10 سنوات هي عمر الانقسام السياسي الذي يسيطر علي السياسة الفلسطينية ويجثم علي حرية الشعب الفلسطيني قبل الاحتلال الإسرائيلي، ففي منتصف يونيو 2007 انقلبت حركة حماس علي السلطة الفلسطينية واستفردت بقطاع غزة، فيما بقيت حركة فتح تدير الضفة الغربية ومن يومها لم تنجح الوساطات الإقليمية والدولية رغم تعددها، بل أصبح الصراع بينهما يشتد يوميا ويزداد تعقيدا بما يزيد من الخطورة علي المشروع الوطني الفلسطيني ويضعف من قدرته علي مواجهة خطط الحكومة الإسرائيلية لتهويد القدس والضفة الغربية وإفشال كل مساعي قيام دولة فلسطينية مستقلة.ويبدو أن المياه الراكدة بين فتح وحماس قد تحركت بعد دخول القيادي بحركة فتح سابقا محمد دحلان علي الخط، وإن كان هذا الحراك تم مواجهته من قبل السلطة الوطنية، مما دفع حركة فتح لقطع الطريق علي دحلان والبدء في عرض مبادرات إنهاء الإنقسام تارة او الاستماع لمبادرات حماس تارة اخري بعد سلسلة من الاجراءات العقابية التي فرضتها السلطة علي حماس بفرض تضييق الخناق عليها داخل القطاع. مطالب حركة فتح أعلنتها بشكل واضح وجاءت في مقدمتها حل حماس للجنة الإدارية التي شكلتها لادارة قطاع غزة، وتمكين حكومة الوفاق من العمل في القطاع دون قيود، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 6 شهور، وتأتي مطالبها بهدف قطع الطريق علي التقارب بين حماس وتيار الإصلاح في فتح الذي يتزعمه محمد دحلان الذي يسعي بشتي الطرق لتفعيل المجلس التشريعي وإنجاز ملف المصالحة المجتمعية داخل قطاع غزة بتعويض أهالي الذين قتلوا في مواجهات الانقسام خلال عام 2007، وتفعيل لجنة التكافل الوطني وهي لجنة تم التوافق عليها بينه وبين حماس مهمتها تقديم مشاريع صغيرة للأسر الفقيرة لتكون مصدر دخل مستمر يكفي حاجتها من خلال تخصيص مبالغ مالية من عدة دول عربية. بينما أعلنت حماس شروطها من أجل إتمام المصالحة وتأتي علي رأس أولوياتها قبول السلطة بدفع رواتب موظفيها الذين عينتهم الحركة في المواقع الحكومية بقطاع غزة وإلغاء كل الإجراءات التي فرضت علي غزة بسبب تشكيل اللجنة الإدارية الحكومية التي ستحلها حماس فور استلام حكومة الوفاق لكافة مسئوليتها في قطاع غزة والذهاب في حوار وطني ومشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني والاستعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني، . اقتحام دحلان للإنقسام الفلسطيني بين فتح وحماس يبرره بأنه إحياء للمؤسسات السياسية الفلسطينية ومحاولة لتشكيل حكومة وحدة وطنية وإحياء البرلمان، وتنظر اليه حماس انه متنفس جديد لها بعيدا عن الحصار الذي يفرضه عباس عليها خاصة أن دحلان قدم رؤية متفائلة للقطاع تتعلق بتقديم مبلغ 100 مليون دولار لمحطة توليد الكهرباء مع تقديم العديد من المشروعات الحياتية في القطاع بهدف دب الحياة فيه مرة أخري، وقد تكون النوايا الطيبة لدي الطرفين حاضرة فيما يتعلق بعلاقتهما ولكن لا خلاف علي أن حماس ودحلان وجدا في بعضهما البديل المناسب لحركة فتح والسلطة. استمرار حالة الانقسام الثنائي الفلسطيني بين فتح وحماس ودخول تيار إصلاح فتح بقيادة دحلان كطرف ثالث يزيد من عقبة إنهاء »الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية»، ويساهم في استمراره خاصة وأن الانقسام يغيب الموقف الفلسطيني الموحد أمام المجتمع الدولي الذي يجد ضالته في تسويف الصراع بأن أطراف القضية الفلسطينية منشقون علي أنفسهم ولا سبيل لحل القضية مالم يتوحدوا، في ظل تسابقهما علي اقصاء كل منهما، بدلا من البحث عن طريق الوحدة الوطنية التي تمثل الأداة الوحيدة القادرة علي إنهاء »الاحتلال الإسرائيلي»، وتحقيق الدولة المستقلة.