألة تراجعون فيها انسانيتكم، وكيف تديرون شئونكم فيما ترونه من طرق الإدارة، وطرق قيادة الدولة من مشارق الأرض ومغاربها، لكم أن تأخذوا بها فيما ترونه صالحا مع هدي الإسلام فهو الهدي الذي جاء للمتقين، نأخذ منه ونستنبط منه ما يفيد حياتنا الشخصية، فكان نظام البيعة نظاما قديما، بدليل أنه لما مات الرسول الكريم، اختلفوا قبل دفنه، قالوا نأخذ من المهاجرين رجلا، ونأخذ من الانصار رجلا، ويتكون مجلس حكم، ونفترض أنهم لو وافقوا علي ذلك، لكان هذا منهجا دستوريا قائما إلي اليوم، وقام بعضهم ينازع بعضهم، إلي أن قال عمر بن الخطاب مد يدك يا أبا بكر أبايعك، فبايعه وبايعه الناس، واستقر الأمر علي هذا النحو، ونحن الآن نسمع بعد ثورة 52 يناير من يطالب بوجود مجلس حكم انتقالي، إذن مسألة مجلس حكم هو أمر يقبله العقل.
هذا هو المنبع لأن يجمع من بيده الأمر ومقاليد الحكم، بين السلطة التنفيذية (يأمر وينهي) والسلطة التشريعية( فهم النصوص) والسلطة القضائية(الفصل في الخصومات)... أليس كذلك؟.
نعم .. و لكن المواقف الآن تغيرت وتطورت، والأمور تعقدت، وظهرت مدارس فقهية بما يعجز أي حاكم أن يحيط علما بفقه المذاهب كلها، فكان لابد من وجود اختصاص آخر للفقه، واختصاص للجانب التشريعي، وأيضا الجانب القضائي، وكان الحاكم ينتقي ويختار القاضي الذي يقضي بين الناس، لذلك عرف في بعض المناطق بمذاهب سائدة، فمثلا نجد المذهب الحنبلي سائدا في الجزيرة العربية، ونجد المذهب المالكي في شمال أفريقيا وجنوب مصر، ونجد المذهب الشافعي في شمال مصر والشام، ونجد المذهب الحنفي في شمال أفريقيا وأوروبا وشرق آسيا، هذه البلاد ظهرت فيها هذه المذاهب فاستقر الفقه وتعارف الناس عليه في مجتمع معين، فكان اختيار القضاء نابعا من اختيار الشعب.
فقهاء السلطان والسلطات
هناك مقولات سلطوية أطلقها فقهاء السلطان والسلطات أحيانا، وبعض الحكماء أحيانا أخري فاختلطت الأوراق الفقهية، واستغلها الحكام أنفسهم وروجوا لها عبر رجالهم وأبواقهم، خاصة في الطبعة الأموية والطبعة العباسية للفقه التي أسفرتا عن مقولات أسست لمفاهيم استبدادية ترسخت وصارت مشهورة عبر الزمان والمكان ولاتزال، من قبيل »أنا ظل الله في الأرض« و»هذا قميص ألبسنيه الله« وغيرها، يستغلها كل من يريد أن يتحكم في رقاب العباد؟
هذه مقولات كانت تناسب عصرها وتراعي أعرافها وبالتأكيد كانت هناك مجاملات للحكام والرؤساء يصل بعضها الي النفاق، ويصل البعض الآخر الي العبادة، وبالنظر الي البسطاء وحسني النية فان لهذه الأمور نبعا صافيا في الأصل، خذ مثلا الحديث القدسي »اذا تقرب اليّ عبدي شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب إليّ ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته مهرولا، ولا يزال عبدي يتقرب اليّ حتي كنت سمعه الذي يسمع به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه...« هذا عن التعامل السامي في الطاعة، وهنا تكون المشكلة، إذ كيف نأخذ هذه المعاني في الطاعة مع الله ، وعبادة العبد للرب، ونسقطها علي عبادة العبد للعبد.
ومثل هذه المقولات لا أصادمها ولكن يمكن أن أجاريها ، بمعني: هل أنا ظل الله، وأنا من أنا، انا أيضا عبد مثل الحاكم او الرئيس، وهو مثلي، ونحن أمثال بعض، فأنا أيضا ظل المظلول.
أهي حاكمية؟
من الذي نصبه!
اغتصاب الخلافة.
إذا جاء بالظلم، وما بني علي باطل فهو باطل، بعد الإمام علي بن أبي طالب، هؤلاء اغتصبوا السلطة بالديمقراطية، ثم استجلبوا البيعة.
