كثيرا ما تتعرض المسميات والمصطلحات بقصد أو بدون ونتيجة لقلة المعرفة ، إلي التشويه والتحريف عن مدلولها الصحيح الذي بدت عليه أول مرة ، لترددها الآلة الإعلامية علي النحو الخاطيء الذي يلتصق بها ، فتشير إلي ما ليس لها بصلة .. من هذه المسميات "الصوفية " و " السلفية " .. والتصوف يعني ذ من بين أشياء كثيرة ذ صفاء القلب من شوائب الأكدار ، وهو خلق ، وكما قال الصوفية : من زاد عنك في التصوف زاد عنك في الخلق ، والمقصود بالخلق هنا هو التخلق بأخلاق رسول الله (ص) .. و"المتصوف" غير "الصوفي"، حيث تعني الأولي الشخص الذي لايزال يسير في الطريق إلي الله تأدبا وتعلما، وقد لايصل أبدا إلي مرتبة الصوفي ، أما الثانية فهي الولي الذي وصل بالفعل إلي درجة الإحسان أي " تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".. غير أن ما نراه حاليا في كثير من الأحيان ، أشخاص ينتسبون كذبا إلي التصوف من ذوي الملابس الرثة أو حتي العباءات الفضفاضة يسترزقون من ورائه ، يتخاصمون ويتنافسون ويتقاضون فيما بينهم سعيا إلي المناصب والوجاهة حتي داخل المنتديات الصوفية نفسها، فأين هؤلاء من أكابر الصوفية أمثال محي الدين بن عربي وأبو حامد الغزالي وذو النون المصري وأبو يزيد البسطامي والجنيد وابو طالب المكي وجلال الدين الرومي وإبن عطاء الله السكندري وعبد الحليم محمود ومتولي الشعراوي ؟؟.. ولهذا أقول إنهم متصوفة بلا تصوف.. علي الجانب الآخر ، فإن السلفية الحقة من يدعون إلي تبني "نهج السلف الصالح" ، الذين هم صحابة رسول الله (ص) والتابعين وتابعي التابعين الذين عاشوا في القرون الثلاثة الأولي من الإسلام وأخذوا بأحكام القرآن الكريم والسنة المطهرة ،سمتها الوسطية والإعتدال " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" ، فالمسلمون جميعا علي هذا النحو هم بالأساس سلفيون !!.. غير أن الحاصل غير ذلك تماما ، فلا نري اليوم من دعاة السلفية سوي الهدم للقبور والتعدي علي الآخرين وإيذاء الغير و حرق دور العبادة بما يخالف سنة الرسول (ص) والسلف الصالح في التعامل مع أهل العقائد الأخري ..إن ما نراه ما هو إلا أفكارا لمدرسة فكرية معاصرة يسعي روادها إلي تغيير أنظمة الحكم والمجتمع بما يتوافق مع تلك الرؤية للنظام الشرعي الإسلامي التي دشنها أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري ، وقيام محمد بن عبد الوهاب بخلق مدلول جديد لمصطلح " السلفية " علي هذا النحو في منطقة نجد بالسعودية في القرن الثاني عشر الهجري لتظهر الحركة الوهابية .. وليظهر لدينا جيل من "دعاة السلفية " الذين يتشيعون لهذه الرؤية لا صلة لهم بالسلف الصالح .. ليصبح الأمر علي الجانب الأول "متصوفة بلا تصوف" وعلي الآخر "سلفيون بلا سلف" !!!!!