منذ سنوات طويلة عرفته من خلال مقالاته التي قدمها للنشر في اخبار الادب، يظهر فجأة حاملا حقيبته التي تمتليء بأوراق وأبحاث، تتقدمه ابتسامة عريضة وثقة في النفس، كان من أكثر الباحثين المتعمقين في كشف جذور الفساد خلال العقود الأربعة السابقة، وقائمة مؤلفاته سواء كانت كتبا ضخمة أو أبحاثا نشرت في دوريات أو قدمت الي مؤتمرات تحتاج إلي صفحات من الجريدة، الاقتصاد مادة صعبة بالنسبة لي، ولكن كتابات عبدالخالق فاروق كانت مصاغة بحس ادبي فيه السهل الممتنع والقدرة علي صياغة اعقد الحقائق ولغة الأرقام والقواعد والقوانين الاقتصادية بأوضح عبارة ممكنة، كان يكشف باقتدار الخراب الكامن وراء الواجهات اللامعة والدعاية الزائفة. وتعد دراسته المعنونة »اقتصاديات الوقت الضائع.. أزمة الإدارة الحكومية في مصر« والصادرة في سبتمبر من عام 2002 عن مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية دراسة رائدة ومهمة، وقد احدثت جدلا كبيرا عند صدورها بين المتخصصين، وربما لهذا السبب لم ينتبه حراس النظام السابق الي خطورتها وعمقها في كشف أسس الفساد وجذوره، ومنها ايضا دراسته عن ميزانية الدولة التي كانت اشبه بالكهوف، لم يكن عبدالخالق منظرا فقط، وباحثا مقتدرا، انما كان مناضلا لا يكل ولا يهدأ ولا يفارقه التفاؤل، وكثيرا ما كان يجري حوار بيننا، ابدي فيه تشاؤمي ويظهر هو تفاؤله ومبعث ما كان عندي الرغبة في رؤية التغيير خلال سنوات العمر، أما تفاؤله فكان اكثر نفاذا، وعندما طقت الشرارة في الخامس والعشرين من يناير والتحمت النخبة بالكتلة العظمي كان في المقدمة، من قادة الثورة الحقيقيين ومن ركائز الميدان، ولو ان روح الثورة وصلت الي القمة وتصرفت الحكومة الحالية بموجبها لاستدعي عبدالخالق فاروق وتم اسناد رئاسة المجموعة الاقتصادية إليه من خلال منصب نائب رئيس وزراء، فلم يعرف الاقتصاد المصري ولم يشرحه وينفذ الي دقائقه شخص مثله، ولم يجمع بين الدراسة والعقل الثوري المخلص إلا قلائل هو في طليعتهم.