كنوز نادرة تجسد حضارة مصر عبر القرون في مختلف المجالات،إنجازات تحكي عبقرية الإنسان المصري في الصناعة والفن وترويض تحديات الطبيعة.. لكن تلك الكنوز تعيش أسيرة بين جدران متاحف لا يعرفها كثيرون، ثروة حقيقية يمكن أن تتحول إلي مقاصد سياحية تجتذب الآلاف سنويا، إذا ما تم استغلالها بالشكل الأمثل، هذه الكنوز تحتاج إلي أيادٍ تزيل عنها غبار النسيان وتعيد اكتشافها من جديد وتقديمها للمصريين، قبل أن تقدمها للعالم.قطعة تاريخية واحدة من مقتنيات تلك المتاحف ،المجهولة،قد يقام عليها متحف كامل في الدول الأوروبية ويتم تسويقة بملايين الدولارات، لكن الكنوز المصرية المكدسة في المتاحف لا تجد طريقها إلي النور بسبب ضعف التسويق وتفرق مسئولية الإشراف عليها بين عشرات الجهات والوزارات. »الأخبار» خاضت رحلة اكتشاف الكنوز المجهولة في بعض المتاحف، فرصد جميع المتاحف المصرية أمر يكاد أن يكون مستحيلا، فمصر تضم مئات المتاحف والكنوز التي يصعب حصرها، رصدنا خلال الجولة حال تلك المتاحف، وما تعانيه من مشكلات، لنضع بين أيدي المسئولين مهمة إنقاذ التاريخ من ثلاجة المتاحف المجهولة، وإخراجها إلي النور، والاستفادة من تلك المقتنيات النادرة في الترويج السياحي، وفي غرس قيم الانتماء، وإدراك عظمة الشعب المصري بين أبناء الوطن. ظرف وطابع بريد.. ليس مجرد خطاب تقوم بإرساله، ولكنها رحلة تاريخية مرت عبر عصور وحضارات مختلفة، رحلة يمكنك اكتشافها داخل متحف البريد المصري الموجود في ميدان العتبة والذي تم افتتاحه عام 1936أثناء حكم الملك فؤاد الأول، حيث تعد مصر ثاني دولة في العالم أصدرت طوابع بريدية وذلك في عام 1886 بعد بريطانيا والأولي بالشرق الأوسط،وكان الخديو إسماعيل صاحب الفضل الأول في إصدار البريد المصري. »الأخبار» رصدت الرحلة التاريخية في متحف البريد المصري، بدأت بشراء التذاكر التي يبلغ قيمة الواحدة منها جنيهين فقط، وصعدنا إلي الدور الثاني بمبني البريد بالعتبة، باب خشبي يستقبلك عليه تماثيل لساعي بريد يرتدي »زي الركوب» يرجع تاريخه لعام 1936 ويضم المتحف غرفتين »متواضعتين» الأولي لطوابع البريد التاريخية والثانية للمقتنيات.. وبابتسامة وترحاب اصطحبتنا الأستاذة غادة فؤاد مدير إدارة المتحف وخدمة الهواة في رحلتنا بين غرفتي المتحف التي بدأت بغرفة الطوابع البريدية التي بمجرد فتحها تشم رائحة التاريخ، غرفة مطلية باللون الأسود حتي لاتؤثر الإضاءة علي الطوابع والصور التاريخية، جدران الغرفة تحمل لوحات تضم الطوابع التجريبية وأول الطوابع التي اصدرت وكان الملك فؤاد حريصا علي الحصول علي طابع جديد، والذي يصدر منه كل 25 عاماً نسخة تبدأ بالإصدار الذهبي ثم الماسي والبلاتيني، كما تحتوي الغرفة إلي العديد من الطوابع المصرية والأجنبية وإكليشيهات وقوالب وألواح صناعة طوابع، بالإضافة إلي صور أصلية للأسرة الملكية من ضمنها لوحة نادرة للملك فاروق في عمر الشباب رسمت بنفس أسلوب » الموناليزا» ودقة وروعة التصميم حيث تشعر أن عين الملك تتبعك إذا تحركت في أي اتجاه، حتي مراوح العرض التي استخدمت لعرض الطوابع الأجنبية تعد تاريخية حيث تمت صناعتها عام 1934 في إيطاليا. الغرفة الثانية تضم العديد من المقتنيات التاريخية الخاصة بالبريد مثل الحقائب البريدية ومحافظ الطوابع والحوالات وضواغط الرصاص والأختام القديمة والحديثة وصناديق الخطابات، وملابس موظفي البريد في كل بلاد العالم، ونماذج لوسائل نقل البريد قديمة وحديثة من عربات خشب وحديد وموتوسيكلات وسكة حديد وبواخر لنقل البريد، وكان هناك العديد من القطع النادرة إلا أن أبرزها هو لوحة أهداها فنان إيطالي إلي الملك فؤاد وهي عبارة عن لوحة مرسومة يدوياً بطوابع البريد تجسد مشهداً للأهرام وأبو الهول واستخدم فيها الفنان الإيطالي 15 ألف طابع وذلك عام 1910، بالإضافة إلي مكتب تاريخي يعد قطعة فنية لأول رئيس هيئة بريد مصر وكان يسمي » موتسي بك» عام 1865.. انتهت جولتنا في الساحة الخارجية للمتحف والتي يوجد بها تمثال نصفي للخديو إسماعيل أسفله نجمة ودائرة لتكشف مدير إدارة المتحف وخدمة الهواة أن ذلك التمثال هو النقطة التي يقاس منها المسافة بين القاهرة وجميع المحافظات.