»الفساد« كما هو في مصر فهو في كل بلاد العالم، وبنسب متفاوتة وتعمل الأجهزة الرقابية وكذلك الصحافة وأصحاب الاقلام والإعلام »الواعي« وكذلك النخب في الأوطان علي محاربته وكشف المستور عنه. كما أن وزارة التنمية الإدارية في مصر قد كشفت في تقرير شهير لها عن نقاط فساد في الجهاز الاداري للدولة وتحدثت وغيري كثيرون عن تدني الاجور واثر ذلك علي انتشار ما يسمي في بلادنا »بالحلاوة وبالشاي وألف حمد الله علي السلامة« كرموز داعية لدفع الرشوة أو كما »ندلعها« بالحسنة أو البقشيش وكلها وسائط للفساد المتعدد الأوجه وكذلك القيمة طبقا لما هو مؤدي من خدمات أو سمسرة في اداء عمل أو ترسية مناقصة أو تسهيل صرف مستحقات!! ومقالي اليوم قد اتخذ من تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وتأكيدات من المستشار جودت الملط في تقريره السنوي لمجلس الشعب حيث جاء عن الشركة القابضة للادوية دون سواها ان هناك مبيعات وهمية للشركة تصل الي 0051 مليون جنيه وان اقساما في معظم شركات ادوية عامة قد تم اغلاقها بمعرفة السلطات المختصة لعدم الصلاحية، كما اشار التقرير الي ان بعض الادوية التي تم تصديرها علي ضآلة حجمها قد تم ارتجاعها من الاسواق المصدرة لها لعدم صلاحياتها!! وأكد التقرير ان مديونية شركات الادوية للبنوك في زيادة مطردة. ولعل من أهم الاسباب التي ادت لهذه المديونيات وهو الانفاق الباهظ علي تأثيث المكاتب وشراء السيارات والحفلات والاعلانات في جميع الجرائد الخاصة قبل القومية علاوة علي نفقات السفر للخارج لأسباب وهمية!! بالاضافة إلي المكافآت لتسميات حديثة في الجهاز الاداري لهذه الشركات كمستشارين ومحاسيب وأتباع. والأكثر من ذلك تلك المخزونات من الأدوية المستوردة من شركات بعينها الامر الذي يلقي بظلال من الشك حول جدواها، ولعل ما سمعت عنه ويدل علي تعد صارخ علي المال العام هو استيراد أدوية غير مسجلة بوزارة الصحة، تحت بند »طلبات أفراد« وصل ثمن العلبة الواحدة بعشرات الألوف من الجنيهات علي سبيل المثال »حقنة« للأورام ثمنها خمسة عشر ألف جنيه وعلبة كبسول واحدة تصل الي ستين ألف جنيه وكل هذا استيراد بمخزون يصل الي الاستهلاك خلال سبعين شهرا في حين ان المتوسط الطبيعي لا يزيد علي شهرين الي ثلاثة شهور »كمخزونات أدوية« ناهيك أن تاريخ الصلاحية للاصناف المذكورة لا يتجاوز الاثني عشر شهرا في معظم الاحيان. ولعل الشركات المحظوظة التي يتم الاستيراد منها محددة، وهي »روش، فايزر، شيرنج العالمية، وشركة سيبلا الهندية«. ان الفساد في قطاع الاعمال العام للدواء والذي ابقته الدولة في حوزتها ليكون بمثابة خط الدفاع الاول عن المواطنين للحصول علي دواء آمن وبسعر مقدور عليه من طبقات الشعب المكافح والطبقات المتوسطة، ولعل الفساد الاداري في ذلك القطاع والذي أشار اليه تقرير المستشار جودت الملط قد اصاب بالاحباط خبراء هذه الصناعة الوطنية مما ادي الي توقف تطوير مصانع الادوية الامر الذي ادي ايضا لإغلاق بعض أهم أقسامها الانتاجية بمعرفة مفتشي وزارة الصحة. ان تقرير الجهاز الوطني لمجلس الشعب وضع صورة من صور الفساد الواجب ملاحقته وفتح تحقيقات حقيقية واتخاذ اجراءات حازمة بصدده امام وزراء مختصين ذوي صلة بهذا القطاع وهم وزيرا الاستثمار والصحة وكذلك يوسف بن بطرس بن غالي وزير خزانة مصر.