حين لا تأتي البيعة طواعية يبدأ السخط والتذمر والتمرد والثورة، وهو ما يحدث الآن منذ 52 يناير؟
بالتأكيد.. وما يحدث الآن حدث كثيرا في تاريخ المسلمين، ألم تعلم بأن الثورة العباسية قامت علي أنقاض الخلافة الأموية، ومن بعدها الثورات ضد الخلافة العثمانية، ربما إذا أحسنا الظن أنها ثورات علي باطل، ظنا من أن الذي سيأتي سيقيم العدل، ثم نفاجأ بأنه يستمرئ الظلم، فتأتي ثورة أخري، وهكذا، عندما قامت ثورة يوليو باركها الشعب، وكان سعيدا بها ، والآن قامت52 يناير، وربما تسئ هذه الثورة التعامل مع الناس، فتأتي ثورة أخري بعد سنة أو عشر سنوات ، الناس تثور دائما.
إذن الثورة شئ طبيعي وقائم، والإنسان يطمح إلي ما هو أعلي، ولو وضعت ثورة 52 يناير في ميزان الحكم والتاريخ لدي الناس قبل مائة عام لقالوا هذه رفاهية سياسية، وهذا ليس مطلوبا بعد عدد من السنين ، فالمستقبل أسرع، وبعد ثلاثين عاما ستكون أحلامنا اليوم ماضيا للمستقبل ويطلبون ما هو أعلي، وهذا هو التطور الطبيعي للديمقراطية، أن يشعر الانسان أنه لا يؤمن حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه، يجلس كما لو كان رئيس المصلحة، وينظر الي الفراش علي أنه مثله، والفراش يشعر بهذا المعني، وسيأتي اليوم الذي سيشعر فيه الجميع بتنامي الديمقراطية، وأن الكل سواسية، وهذا ما جاء به الإسلام في أول الأمر.
مقولات سلطوية
أخذ عزيز مقتدر
يظل الحاكم العربي والمسلم يحكم مدي الحياة.. ما جذور هذه الفكرة ؟.
لها شبيه في صحيح البخاري ، فقد روي عن عبادة بن الصامت: بايعنا الرسول علي السمع والطاعة، وألا ينازع الأمر أهله« بقي سؤال من نصبه بعد رسول الله يجب أن يكون مدي الحياة، أم يمكن أن يكون لمدة؟
كل حكامنا تقريبا يؤخذون أخذ عزيز مقتدر، من الكراسي إلي المقابر.. مباشرة؟.
جري العمل به ، ولم يأت به نص.
الحاكم يحكم مدي الحياة، ومن يملك القوة يملك الحكم. فالقوة العسكرية هي التي تحدد الحاكم، وترسم بقاءه واستمراريته، وبالتالي فالحاكم هو آمر الصرف المالك للقوة المالية. وهو رأس الجيش المالك للقوة العسكرية، والحاكم غير محدود الصلاحيات، والحكم وراثي في الكثير من الدول؟.
الحاكم يستلذ الكرسي، ثم يستهويه ويريد بقاءه، فكان ينفق لإغراء الناس ما ينفقه، والانسانية كلها لم تكن مؤهلة للديمقراطية، بدخول صنوف متعددة من بلاد متعددة، لماذا نعيب في العالم الاسلامي، وكان هناك قوتان : كسري وقيصر، فلما نضج الإنسان وتحضر وبدأ يعرف الديمقراطية، قامت الثورات مثل الثورة الفرنسية في عام 5371 وبدأت الديمقراطية تنتشر في بعض دول أروربا، ولا تزال معانيها غامضة،
كيف؟.
لأنها متنامية، فالحضارة والتقدم والذوق والرقي بلا سقف.
ثورة النجاح لا نجاح الثورة
لا يزال فقهاء السلطان ناشطون في كل عصر، يتلونون بأشكال وهيئات، ويرتدون الأقنعة، إنهم الفقهاء الذين يزينون للحكام سوء عملهم، أين الفقيه الثوري، أو ثورة الفقه؟
المطلوب تفسير كلمة الثوري، هل هو الذي يرفع صوته؟ أو الذي يأتي بعنف؟ أو الذي يظهر احتجاجا بطريقة غير مقبولة؟ أم أن الثوري هو من يثور علي الباطل، ولو كان بكلمة طيبة؟ أنا أحترم ثورة النجاح، ولا أحترم نجاح الثورة.
