تتزايد في الفترة الأخيرة نبرة الهجوم علي الثورة وبالذات شباب الثورة رغم أن هذا الشباب يقف حتي الآن بعيدا عن الحكم ولا يقدم نفسه بديلا عن أي من الحكام رغم أحقية بعضهم بذلك . يأخذ هذا الهجوم أشكالا عدة كلها للأسف غير طيبة او غير محترمة في بعض الاحيان . فالحديث الزائد عن الخراب ووقف الاقتصاد وهو كله ينبري له ناس عاشوا وسيموتون يجعلون من الحبة قبة محبة للحكام . وفي كل مرة ينسي او يتغافل هؤلاء أن شباب الثورة لا يمسكون بزمام الحكم ولا يضعون القوانين للاستثمار. وليس من عملهم تأمين الحياة في البلاد . بل علي العكس شباب الثورة يريد الإسراع في محاكمة اللصوص لأموال الشعب ولا أظن أن عودة الأموال المنهوبة في الداخل أو الخارج الي خزينة الوطن في أسرع وقت مطلب يستحق عليه شباب الثورة اللوم أو الإدانة . علي العكس هو مطلب يجب تنفيذه بسرعة علي الاقل بالنسبة للأموال المنهوبة والأراضي والعقارات التي في داخل مصر . يتحدث شباب الثورة عن ضرورة أن يكون قانون ممارسة الحقوق السياسية شاملا للمصريين في الخارج ولا اظن ان هذا يضير الحكم ولا الوطن في شئ ,بل علي العكس فمن هم في الخارج هم أبناء هذا الوطن وظهيره المعنوي وأيضا المادي فتحويلاتهم المالية لها دور عظيم في الاقتصاد الوطني . يتحدث شباب الثورة عن سرعة تأمين البلاد ضد البلطجة والإجرام ويطرحون الطرق لذلك بعيدا عن الازمة التي بلا معني والتي تتمثل في غياب الأغلب من رجال الشرطة لكن المسئولين ينتظرون عطف هذه الاغلبية من الشرطة علي الشعب . ولا اظن أنه من الصعب علي الحكم بمجلسه العسكري ووزارته أن يجد بدائل سريعة لرجال الشرطة الجالسين في بيوتهم ويتقاضون مرتباتهم . يتحدث شباب الثورة عن ضرورة إشراكهم في التفكير والتحضير للقوانين الجديدة أو الإجراءات الجديدة وكانت أول استجابة لذلك في الحوار الوطني الأخير مؤسفة ومحزنة وسخيفة الي اقصي درجة اذا تمت دعوة أقطاب من الحزب الوطني السابق ولجنة سياساته وهما من أضاعا البلد وهما من قامت الثورة للتخلص منهما وهما من حكم عليهما القضاء بالإلغاء . وعوتب شباب الثورة الذي أعلن عن غضبه وانسحابه من الحوار لأنه هكذا لا يكون مؤمنا بالديموقراطية التي قامت الثورة من أجلها وفات صاحب العتاب انه لا الذين دعوا يملكون من الأفكار أعظم من غيرهم لقد كانت البلد ملكهم وآلت غلي مانحن فيه ولاهم كانوا سيغضبون إذا لم تتم دعوتهم .ولم يكن ضروريا تعريضهم لهذا الإحراج . لقد غادر بعضهم بسرعة المكان بمجرد غضب شباب الثورة واحترموا انفسهم . الذي فعل ذلك لا يعطي اهتماما لشباب الثورة ولا للثورة نفسها ويعتبرهم صبيان . ومطلوب بعد ذلك من الشباب الا يغضب .وبعد انسحاب عدد من ائتلاف شباب الثورة من الحوار شهدت إحدي الندوات إصرارا من مديرها علي عدم إعطاء الشباب أي فرصة للحديث مما سبب غضبا آخر . كان عليهم طبعا ان يتحملوا . فالذين تحدثوا من كبار السن ولابد من احترام كبار السن . هذه الطريقة المنحطة في تفسير الأمور السياسية . أنا افهم أن ذلك يحدث في اوتوبيس مثلا فيقوم الشاب ليجلس رجل مسن أو امرأة لكن أن يقمع الشباب ثم يواجه بضرورة الاحترام للآخر أمر سخيف حقا ولا اريد ان اقول اكثر من ذلك . شباب الثورة يريد محاكمة عاجلة لكل مثيري الفتنة الطائفية ومهيجي المسلمين ضد الاقباط ودافعي الاموال للبلطجية لاحراق الكنائس .وحتي الان لا يحدث ذلك . وبالمناسبة نشرت مجلة روزا اليوسف في عددها الأخير تحقيقا مع احد البلطجية في امبابة ذكر فيه اسماء المحرضين ودافعي الاموال لهم من المشايخ ورجال البوليس السابق ولم يتحرك أحد للتحقق عما جاء في التحقيق . شباب الثورة يريد في إعلام الدولة إذاعة وتليفزيون إقصاء من شاركوا من قبل في تزوير ارادة الشعب وتشويه عقله وروحه فيكون نصيبهم أن يعتدي عليهم أمن التليفزيون والبلطجية . شباب الثورة يريد أن يكون حق التظاهر السلمي مكفولا للجميع والحاصل انه بدأت الاعتداءات علي المتظاهرين تتكرر من البلطجية المأجورين ثم الآن من البوليس نفسه وللاسف وبعض رجال الجيش أيضا كما حدث أمام السفارة الاسرائيلية .الذي حدث امام السفارة الإسرائيلية كان يمكن حله بحوار هادئ مع المتظاهرين بان يقفوا ويهتفوا ما شاء لهم الهتاف دون ان يتقدموا الي السفارة نفسها . في اسرائيل نفسها تحدث مظاهرات كبيرة ضد العرب من اليمين المتطرف ولا تتدخل الدولة الاسرائيلية . كان هذا الحوار سيكون صعبا في البداية ولكن كان يمكن أن ينجح ويهتف الشباب ثم يعودون . كان يمكن شرح أن الوقت غير مناسب لأي عمل يربك سياستنا الخارجية الآن . او علي الأقل محاولة ذلك منذ البداية . شباب الثورة يريدون أن تشمل الأحكام العسكرية جميع أعداء الثورة فلا معني للقانون المدني مع قتلة ابناء الأمة لا أن تكون الاحكام العسكرية للبلطجية وشباب الثورة معا . وليس هذا بالصعب علي الأقل في جرائم قتل أبناء الشعب . شباب الثورة يريدون محاكمات لرموز النظام السابق بتهم الفساد السياسي ولا معني لعدم وجود قانون لذلك بل عدم وجود قانون لذلك كان أحد مظاهر فساد العهد السابق . شباب الثورة سيحتشد غدا في ميدان التحرير سلميا من اجل ذلك . فهل نلومه ؟ شباب الثورة ليس في يده شئ إلا الاعتصامات السلمية . والمجلس العسكري والحكومة في يدهما كل شئ . وفي يدهما أيضا تبرير التأخر في كذا وكيت وفي يدهما إنقاذ البلاد. بل أن شباب الثورة هو أول من أمنهما علي ذلك منذ اعلن ولا يزال ثقته في الجيش واحترامه له ومنذ أن اختار عصام شرف للحكومة . لقد حان الوقت ليستمع المجلس العسكري لشباب الثورة ويسرع في الإستجابة لمطالبه . نحن نري استجابة الآن في أمور مهمة قبل كل جمعة غضب فلتكن الإستجابة كل الوقت لينتهي هذا الإحتقان بين الحكم وشباب الثورة .وتمشي البلاد في طريقها الجديد .