ما إن تدخل مكتبه في حي أريانا بتونس حتي تدهشك عشرات وعشرات التكريمات التي نالها والتي تزدحم بها أكثر من غرفة خصصها للتكريمات وشهادات التقدير التي حصل عليها من أماكن عدة ومن دول مختلفة في مناسبات ثقافية وفنية ومهرجانات عربية وعالمية والذي رحب بلقائي وطلبت أن أجري حوارا معه للأخبار وكان سعيدا بذلك خاصة أنه محب جدا لمصر وناسها وفنانيها ومبدعيها ،فانطلاقته الفنية كانت من هوليود الشرق، فهو فنان عاصر عمالقة الفن الجميل وهو واحد منهم عايش بليغ والموجي واحمد صدقي وغيرهم وتربي علي نغمات الفن الأصيل متأثرا بسيد درويش والحامولي وسلامة حجازي وعبد الوهاب والرحبانية وغيرهم وهو يؤكد علي أهمية أن الأغنية المتلفزة هي سمة العصر ولا نجاح بدون الصوت والصورة التي اصبحت تجذب الانتباه وتسحر العيون لو كان اخراجها معبرا عن كلماتها ومضمونها وكما يري ان الفضائيات وكثرتها ساهمت في تأكيد ذلك وأدت إلي انتشار الأغنية علي مستوي العالم شرقا وغربا ويعتبر بوشناق حقا هرم تونس الفني والذي لا يستطيع أحد أن يجاريه في الغناء هذه الأيام، فهذا هو رمز الزمن الجميل الذي يتواصل معنا حتي الآن وإليكم تفاصيل الحوار. • كيف تري الوضع الغنائي الحالي؟ وبماذا تصفه؟ - الإناء ينضح بما فيه والوضع الفني مرتبط بالوضع السياسي والحالة التي تعيشها الأمة العربية من شقاق ونزاعات نأمل من الله سبحانه وتعالي أن يزيح الغمة والمجتمع كالعقد متكون من حلقات, فالحلقة الثقافية حالها ازاي؟ والعقد كله مصدي, ليس تشاؤما ولكن هذه هي الحقيقة, والثقافة هي الحل, وللأسف تجد أن ميزانية وزارة الثقافة أقل مستوي في الميزانية, ففي الرياضة يأخذ لاعب كرة القدم ملايين الدولارات, عكس المثقف تماما ،فالثقافة هي آخر شيء نفكر فيه,رغم انها الحل لمشاكلنا في هذه الأزمة وللأسف نحن لسنا بحاجة لفرقة واختلافات ،فنحن في أمس الحاجة لان نكون يدا واحدة خاصة في هذه الظروف التي تحدث في أمتنا العربية, وفي المؤامرات التي تحاك ضد الأمة العربية نحن في أمس الحاجة لتوحيد الصفوف وعلي كل العرب أن يدركوا أن مصر هي سند الأمة العربية ووتدها الذي يجب أن نقويه وندعمه وأتمني أن تقوي دولنا من خلال الثقافة ومن خلال الفن ومن خلال المسرح ومن خلال السينما, والكتاب والشعر والنثر والنحت, والرقص, وكل مايهم الثقافة ،فهي الرسالة الخالدة والصادقة, وهي الرسالة التي تعبر بدون حدود, تبلغ الرسالة, وتثبت الهواية, وتدعم الاقتصاد, فهناك أمريكا وعظمة أمريكا, فمن خلال السينما تبلغ الرسالة وتنشرها عبر افلامها التي تعرض في كل مكان وفي كافة العواصم ،انني اتمني من القائمين علي الأمور في أمتنا العربية والاسلامية ان يهتموا بالفن والثقافة ،إنها الرسالة التي يمكن من خلالها أن نصلح مجتمعاتنا العربية. هل تري في الاهتمام بالثقافة سبيلًا للتصدي للإرهاب ؟ - بالطبع فالثقافة لابد أن نهتم بها, فالشاب المثقف الواعي لا تسطيع أن تغير فكره وتأخذه للتطرف وتلعب بعقله ان كان هناك فنا ينير الطريق له وهو من اهم الوسائل التي تقضي علي التطرف, والإرهاب, فعلينا أن نهتم بالثقافة وأن نقدر شبابنا, وأن نعطي فرصة لشبابنا أن يتربوا علي أسس سليمة ذات أخلاق ووعي والثقافة السياسية والدينية, والاجتماعية والاقتصادية والثقافة الفنية, ولكن في حالة تهميش الشباب لا يلقي في المجتمع مكانا وهناك أشخاص أكبر خبرة يجب ان يترك لهم الحرية للكلام,حتي لا يكون ضائعا, وحتي لا يستغله الناس المجرمون, الذين يلعبون بعقولهم. تحدثت في أغنية شهيرة لك عن المناصب والكراسي,فما الذي دفعك لتغني مثل هذه الأغنية التي توحدت معها نفوس كل عربي؟ - لقد غنيتها بكل تلقائية, وللأسف المنصب والكرسي غاية لكل الناس ونحن نريد أن تكون غاية أصحاب خدمة الوطن.والأغنية باختصار كلمة لأصحاب القرار تقول دعونا نعيش يكفي دمار. كيف تلقيت ردود الأفعال علي هذه الأغنية وكيف قمت باختيارها ؟ - ما يعرفه الناس عني لا يتجاوز 20% أوأقل مما غنيت ،فهذه الأغنية وصلت لأَنِّي صورتها, فنحن نعيش في عصر الصوت والصورة, فالأغنية غير مصورة تولد يتيمة,وللأسف أن هذه النوعية من الأغاني والمواضيع التي اختارها لا تهم وسائل الإعلام, فمثلا هل ما نشاهده عبر وسائل الإعلام العربي يعبرعن حالنا وعن ماضيك؟ وحاضرنا ؟وهل يحمل رؤية مستقبلية؟ للأسف لا.. وهذا لا يعني أن العالم العربي ليس به أناس غير مبدعين في الكلمة وفي الغناء ولكنه دليل علي وجود مؤامرة, ولذلك فأنا أعتبر نفسي عابر سبيل وأسير علي مقولة »عش ماشئت فإنك ميت, لكن اترك رسالة صادقة, وأحاول دائماً أن أقدم رؤية أخري أقول مالا يقوله السياسي, فأنا شاهد علي هذه الحقبة الزمنية, لابد أن أكون صادقا ومرآة تعكس الواقع الذي نعيشه, بدون استعراض عضلات, ولكن هذه هي الحقيقة, فالأغنية العربية لم تتخط كلمة احبك وتحبني, وغدرت بيا وغدرت بيك, علي عكس ما يقدمه العالم ،فمثلا نجد أن الأمريكان مثل بريل وبرسيس ولا ليفري يعيشون علي هذه الأنماط الغنائية وهذه النوعية من الكلمات والأغاني ولكن حينما نتكلم عن أغنيتنا العربية باسثناءات بسيطة, لا نحكي غير في الحب. هل تعتقد أن القائمين علي المهرجانات الفنية العربية يفرضون الأغاني الاستهلاكية ؟ - أنا لست ضد أحد, ولست ضد أغاني الحب وتنوع الأغنيات ولكني أنا أقول المفروض يكون هناك هذا وذاك, بدون حصر علي أغاني محددة ودائما ما يسعي مديرو المهرجانات لمن يملأون المسرح لأن من شاب علي شيء شاب عليه, والعادة والتعود ،فالجماهير تتعود علي هذه النوعية والإنتاج يدعم مثل هذه الأشياء التي نسمعها فمثلا قليل من الشباب اليوم يسمع أم كلثوم. ما المكونات التي استطعت من خلالها أن تمتلك هذه المقدرة في التواصل والعمق الفني؟ - الصدق في أي مهنة, فأنت رجل صادق في مهنتك لذلك فأنت موجود, الصدق أن تكون صادقا. وبالنسبة لمكوناتك الفنية الشخصية ؟ - أنا عصامي, لم أدرس لكن ثقافتي كلها هي السمع, استمع واحفظ الأدوار للست خشينة حسن, والست أم كلثوم, والاسطوانات القديمة من العراقوسوريا, والموسيقات الأجنبية, والجاز, والروك, والهارد ميوسيك,التي أسمعها بانتظام ليومنا هذا, كيف تريد أن تكون كاتبا وتكون شاعرا ولا تحفظ شعرا ولا تقرأ, كيف تكون مهنتك موسيقيا وفنانا ولم تسمع لعبده الحامولي, وعبد الحي حلمي, وسيد درويش, وفتحية أحمد وأم كلثوم, والفران,والسنباطي المعلم الكبير والمقرئين الكبار أمثال مصطفي محمود, الحصان, الحصري. تأثرت بالقرآن؟ - القرآن أعظم مدرسة, فكل الكبار عاشوا علي القرآن, وحفظوا القرآن, النطق لمخارج الحروف, والتنوين, والإخفاء, والإظهار, والمد والغن. هل تكوينك الفني الواعي نتاج لهذا السماع, أم أنه نهل أيضا من ثقافات أخري؟ - أنا أسمع كل الموسيقات في العالم وأغني علي موسيقي اتشيك كوفز, وبيت هوفن, موزار وعلي استروس كيف؟ فأنا دائما أقول أنا التلميذ إلي يومنا هذا أتعلم, فليس نظرتك للأشياء الآن مثلها قبل 20 عاما, فالآن تغيرت نظرتك للأشياء وحسك تغير وقد تشعر أن هناك دائماً ما هو أعمق مما تعرفه ،بحر علم,فمهما تقول تعلمت تكتشف أشياء أخري, تقول أنا فين وماذا أساوي بالمقارنة بالراجل الذي صنع هذه الموسيقي. من جذبك من موسيقيي مصر وملحنيها؟ -الموسيقي المصرية هي مدرسة متنوعة فسيد درويش مدرسة, عبد الوهاب مدرسة, كما أن الرحبانية مدرسة, فهؤلاء 3 مدارس,بالاضافة إلي عمالقة آخرين تعمقوا في النغمات والتلحين, وصنعوا أسماءهم كأساتذه كبار, فالسنباطي من أقرب الناس إلي قلبي. كيف تصف السنباطي وبليغ حمدي والموجي ؟ - لا استطيع أن أصف أو أقيم أيا منهم ،فهؤلاء أسماء أهرامات,مع أحمد صدقي, محمود الشريف, فهؤلاء أساتذة كبار وفضلهم علي الأمة العربية, وحتي غير مصر, فهناك أسماء كثيرة في العراق مثل الكندارجي, الغزالي, وفي سوريا مثل صباح فخري, والمقرئين والمنشدين. كم أغنية للطفل غنيت ؟ - غنيت40 للطفل حاولت خلالها أن أقدم شيئا مفيدا للإجابة عن الكثير من الأسئلة ولقد سألني ابني شو معني السياسة يا أبي؟ فقلت السياسة في عالم الأنوار حرية, السياسة تعرف تكون وطن. مين يختار لك الكلمات؟ - كل من حولي ومن يعيشون معي ومن التقيهم في كل مكان يشاركون في اختياراتي فكلنا نحمل نفس الهموم ،فدور المطرب أن يعبر عن الناس ،فنحن نتكلم بالشعر ونعبر به عن أنفسنا والمفروض أن أعبر عنك,أقدم لك ما تحبه ويعبر عن أحلامك وطموحاته وعملك. لماذا طلبت أعلي أجر حينما غنيت مؤخرا في الأوبرا ؟ - نعم طلبت أعلي أجر من الأوبرا المصرية والسبب لأتبرع به لمستشفي السرطان.