مصر مشغولة بكل الأشياء في نفس الوقت، وهذا طبيعي في ظل الظروف بالغة الدقة والحساسية التي نعيشها هذه الأيام، ومنذ الخامس والعشرين من يناير، وما تلاه من متغيرات جسيمة وفارقة علي أرض الواقع، فتحت جميع الأبواب والنوافذ أمام إعادة صياغة وجه الحياة في الوطن كله. لهذا فلا غرابة في أن تكون جميع الموضوعات المتصلة بالمستقبل في شكله ومضمونه ومؤسساته وهياكله هي الشاغل الرئيسي لكل المصريين الآن بطول وعرض الوطن، وهي محط الاهتمام والمناقشة والبحث، من كل فئات الشعب علي تنوع مستوياتهم السياسية والاجتماعية، وتعدد مشاربهم الثقافية والفكرية. ولا يجب أن يكون اختلاف الرأي، وتعدد الرؤي، الذي نراه ونلمسه من جميع القوي السياسية والاجتماعية تجاه القضايا محل النقاش، والموضوعات موضع الاهتمام. مثيرا لاندهاش أحد، أو استنكار أحد علي الإطلاق، فهذا هو الطبيعي، وذلك هو الأمر المتوقع والصحيح. وانطلاقا من ذلك، وتأسيسا عليه فلا موجب للانزعاج أو القلق المبالغ فيه، تجاه ما نراه وما نلمسه من اختلاف وجهات النظر، وتعدد الآراء، وتنوع الرؤي حول جميع القضايا، وكل الموضوعات، ابتداء من مسألة، أو إشكالية أن تكون الانتخابات البرلمانية سابقة ، أم لاحقة، علي إعداد وصياغة الدستور الجديد، وانتهاء بنظام الحكم رئاسيا، أم برلمانيا، أم خليطا من الاثنين معا، مرورا علي الإبقاء أم الإلغاء لنسبة الخمسين بالمائة عمال وفلاحين، وما إذا كانت الانتخابات تتم بالنظام الفردي، أم بالقائمة النسبية، أم بالاثنين معا. خلاصة القول كل هذا الاختلاف ، وكل هذا التنوع في الرأي والرؤية مطلوب وايجابي،...، ولكن الأهم في ذلك كله، أن يتم الحوار في إطار الاقتناع الكامل منا جميعا بحرية كل منا في إبداء رأيه، واحترامه لحرية الآخرين في إبداء رأيهم،...، هذه هي الديمقراطية، وتلك هي أولي مبادئها وأسسها التي يجب أن نتمسك بها جميعا، دون إقصاء لأحد، ودون تخوين لأحد .