كيف يكون للفن خاصة الدراما التليفزيونية دور في التصدي للإرهاب والفكر المتطرف الذي تعاني منه مصر في الفترة الأخيرة.. وكيف يمكن أن يكون للفن دور مثل علماء الدين والجنود من رجال الجيش والشرطة وغيرهم في المواجهة التي تعيشها مصر ضد الإرهاب الآثم. يقول المؤلف يسري الجندي إن للفن دور كبير في دعم الدولة ومواجهة الإرهاب فبالفن نستطيع أن نقوِّم السلوك ونوعي الأفراد ونقاوم الإرهاب والعنف والتطرف والفن بشكل عام والدراما بشكل خاص له تأثير كبير علي المجتمع ويكون السبب الرئيسي في تدميره أو بنائه وعلي صناع الأعمال الدرامية أن يدركوا مدي تأثيرهم فهم يدخلون كل البيوت ويقتحمون العقول ويشكلون الوعي الجماعي للمجتمع بفنهم فيجب عند تقديم موضوع خطير كالإرهاب ومواجهته أن يراعوا تقديم العمل الهدف الحقيقي منه بدلا من أن يخدم قضية الإرهاب نفسها كمسلسل »غرابيب سوداء» الذي عرض علي قناة تحمل اسم مصر والذي أراه وللأسف يخدم الإرهاب لا يحاربه. تفريغ العقول وأكد الفنان محمد صبحي أن الفن له تأثير كبير علي المجتمع فمن الممكن أن يكون عرض مسرحية أو مسلسل سبباً في تدمير وهدم قيم مجتمع بالكامل وضياع أجيال.. وأكبر مثال علي تأثير الفن والدراما خصوصا علي النشء أننا أصبحنا كمجتمع نجنح للإسفاف وغابت القيم التربوية والآداب وأصبحت التفاهات هي السائدة وتسبب الفن بتفريغ عقل المشاهد وأصبح كل ذلك يصب في النهاية في مصلحة المتطرفين والإرهاب بشكل غير مباشر.. فلابد أن نقدم أعمالاً درامية ذات قيمة تمثل القدوة للشباب والأجيال وتكون حائط صد ضد الإرهاب والجماعات التي تخرب الفكر قبل أن تخرب المنشآت.. وأضاف أن صناع الدراما لابد أن يضعوا خطة واضحة لتدعيم الدولة ومحاربة التطرف والإرهاب. الإنتاج الحكومي وأوضح السيناريست مصطفي محرم أن الدراما لها تأثير أقوي من أي شيء آخر وللأسف آثارها السلبية أصبحت قوية علي الجمهور وكل ما نشاهده من عنف وتطرف وإسفاف علي الشاشة أصبحنا نشاهده في المجتمع، فلابد أن يراجع صناع الدراما ما يقدمون ويجب أن ينتبهوا أنهم إما أن يكون لهم دور في تقدم الأمة ورفعتها أو في دعم التطرف والإرهاب.. وعلي الدولة أن يكون لها دور وأن ترعي وتدعم الأعمال الجادة فيجب أن تعود الدولة للإنتاج من جديد إذا أرادت أن تستغل قوتها الناعمة مرة أخري. أقوي من الرصاص وأشارت الفنانة هالة صدقي إلي أن الفن بكل أنواعه سلاح أقوي من الرصاص وجندي حقيقي في مواجهة الإرهاب فالدراما المصرية كانت ومازالت تدافع عن الدولة وتحارب الإرهاب والتطرف بكل أنواعه فهناك الكثير من الأفلام والمسلسلات ناقشت الموضوع بشكل مباشر كفيلم »الإرهابي» لعادل إمام وغيره من الأفلام والعديد من المسلسلات أيضا ورغم غياب الإنتاج الحكومي واختفاء الأعمال الوطنية مثل »رأفت الهجان» وغيرها من الأعمال الكبيرة والتي ساهمت في تربيه أجيال علي الوطنية المصرية إلا أن الدراما مازالت تلعب دوراً قوياً وتحاول توعية الشباب بشكل لائق وعلي النقيض هناك أنواع أخري مما ينسب للفن والأدب بالباطل والتي تحتاج إلي رقابة لأنها مثل السموم التي تنشر علي هيئة أعمال فنية تافهة أو كتب تباع علي الأرصفة بأسعار زهيدة تحمل أفكارا متطرفة للعبث بعقول شبابنا. ضد الإرهاب وأضاف الفنان حسن