بمعني؟
الذين يظنون أنهم نجحوا في ثورتهم، عليهم أن يعودوا، أما الذين يثورون في نجاحهم فإن النجاح هو الأساس، فلابد أن يظل النجاح بالثورة قائما متوقدا، لا سقف له. والتاريخ هو الذي سيحكم علي ثوار 52 يناير، فالثورة لم تثمر بعد ثمارها، ونتمني أن تثمر كل ثمارها، فالثمار لا تزال قليلة جدا، وضعيفة جدا، وربما يكون ضعف الثمار هو ضعف تكتيكي، وربما يكون أمرا متعمدا، فالتاريخ هو الذي سيحكم. إن الفقه الاسلامي قائم علي ثورة النجاح
الرئيس القادم.. للجميع
رئيس الدولة المنتظر.. ؟ ما صورته... ملامحه.. ما ينبغي أن يكون؟
أتمني من رئيس الدولة القادم أن يكون رئيسا للجميع، فلا يكون حزبيا ولا طائفيا، يكون ولي أمر الجميع، حتي لا يعتدي أحد علي آخر، فيحمي المنظومة كلها، وأن يكون القاسم المشترك هو العمل الإنساني لكل المقيمين، والإصلاح السياسي والحضاري، والمطلوب من الأحزاب أن تعد برامج حياتية، وهذا مجاله العلم والثقافة.
فقهيا .. الخروج الفردي أم الجماعي هو المباح والمشروع؟.
الآية الكريمة تقول: » انفروا خفافا و ثقالا« والخروج علي الحاكم يجب أن يكون لأمر جامع، ولا يصح أن يكون لأمر خاص، وخروج الشعب في 52 يناير ما كان إلا لأمور جامعة، خاصة لمنع الفساد الذي عم البلاد، وما كان يعرفونه وإن ما كانوا يطالبون به فقط هو الافصاح والإبانة، ومحاولة الإصلاح، ثم كان الذهول بعد الكشف الي درجة أن الذين لم يخرجوا ندموا علي أنهم ما حرجوا،، وما شعروا بذلك إلا بعد أن تكشفت الحقائق.
لجنة إهدارالدم والتكفير
وما تقول في من يتبجح ويطالب بتشكيل »لجنة عليا لإهدارالدم والتكفير«؟
علي الجماعات الإسلامية المصرية أن تكون مثل جامعة الأزهر مبينة، ومدارس علمية موضحة معني الفقه، ومعني الأحكام المستقاة من النصوص وأن تترك مسألة الولاية لأهلها، وأن تترك الناس يبدعون ويبتكرون، فهم سيفهمون ما نقول أكثر مما نقول، ورحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها.
استمراء لعبة الدين والسياسة؟
الدين في كل شئ، هو جزء من الدم، لكن المشكلة أن تكون الولاية ولاية دينية، أنا أريد ولاية إنسانية، ولاية فهمية، نحن أهل الدين، أهل الموعظة، اتركوا الناس يبدعون ويبتكرون، ابداعات الحياة من يقوم بها؟ المشايخ أم الناس ؟ من الذي اخترع هذا الجهاز أو ذاك، فقيه شيخ؟ أم واحد كافر؟ من الذي قام بتفصيل البذلة، واحد شيخ.. أم آخر أيا كان؟ إنه يأخذ مني مبدأ عدم الغش، والأمانة والصدق، ياخذ مني القواعد العامة، نحن نريد أن يكون نظام الحكم فيه شفافية وعدالة فمن يمارس ذلك؟ هل هم المشايخ؟ يجب علي كل الناس أن يهبوا، يخرج منهم السياسي والوزير والعالم، يجب أن نعطيهم الحق، ويكفينا وضع الضوابط، لأن الشرع ما جاء إلا لوضع الضوابط، والنصوص القرآنية فيها أحكام تطبيقية، وإنما هي أحكام خطاب الله تعالي، الذي نأخذ منه المفهوم التطبيقي.
دولة الأزهر و دولة الفاتيكان
تتسلل خفية وجهرا دعوة تطالب ب » دولة الأزهر« علي غرار »دولة الفاتيكان«؟
الأزهر جامعة علمية، وسيظل حصنا للعلم، ولن يكون في يوم من الأيام ولي أمر علي الناس، السلطة الدينية ليست إلا لله تعالي، وليست لأحد من البشر:»وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر«.
لكن السلطة الجامعة والعلمية شاملة للمعارف والعلوم التي تنفع الإنسان وتحرره من المخاطر التي تحيط به في الدنيا، أما ولاية السلطة الدينية فليست في الإسلام، لا رهبانية ولا كهنوت في الإسلام.
