[email protected] الزمان ..صباح الجمعة 20/ 5/ 2011.. المكان ..قطار رقم 891 المتجه من سوهاج الي القاهرة. رغم أننا حجزنا في الدرجة الاولي الفاخرة، كما يحلو لهيئة السكة الحديد تسميتها علي غير الحقيقة، ورغم ركوبنا القطار من محطة القيام أي من أول الرحلة ..إلا أنه كان في منتهي القذارة والفوضي ..ناهيك عن الكراسي "المخلعة" والتكييف المعطل في الحر الشديد !!..أما دورات المياة فحدث ولا حرج ..فضلات بشعة ورائحة كريهة ..وباب مفتوح للمرحاض يسمح "بإستمتاع " الركاب طوال الرحلة بتلك " الرائحة" التي تذكرهم بأنه لم يتغير شيء في مصر رغم قيام ثورة يصفها العالم بانها الاروع في تاريخ البشرية ويقول إنها ليست جديدة أو غريبة من شعب إحترف صنع الحضارة وتصديرها لكل العالم!!..إنها رحلة من العذاب جديرة بوزير النقل الحالي، وكذلك رئيسه وزير النقل الأسبق الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الذي إختاره ثوار التحرير لتنفيذ اهداف الثورة ولكنه فشل في هذه المهمة الي حد كبير حتي الآن..وأجد من واجبي أن اعود لتذكير الدكتور عصام شرف بأن التفويض الذي حصل عليه من الشعب الثائر في التحرير وكل ميادين وشوارع مصر ليس " علي بياض" ،وبأن "الطيبة" وحسن السيرة ليسا كافيين لضمان النجاح.. فالناس تريد حلولا فورية ناجزة لمشكلاتها الحياتية ..وأول هذه المشكلات هي معضلة الامن التي تتطلب ضرورة الإستعانة بقيادات شرطية غير ملوثة وشريفة من ضباط الصف الثاني ، وما أكثرهم..وكذلك تسريح أو محاكمة كل العناصر المتراخية والمتقاعسة التي تتصور أنها قادرة علي إعادة عقارب الساعة الي الوراء..أو لي ذراع الشعب المصري وتركيعه ودفعه الي الشعور بالندم لانه ثار في وجه جلاديه ورفض القمع والتعذيب ويصر علي أن تكون الشرطة في خدمة الشعب تحت سيادة القانون..ومما يلفت النظر في مسألة التراخي الامني المتعمد مثلا أن "ونشات " المرور لا تزال غائبة تماما عن الشارع الذي تُرك لفوضي مرورية غير مسبوقة أوقفت حال البلاد والعباد ..وكأن هناك مَن يريد أن يصنع "فوضي خلاقة" ليقول لأبناء مصر " هذه هي نتائج إنقلابكم علي نظام حكم مبارك ..رمز الاستقرار والاستمرار!!.."..وهنا أود أن أشير الي أن نزول الونشات لن يردع المخالفين ويحقق انسياب حركة المرور فقط ..بل إنه سيحقق دخلا يوميا كبيرا من إيراد المخالفات نحن في مسيس الحاجة اليه للمساعدة في مواجهة الازمة الاقتصادية التي نواجهها..وهناك أيضا قرارات حاسمة كثيرة يجب أن تتخذها حكومة الدكتور عصام شرف علي الفور إذا كانت جادة ، ويجب أن تكون، في مواجهة الازمة الاقتصادية وطمأنة الناس وربطهم بالثورة حتي يدافعوا عنها أمام أعدائها وهو كثر ..إنها قرارات تتعلق بالتقشف الحكومي ووقف هدر أموال الشعب في اعلانات "الفشخرة" أو الدعاية الحكومية..وكذلك تحديد سقف لما يتقاضاه الموظف العام في اجهزة الدولة ومؤسسات القطاع العام والمشترك والبنوك والصحف بحيث لا يتجاوز 20 الف جنيه شهريا ، مهما كانت رتبة هذا الموظف ، مع وضع حد أدني لدخل صغار العمال والموظفين يضمن حياة كريمة للجميع..والاهم من زيادة الدخل هو السيطرة علي السوق وتجريم رفع الاسعار بلا مبرر وتوقيع عقوبات رادعة وفورية علي المخالفين .. ولكن علي الدكتور عصام شرف أن يدرك أن هذه القرارت "الثورية" غير متصورة أو قابلة للتحقيق في ظل نظام بيروقراطي قديم ومتخلف لا يزال يحكم مصر ..وأقصد بذلك الشخصيات والاجهزة والافكار البيروقراطية العفنة التي لا تزال تعشش في دواوين الوزارات والمحافظات بل وفي ديوان رئيس الوزراء نفسه ..فلا بد من تطهير هذه العناصر القديمة لبدء فكر ثوري نريده جديدا في كل شيء ..وارجو أن يحذو رئيس الوزراء والوزراء والمحافظون حذو محافظ سوهاج الجديد اللواء وضاح الحمزاوي الذي بدأ تطهير ديوان محافظته من بقايا وفلول النظام البائد كبداية لازمة لعهد لا يمكن أن يكون فيه مكان لأصحاب فكر متحجر ومرتبط بفساد الحزب الوطني وأمن الدولة..فالتطهير هو الخطوة الاولي الطبيعية التي تتخذها أي ثورة حتي تعيد البناء علي اسس نظيفة..وهذا التطهير يجب أن يشمل فورا قيادات الاجهزة البيروقراطية بالدولة ..ولأن التغيير للافضل الذي نريده ونتمناه لا بد أن يكون شاملا وفاعلا فلا بد أن يبدأ بالصحافة والإعلام ثم التعليم حيث نرجو أن يبدأ التطهير بالقيادات الفاسدة في وزارتي التعليم والتعليم العالي وكذلك جامعة القاهرة التي ارتكبت قيادتها جريمة خطيرة في حق الحرية الاكاديمية بفصل طلاب لمجرد مطالبتهم بتغيير عميد من قيادات الحزب الوطني المنحل الذي أفسد مصر والحياة السياسية ، وخاصة بعد تورط هذه القيادات بالتحريض أو الصمت علي واقعة فض إعتصام هؤلاء الطلاب واساتذتهم بالقوة وضربهم بالعصي الكهربائية في الحرم الجامعي..وكان الاولي بالفصل والعقاب رئيس جامعة اهان جامعتنا العريقة وقدسية الحياة الأكاديمية عندما قرر إعطاء الدكتوراة الفخرية للسيدة "الاولي" السابقة في مظاهرة نفاق رخيصة يجب أن يدفع ثمنها هو ومجلس جامعته..ونطالب الدكتور عصام شرف بإعادة هؤلاء الطلاب فورا والسماح لهم بدخول الامتحانات اسوة بزملائهم.. الغريب أن كل هذه الآيات والتجليات للنظام القديم دهمتني وصدمتني بينما كنت عائدا مع الدكتور عبد الجليل مصطفي المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير والزميل الكاتب الصحفي عمار علي حسن ، من رحلة أخذتنا الي قنا والاقصر وسوهاج لعقد ثلاث ندوات هدفها شرح أهداف ثورة 25 يناير وضرورة الدفاع عنها لنسف النظام القديم..