بالامس احتفلت محافظة الشرقية بالعيد القومي لها وهو نفس اليوم الذي يوافق ذكري وقفة الزعيم احمد عرابي امام الخديو توفيق ليقول مقولته الشهيرة »لقد خلقنا الله احرارا ولم يخلقنا تراثا اوعقارا»، وللاسف ونحن نحتفل بالذكري السعيدة الا ان متحف احمد عرابي الذي يتوسط محافظة الشرقية اصبح وصمة عار في تاريخنا الحديث، فبدلا من ان يكون المتحف مفتوحا للاجيال الحالية للتعرف علي تاريخ زعيمهم البطل بالاضافة الي بقايا مجزرة بحر البقر الا انه مغلق بالضبة والمفتاح .. ليس هذا فحسب، بل تحول المتحف الي مقلب للزبالة ومرعي للغنم نهارا، ووكر للمخدرات والمدمنين ليلا.. »الأخبار» قامت بزيارة متحف احمد عرابي بمسقط رأسه في قرية »هريه رزنة» بالشرقية لرصد ما آل إليه المتحف من حالة سيئة ومعرفة رأي المواطنين عن أحوال المتحف لعل يصل صوتنا لمن يهمة الأمر ويكسر الشرخ الذي أصاب الأذن وأعمت الأبصار عن كارثة ضياع القيم والتراث.. البداية كانت من أمام مدخل المتحف الذي أصبح مرتعا لسيارات الزبالة والزبالين..بجوارهم كانت »التكاتك» التي رسمت صورة هي الأسوأ لمن يرغب في زيارة المتحف بسبب أغانيهم البذيئة، والتي ترسم أنشودة من الانحطاط الذي وصل إليه حال المتحف.. خطوات قليلة كافية بأن يمتلئ قلبك حزنا لما وصل له حال المتحف وان يصطدم بصرك بلوحة من الاشمئزاز ،فعشرات من الأغنام توسطت ساحة المتحف ذات الباب المغلق بالأقفال توسطهم رجلان جلسا في انتظار تناول المواشي للحشائش الموجودة في محيط المتحف.. دقيقة واحدة ستفصلك لان يتحول الحزن إلي ضحك سخرية من السور الذي يحف المتحف والذي أكل منه الدهر وشرب،لكن المضحك هو أن طوله سلا يتعدي النصف متر ويستطيع اصغر الأطفال تسلقه ناهيك عن ذلك الباب الصدأ الذي توسط المتحف وتوسطه قفل يسهل فتحه دون عناء.. ما أن تدخل قليلا ستكون الطامة الكبري عندما تبصر عيناك علي عشرات من »سرنجات الحقن» والتي انتشرت في أرجاء المتحف ذي النوافذ المحطمة من الخارج في إشارة إلي كارثة هي الأسوأ بأن المتحف تحول من رمز للتاريخ والحضارة لوكر للمخدرات تدمر أبناءنا .. المفجع في الأمر هو في الأطفال التي كانت تلهو وتلعب بين هذه الأشياء السيئة داخل محيط المتحف، وعندما سألناهم عن سبب تواجد هذه »السرنجات» اخبرونا أن هذا هو المعتاد داخل المتحف بأن يأتي المدمنون ليلا لحقن أنفسهم بالمواد المخدرة ؛ بل أرشدونا لكارثة أخري أن المسجد الذي جاور المتحف أيضا لم يرحمه هؤلاء منعدمو الضمير وانتشرت به هذه » السرنجات» .. »ياعمو لو بتصور عشان الناس الوحشة بتيجي بليل تعالي معايا وأوريك الحاجات إلي بياخدوها وعايزين نمشيهم عشان ابهاتنا تسيبنا نلعب بالليل عادي» هكذا بدأ احمد محمد،طالب في المرحلة الابتدائية، حديثه بملامح مليئة بالحزن معبرة عن الواقع السيئ الذي يخشي منه.. ويقول خالد احمد، ترزي، بأنه يجب يتم إعادة تأهيل المتحف مرة أخري. • محمد العراقي