لقد قام شعبنا بثورة أجمع العالم علي أنها أنبل الثورات وأعظمها، وضربت قواتنا المسلحة أروع المثل في الحفاظ علي هذه الثورة وفي عملية التحول الديمقراطي بطريقة سلمية حتي تصل مصر إلي بر الأمان. كما لم تدخر حكومة الشعب جهداً في توفير احتياجاته الضرورية رغم الضغوط الاقتصادية غير المسبوقة التي نواجهها. ولقد جاءت الفتنة الطائفية بالأمس تعلن أن كل هذه الإنجازات مهددة، وأن مصر أصبحت بالفعل أمة في خطر. لم يبالغ الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء عندما حذر في بيانه أمس بأن مصر أصبحت بالفعل أمة في خطر. فما حدث ويحدث في بلادنا من مظاهر الحرب الطائفية يؤكد وجود هذا الخطر الذي يحيط بأمتنا المصرية. ولسنا الآن في ترف التبرع بالبحث والتنقيب عمن الذي أطلق الرصاصة الأولي، ولا من الذي تلقاها في صدره أو رأسه، لأن ذلك هو ما يقوم به حاليا المحققون الأمنيون والقضائيون. الذي يهمنا أولا كما أتصور أن نتابع، ونشارك، ونقيم، ما تنوي الدولة أن تفعله في مواجهة »الخطر الذي تعيشه حاليا أمتنا«.. كما أكد الدكتور عصام شرف في بيانه إلي المصريين أن المشاركة الشعبية حتمية أكثر منها تطوعية. المتطرفون المتعصبون ليسوا وحدهم المسئولين عن تأجيج نيران الفتنة الدينية بين المصريين. فهناك من سبقوهم في نشر الجهل وإظلام العقل ورفض الآخر. وهناك أيضا من أعطي أذنيه لسماع الجهل، وتحمس لترديد ما سمعه من تخلف، وخصص قلمه ولسانه لنشر ما اقتنع به من مبررات تكفير الآخرين، وازدراء معتقداتهم، ونبذهم، وصولا إلي التحرش والتربص بهم، وحرق دور عبادتهم وتبادل إطلاق النار معهم! الخطر أصبح مفزعاً بعد تكرار أحداث ما نصفه بالفتنة الطائفية.. وآخرها ما حدث بالأمس في إمبابة. وقد ذكرتنا الكاتبة، الشاعرة، الأستاذة ماجدة سيدهم.. بمقولة قديمة تضمنها ديوان شعر أصدرته منذ فترة تحت عنوان »صمت امرأة علي الهامش« تقول: »عندما يتزوج الخوف الفوضي يصبح جميعنا قضاة بلا فهم وآلهة بلا ضمير«. هذا المشهد المفتعل صار كما كتبت ماجدة سيدهم أمس حقيقة الآن، ولم يعد يهم منذ متي نضجت جذوره وتأصلت روافده، ولم يعد يجدي الركض وراء تفسير الأسباب واقتراح الحلول المتراكمة بين ردهات المؤتمرات وأرفف المكتبات ومرأي الفضائيات! المقال البديع الذي قرأته أمس للكاتبة الشاعرة ماجدة سيدهم جاء فيه: »ليس ثمة أديان، بل هناك إيمان الذي هو حالة وجدانية خالصة وعلاقة روحية ما بين المرء وما يؤمن ويعتقد. ولسنا في حاجة إلي المزيد من المآذن والقباب. لسنا في حاجة إلي نصح وإرشاد ولاة الدين. فالحلال بين والحرام كذلك. نحن في حاجة عاجلة وملحة إلي حوار إنساني وأخلاقي نبيل في حاجة ضرورية لإعادة تربيتنا من جديد علي الحب والجمال والفهم والتعايش والعناق والتسامح والانفتاح والعمل والبذل والانتماء والإبداع والضحك. نحتاج الآن إلي ثورة علي قوي الجهل والأمية الإنسانية. ثورة اكتشاف الإنسان الميت فينا لنكون حقا جديرين بأنفسنا والحياة والوطن. لذا فليذهب الهوس الديني إلي الجحيم.. ولتكن المصانع وترتفع المدارس والمستشفيات ودور الرعاية، وليتدفق استصلاح الأراضي والبنية الأساسية والمساكن ورصف الطرق والبحث العلمي وتشجير المدن وتوفير الأدوية والمتنزهات والمسارح.. ولتكن الكرامة، وليكن الإنسان. وتختتم ماجدة سيدهم مقالها علي النت قائلة: »فلنغتسل الآن بدم شهداء الحرية الذي هو طريق المصالحة بين المرء ونفسه والآخر. هذا جل الإيمان. بالمزيد من المحبة يرتفع الفهم والمعرفة في امتلاك القدرة علي التمييز في الأمور المتخالفة«. كلمات بسيطة لكنها في الصميم، وأتمني لو اقتنعنا بها وساهمنا في تحقيقها كأحد الحلول السهلة لمواجهة الخطر الذي يحيط بأمتنا.. كما قال رئيس الحكومة د. عصام شرف.