يوسف أن الدراما التليفزيونية مقصرة بشكل كبير في معالجة القضايا المتعلقة بمواجهة الإرهاب واهتمت بتناول أنماط الأعمال الإرهابية المختلفة بعيدا عن التنظيمات الإرهابية الكبري مثل حوادث اختطاف الطائرات في مسلسل »أرض جو» ومحاولة تفجير مستشفي واحتجاز روادها في مسلسل »وضع أمني» وأري أن أحد أهم الأسباب التي أدت إلي بعد الدراما المصرية عن معالجة مثل هذه القضايا المهمة هو عدم وجود التشجيع الكافي من الدولة وأيضا من النقاد بمثل هذه الأعمال، فعلي سبيل المثال قدمت عملا بيناقش قضية الإرهاب منذ عامين يحمل اسم »دنيا جديدة» ودارت قصته حول نشوب صراع محموم داخل إحدي الحارات الشعبية، بين موظف وصل لسن التقاعد وتفرغ لإلقاء الدروس الدينية في المسجد، وبين أحد المنضمين إلي إحدي الجماعات الدينية المتطرفة التي تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تسيطر علي عقول الناس وأفكارهم وللأسف لم يلتفت له أحد ولم يشجعه النقاد علي الرغم من أنه كان مسلسلاً جيداً وله هدف كبير وبالتالي حدث إحباط كبير لكل القائمين علي العمل واضطر قطاع الإنتاج الخاص بالدولة لعدم إنتاج مثل هذه الأعمال ليحظي باهتمام وتغطية إعلامية مثل باقي المسلسلات وفي النهاية أجد أنه يجب العمل علي استراتيجيات إعلامية ضخمة لمواجهة الإرهاب بصورة كافية فالأعمال الدرامية التي تواجه انتشار ظاهرة الإرهاب في الوضع الحالي يقتصر علي وجود القليل من المبادرات الفردية بعيدا عن استراتيجية إعلامية واضحة تتبني هذا الهدف رغم الدعوات المتكررة في المحافل الإعلامية عن ضرورة وضع استراتيجية لمواجهة هذه الأفكار المتطرفة التي يتغذي عليها الإرهاب والحل هو ظهور هذه الاستراتيجية للنور وتعاون الجميع في خروجها بالشكل الذي يحقق أهدافها. روح الانتماء ويقول المخرج مجدي أبو عميرة للأسف الدراما الآن عاجزة عن طرح موضوعات عن الإرهاب وذلك لتخلي الدولة عن دورها الحقيقي في إنتاج الأعمال الهادفة والتي تدعو لروح الإنتماء علي غرار المسلسلات العظيمة التي تم تقديمها في الماضي مثل مسلسل »التوأم» والذي ناقشنا من خلال »قضية العائدون من أفغانستان» لأول مرة ومسلسل »الضوء الشارد» والذي ناقشنا فيه ظاهرة تفشي الجماعات الإسلامية في المجتمع المصري ومسلسل »العائلة» الذي طرح قضية الإرهاب بشكل مباشر وصريح واستطاع تعرية الجماعات الإرهابية أما الآن فحين ننظر إلي حال الدراما المصرية بعد انفراد القطاع الخاص بها فنجدها تدعو إلي الإرهاب ولا تحاربه. دعم الدولة وأكد المخرج محمد فاضل أنه لن يكون هناك أي دور للدراما المصرية في مواجهة الإرهاب أو أي قضية وطنية أو اجتماعية أخري قبل أن تقوم الدولة بدعم الإنتاج الدرامي بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق تهيئة المناخ المناسب للأعمال الهادفة فالدولة منسحبة بشكل كامل من الإنتاج منذ سنين وتركت الساحة للإنتاج التجاري مما تسبب في وجود الأعمال سهلة التسويق بعيدا عن الأعمال الهادفة وعند تناول البعض منهم لموضوع مثلا عن الإرهاب والتطرف فيكون ذلك بشكل سطحي لجذب المشاهدين وليس لتوعيتهم بل وصل الأمر ببعض الأعمال إلي عرض القضايا بشكل مضلل مثل ما حدث في الجزء الثاني من مسلسل »الجماعة» والذي أظهر سيد قطب كفيلسوف.