أظهرت ردود فعل بعض المواطنين في محافظة قنا مدي أهمية المحافظ بالنسبة لهم ودوره الرئيسي في القرار المحلي وتسيير الخدمات الحيوية المحلية . وفي تقديري أننا في حاجة إلي بناء نظام للإدارة المحلية يستبعد دور المحافظ في صنع القرار المحلي، ويعمل علي نقل السلطة للمجالس المنتخبة ويضمن استقلالها بالقرار المحلي ومشاركة فعالة للمواطن في توزيع الموارد المتاحة بما يتفق مع الاحتياجات الفعلية وتوفير الخدمات العامة الضرورية لمعيشته وذلك وفق الأصول العامة للامركزية الإدارية . لقد أعطي قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 79 للمحافظ وضعا خاصا فهو ممثل للسلطة المركزية وكلفه بمباشرة عدد من السلطات الإشرافية والرقابية علي وجميع العاملين التنفيذيين العاملين بفروع الوزارات التي لم يتم نقل اختصاصاتها إلي الوحدات المحلية عدا الهيئات القضائية. ورغم أن المحافظ يتمتع بالصفة المركزية علي مستوي الإقليم ويعد ممثلا للسلطة التنفيذية بمحافظته ويراقب قرارات المجالس المحلية إلا أن من الغريب أن القانون اعتبره في نفس الوقت جزءا من السلطة المحلية وكلفه في ذات الوقت بأن يتولي بالنسبة إلي جميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاص وحدات الإدارة المحلية جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء، وله وضع القواعد العامة لإدارة واستثمار أراضي المحافظة وممتلكاتها والتصرف فيها. وهكذا يجمع المحافظ بين صفتين فهو يعد محليا وصاحب الحق في إدارة المرافق المحلية واتخاذ ما يراه من قرارات، وفي نفس الوقت هو صاحب الحق في الرقابة باعتباره ممثلا للسلطة المركزية. وهذا الوضع يعد خللا تنظيميا لا يضمن سلامة العمل والحرص علي الصالح المحلي كما يضعف أي أمل لتعميق الديمقراطية. علاوة علي ذلك لا يتفق وضع المحافظ هذا مع جوهر وفلسفة الإدارة المحلية وما جاء بدستور 71 والذي قضي بتشكيل المجالس الشعبية المحلية علي مستوي الوحدات المحلية عن طريق الانتخاب المباشر، وأن يكفل القانون نقل السلطة إليها تدريجيا. ويلاحظ أنه قد ترتب علي عدم دقة الصياغة وعدم تحديد زمن محدد يتم فيه نقل السلطة انه حتي اليوم وبعد مرور أربعين عاما لم يتم نقل السلطة إلي هذه المجالس. وعلي ذلك نطرح بعض التساؤلات للحوار العام: هل لم يحن الوقت بعد لنقل سلطة إدارة وتقديم الخدمات المحلية البحتة للمجالس المنتخبة بما يخدم المصالح المحلية ويتفق مع الاحتياجات الفعلية من جانب، ونحقق بذلك مشروع الثورة الأساسي وهو تعميق الديمقراطية من جانب آخر. وهل من الضروري أن يظل المحافظ هو المسيطر علي إدارة الخدمات المحلية بجانب عمله كممثل للسلطة المركزية ، ام من الأفضل أن يقتصر دوره علي رئاسة فروع إقليمية للسلطة المركزية تختص بالرقابة او الوصاية الإدارية علي المحليات ، بالإضافة إلي تفويضه بأداء بعض الواجبات والخدمات ذات طبيعة قومية او إقليمية تتعدي الطابع المحلي البحت، وذلك بتكليف أو تفويض من السلطة المركزية بهدف الحد من تضخم الوزارات وتفرغها لوضع السياسات المستقبلية من جانب، وتقريب الخدمة للمواطن ورفع كفاءة وفاعلية أدائها، ومن أمثلة هذه الواجبات (الأحوال المدنية، الدفاع المدني ، التنسيق والتعاون في أعمال الرقابة البيئية والصحية والبيطرية والأمن الصناعي، التخطيط للتنمية الاقتصادية بالإقليم، إدارة الري والمجاري النيلية، الأمن الصناعي، والتعاون مع الشرطة.. ألخ« وفي هذه الحالة قد يطرح تساؤلات أخري: هل يستمر استخدام مسمي "محافظه" لهذه الفروع الإقليميةالجديدة ام يطلق عليها مسمي آخر " أقاليم أو مناطق" ؟ وهل يعاد النظر في تحديد نطاقها الجغرافي وفق أسس جديدة علي سبيل المثال تتطابق مع النطاق الإقليمي للأقاليم الاقتصادية والذي يشمل حاليا عدة محافظات »إقليمالإسكندرية، إقليم شمال الصعيد، إقليم وسط الدلتا..ألخ« ؟ للعمل علي تقليل النفقات.