الفاتيكان سلطة دينية يملكون منح أحكام شرعية، ونحن في الإسلام لا نملك منح أحكام، إنما تجتهد في النصوص برؤي فقهية متعددة، وكل الخلافات الفقهية يجوز العمل بها، ويقرها الشرع تجسيدا لتعظيم الاجتهاد والعقل، ومنع أن يسطو أحد علي أحد، أو مجتهد علي مجتهد آخر، أو أن يكون له سلطة، ويقينا .. الإسلام دين عالمي.
كيف تري وأنت عالم من علماء الأزهر، مقولة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب:»الأزهر فوق الحكومات وفوق الثورات«؟
علي أي أساس؟ إن كان المقصود بالأزهر هو العلم والجامعة، فالعلم فوق الجميع، والعلم صفة من صفات الله، وليس حكرا علي الأزهر، وإن كان قد تبني العلوم الشرعية، فقد ظهرت جامعات تحمي هذه العلوم، وكلها »عيال« علي الأزهر. أما إن كان المقصود بالأزهر كأفراد، فعلي قدر منزلة علمهم، تكون منزلتهم في الدنيا والآخرة، وإذا كان العلم هو الذي يعلو فإن صاحب العلم لا يعلو إلا بالعلم والعمل به، فربما نجد رجلا عاميا في الشارع يلتزم بما سمع من الأستاذ ويكون أفضل منه. وان كان المقصود بالازهر العاملين فيه، فجميعهم موظفون في الدولة ابتداء من شيخ الأزهر إلي آخر عامل، يسري عليهم قانون العاملين بالدولة.
المناوشات الراهنة المطالبة بالثورة علي الأزهر.. كي تراها وبأي منظور؟
مثل هذه الأمور من تداعيات ومتغيرات يجب أن تستوعب عقلا وفكرا، هذه المتغيرات يجب أن تتسع صدورنا لقبولها، ولا نضيق ذرعا بمثل هذه التداعيات، بل يجب علينا أن نتعامل بالرحمة الإسلامية وسعة الصدر.
وشيخ الأزهر لا يضيره أية صفة للتولية من صفات الاختيار أو التعيين، فالأصل في من يتولي مشيخة الأزهر تحمل الأمانة باسم الأزهر وعلماء المسلمين، فقد جاء للتعبير عن إرادتهم ولتجسيد المعاني العلمية المجردة، وهو منصب تكليف لا تشريف.
الحاجة لكل رجل رشيد
صارت ظاهرة أن يسارع الوعاظ والشيوخ، خاصة من المنشغلون بالأمور الدينية لصالح الدنيا، بالتدخل لحل مشاكل عنيفة تطفو علي سطح المجتمع، وتحتاج قوة الدولة وهيبتها؟
هي ترجمة لقوله تعالي »وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه« فربما وجد ولي الأمر أن هذا المجتمع يصلح للتعامل معه فلان، الرجل المناسب في المكان المناسب ، فلما وجدوا أن فلانا هو الأصلح، لهذه الفئة السلفية كان من المناسب أن يتولي أخ سلفي يخاطبهم بالفكر السلفي، ومن يقتنعون به، وإذا كان الذي أشعل الفتنة من أصحاب الفكر الإخواني فإن من المناسب أن يؤتي بأحد من الإخوان.
لتحقيق مكاسب سياسية؟
نحن في حاجة الي كل رجل رشيد، لابد من فتح علاقة مع جميع الاجتهادات، لا يجب أن نخاف من بعضنا البعض، علينا أن يكسب بعضنا من بعض، لابد من شراكة مطلقة، ولا لتهميش أية طائفة من الطوائف، كل ذلك لصالح المجتمع وخير الناس.
نرجو ذلك.
الشريعة الإسلامية لم تأت من أجل أن تكون قيدا علي الناس، وإنما من أجل أن تكون راحة ورحمة للناس، والمجامع الفقهية الإسلامية والمراكز البحثية، وظيفتها إبانة الأحكام الشرعية، وترك الناس وما يختارون. وفي الشريعة الإسلامية فإن المذهب عليه أن يبين رؤيته ويتركها خيارا للناس، ولم يفرض أحد من أئمة المذاهب المشهورة رأيه، وإنما هي رؤية عليه أن يبينها عملا بقوله تعالي: »وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون«. وكذلك في هذا العصر ليس من حق أي مجتمع فقهي في أي مكان في العالم، أن يفرض رأيه أو سيطرته علي الناس، فالاختيار هنا لهم بكل شرائحهم المتعددة، ولا يجب علي مجمع البحوث الاسلامية أن ينصب نفسه خصما للناس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.