استوعب علماء النهضة الإسلامية المعارف الطبية اليونانية القديمة مثل مفاخر الطب الأبوقراطي، واهتموا بدرجة ملحوظة بأعمال جالينوس، فقاموا بترجمة العديد من أعمال التراث اليوناني وأضافوا لها واستخدمت أعمالهم كأساس لعلوم الطب لعدة قرون متتالية حتي العصور الحديثة. من أشهر علماء المسلمين والعالم كله في مجال العلوم الطبية هو ابن سينا وهو فارسي الأصل ويلقبونه في الغرب ب »جالينوس العرب»، اشتهر ابن سينا بأبحاثه ومؤلفاته في علوم الطب التي بلغت حوالي 270 مؤلفاً أهمها موسوعة »الشفاء» التي تقع في 28 مجلداً، ويصفه جورج سارتون في كتابه »تاريخ العلم» بقوله »أشهر علماء الإسلام ومن أشهر مشاهير الشعوب والبلاد علي مر الزمان ويمثل تفكيره القمة في القرون الوسطي»، وذكره أيضاً في كتابه »المقدمة في تاريخ العلوم» بقوله »إن ابن سينا ظاهرة فكرية عظيمة ربما لا نجد من يساويه في ذكائه أو نشاطه الإنتاجي»، ومن أهم أعمال ابن سينا هو ما وصفه علماء الطب أحياناً بالعمل الأسطوري وأحياناً أخري بالمعجزة الطبية هو كتابه »القانون في الطب» الذي قام جيرار أوف كريمورا بترجمته إلي اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، واستخدم كمرجع أساسي في جامعات أوروبا لأكثر من ستة قرون حتي العصور الحديثة بجانب أعماله المتعددة في مجال الطب الإكلينيكي وعلم الأنسجة والصحة العامة، وكانت له مخطوطات هائلة شملت مواد طبية وصيدلية تحتوي علي وصفات كيميائية لما يزيد علي 760 عقارا صيدليا مركبا، وفي هذا المجال اشتهر أيضاً ابن البيطار ومساويه المارديني. من أهم علماء المسلمين الذي لقبه الغرب ب »معجزة الجراحة» هو أبو القاسم، الذي ابتكر وقام بأول عملية ولادة قيصرية، كما كان أول من ابتكر خيوطاً صنعها من أمعاء الحيوان واستخدمها في خياطة الغرز في العمليات الجراحية وفي خياطة الجروح. ومن الابتكارات الطبية التي تمت في ذلك الوقت كانت الإبرة المجوفة وما نطلق عليها الآن السرنجة علي يد عمار بن علي الموصلي، كما كان سنان بن ثابت أول من قام بتنظيم المستشفيات وتقسيمها إلي عنابر حسب طبيعة الأمراض فوضع بذلك أسس علم إدارة المستشفيات. من أهم اكتشافات علماء النهضة الإسلامية هو اكتشاف ابن النفيس للدورة الدموية في الإنسان والتي تناولها بالشرح الوافي وتمت ترجمة أعماله إلي اللاتينية واستخدمها علماء الطب في جامعات أوروبا وذلك من قبل هارفي الإنجليزي والأسباني مايكل سيرفتس. من علماء النهضة الإسلامية ومن أعلاهم شأناً في مجال الطب كان أبو بكر زكريا الرازي الذي سجَّل مشاهداته وخبراته الإكلينيكية فيما يزيد علي مائتي مخطوطة طبية تشمل معلومات واكتشافات جديدة تماماً جاءت في كتابه الذي يعتبر مفخرة النهضة الطبية الإسلامية عن مرضي الحصبة والجدري وكان أول من فرق بينهما كمرضين مختلفين، كما قام بتركيب بعض اللقاحات. جمع الرازي أعماله في مجال الطب في موسوعة تتكون من أربعة وعشرين مجلداً تسمي »الحاوي». قام جيرار أوف كريمورا بترجمتها من العربية إلي اللاتينية وأعيد نشرها في عام 1486م وظلَّت مرجعاً رئيسياً في كليات الطب في جامعات أوروبا حتي القرن السابع عشر. وإن كانت شهرة الرازي أكثر في مجال العلوم الطبية إلا أن له أعمالا عظيمة في مجال الكيمياء. لعل سيطرة الكلمة العربية »كيمياء» علي الاسم العلمي لهذا الفرع من العلوم بالإنجليزية »Alchemy» و»»hemistry» وكذلك كلمة الكحول علي كلمة »Alcohol» والكلمة العربية قلوي علي الكلمة الإنجليزية »Alkali» وغير ذلك من الأمثلة لهو أكبر دليل علي أثر العلوم الكيميائية العربية علي العلم الحديث.