هل هي زلة لسان؟ احتمال. هل هناك أحد ورط السيد مسعود مصطفي البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس ما يسمي باقليم كردستان العراق ليعلن علي الملأ انه مستعد للتخلي عن منصبه كرئيس للاقليم اذا قال خمسون الف كردي انهم لا يريدونه رئيساً؟! يبدو ان "الكاكا" مسعود، ومعني هذا الكلمة باللغة الكردية "الاخ" مسعود، كان يزايد علي الرئيس التونسي المخلوع علي زين العابدين والرئيس المصري المتخلي حسني مبارك باعتبار ان "الكاكا" ديمقراطي جدا وان الديمقراطية في اربيل تعيش "أزهي عصورها" كما يقول طيب الذكر صفوت الشريف وان الديمقراطية في كردستان "للركب" مع الاعتذار من طيب الذكر ايضاً زكريا عزمي صاحب هذا التعبير المعبر عن الحالة المعتبرة! لقد اقتسم البرزاني كعكة الاحتلال الامريكي في العراق مع غريمه جلال الطالباني رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فأخذ البرزاني رئاسة المحافظات الكردية الثلاث وترك للطالباني رئاسة بقية المحافظات العراقية التي تعيش العصر الذهبي للفساد الطائفي. وفوجئ "الكاكا" بعد تورطه بذلك التصريح العجيب بان شابة كردية عمرها 21 عاماً اسمها "شادان عبدول" تحركت بسرعة لاقتناص الفرصة، ودارت في أروقة جامعة صلاح الدين في اربيل وما حولها لتجمع خلال ثلاثة أيام 53 الف توقيع للمطالبة بتنحي مسعود البرزاني تحت شعار "لا نريدك رئيساً"! ولو اتاحت لها ميليشيات البرزاني والطالباني "البيشمرجة" المجال لجمعت ملايين التواقيع. ولم يتردد بعضهم في التوقيع بالدم علي الوثيقة انتقاماً من الرجل الذي حول القضية الكردية المشروعة الي قميص عثمان ليستأثر هو وأفراد عائلته وأقاربه بالمناصب والامتيازات والسلطة والنهب ومليارات الميزانية السنوية العراقية المخصصة للمحافظات الكردية الثلاث. ولم يكتف "الكاكا" بذلك، بل حول المحافظات الكردية الي اقطاعية ديكتاتورية كبري علي طريقة "مهراجات" الهند ورؤساء بعض القبائل الافريقية وقراصنة السواحل الصومالية. لقد انتشرت "عدوي" غضب شباب مصر وتونس ووصلت الي السليمانية واربيل في اقصي شمالي العراق. فالمطالب نفسها هنا وهناك: الحرية والديمقراطية والعدل وحقوق الانسان ومكافحة الفساد. ومثلما شكل شباب التظاهرات المصرية والتونسية لجاناً للثورة والاحتجاج، انضمت شادان الي مجلس مؤقت في ميدان التحرير أو كما يسميه الاكراد "سراي آزادي" في السليمانية ينادي بالتغيير واسقاط أصنام الديكتاتورية في جبال كردستان العراق. ودائماً، سواء في تونس أو القاهرة أو صنعاء أو الدارالبيضاء أو بغداد أو دمشق أو بني غازي فان أغلب المحتجين هم العاطلون عن العمل والشباب الجامعي وفيلق "الفيس بوك" و"التويتر". وقد ظل يراود شادان بعض الامل في ان البرزاني رجل دولة ديمقراطي، فارسلت اليه تواقيع ال 53 الف محتج، وتوهمت انه سيذيع في الليلة نفسها تنحيه بناء علي وعده السابق بالاستقالة اذا قال خمسون الف كردي انهم لا يريدونه رئيساً. الا ان الرجل لم يرد، وبلع الاهانة، لكن حاشيته أمرت بطرد شادان من الجامعة مالم تترك العمل السياسي وتلتزم الصمت. غير ان أحد مستشاري البرزاني التفّ علي احتجاج تلك الالوف وقال ان سوء فهم قد حدث لان البرزاني كان يعني خمسة ملايين كردي وليس خمسين ألفاً فقط! وأضاف ياللصدفة الطريفة! ان هؤلاء الثلاثة والخمسين الف كردي هم "قلة مندسة" من الخونة والبعثيين الاكراد وأنصار بن لادن! ببساطة قالت شادان انها لن ترضخ لشروط الجامعة التي طردتها، وأضافت ان هدفها من حملة جمع التواقيع هو اثبات ان الحكام الاكراد (والعرب ايضاً) يتمسكون بمناصبهم أكثر من شعوبهم، وانهم لا يلتزمون بوعودهم.. لانهم مجرد بائعي كلام.. أي "كلمنجية". وبالمناسبة: لماذا لا يقدم الحكام العرب والاكراد، بالتناوب، برامج "توك شو" في الفضائيات.. لعلنا نستفيد منهم شيئاً ذا قيمة؟