أمام المجلس القومي لمواجهة التطرف والإرهاب مهمة جليلة ينبغي أن تتوفر لها كل عوامل النجاح، حتي نستطيع تأمين الوطن واجتثاث هذا الوباء من أرض تعودت علي الدوام ألا تنتج إلا التسامح والمحبة والإخاء، والحضارة التي تنفع البشر، والوسطية التي تعلي من قيم الدين الحقيقية. لقد تحمل أبناؤنا في القوات المسلحة والشرطة عبء المواجهة لسنوات طويلة، وقدموا أغلي التضحيات من أجل وطن لا يخضع لفاشية تجار الدين ولا لإرهاب من استباحوا الدم الحرام وتعودوا علي الخيانة والغدر، وعاشوا علي خداع الناس باسم الدين الحنيف. وكان الشعب علي الدوام هو السند لجنوده البواسل وهم يخوضون الحرب ضد عصابات الإرهاب الإخواني الداعشي، ويسجلون صفحات مجيدة بدماء أعز الشهداء الذين افتدوا الوطن بأرواحهم. وكانت الوحدة الوطنية بين كل المصريين هي السياج المتين الذي حمي الوطن، وأسقط المؤامرات، وجعل من جيش مصر وشعبها سياجاً متيناً لا يخترقه العدو، ولا ينال منه إرهاب لا حدود لانحطاطه. ما أنجزناه كان حاسما بكل المقاييس، خاصة وأننا خضنا هذه الحرب في بعض الأوقات وحدنا، وواجهنا حصاراً ظالماً لاضعاف قوتنا في ساعات تقرير المصير، ووجدنا قوي دولية وإقليمية تدعم إرهاب الإخوان وتراهن علي خيانتهم للدين والوطن لتنفيذ مخططات الهيمنة علي المنطقة كلها حين يتم الحصول علي »الجائزة الكبري» التي كانت بالنسبة لهذا التحالف الشرير هي مصر وحدها التي يعرفون أن سقوطها يعني سقوط العرب والسيطرة علي مقدرات المنطقة لأجيال طويلة!! ما أنجزناه كان هاماً، لكن المهمة لم تنته والخطر سيظل ماثلاً لسنوات علي مصر والعالم كما نري من حولنا. وأمام المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف المهمة الأصعب، وهي الانتقال بالمواجهة من الجانب الأمني الذي اقتصرت عليه حتي الآن، لتكون المواجهة شاملة، وليكون الهدف ليس فقط القضاء علي هذه الشراذم من المنتمين لعصابات الإرهاب، وإنما استئصال هذا الفكر المدمر من جذوره، وحسم الصراع لصالح ثقافة التسامح والاعتدال وقبول الآخر والشراكة الحقيقية في الوطن وفي الإنسانية. ولن يكون ذلك إلا باستراتيجية شاملة تتضمن ثورة حقيقية في التعليم، واطلاقا للابداع الحر والفكر المستنير، واشاعة مناخ ينتصر للعقل والعلم ويقتحم العصر بشجاعة وثقة، ويقيم العدل علي أرض الوطن، ويعيد الحياة للشارع السياسي، ويحيل مصر إلي مصنع لبناء الوطن علي أسس الحداثة المستنيرة والوطنية الحقة، والتقدم الذي لا يهمل الروح ولا يدوس قيم العدل والحرية. طريقنا قد يكون طويلا وصعبا ولكنه الطريق الوحيد الذي يصل بنا إلي بر الأمان ويضع مصر في المكانة التي تستحقها، معركتنا ضد الإرهاب لابد ان تتجاوز الجانب الأمني لتكون اجتثاثا لفكر الإرهاب والتخلف من جذوره، وتمهيدا للطريق الذي نسير فيه آمنين إلي حيث مصر التي في خاطرنا جميعا.