الخميس: بعد مرور 100 يوم من الثورة، بدأت ألاحظ أن مشاعر الناس أصبحت متضاربة ومتباينة.. بعض الناس أصبحت »قلقانة«، والبعض سيطر عليهم الخوف، وآخرون وقفوا يترقبون في انتظار حدوث »شيء ما« لا يعرفونه.. بينما ظل البعض علي رغبته في البناء. في تلك المرحلة الدقيقة، وبعد مرور هذه الأيام المائة، وجدت أن من واجبي تجاه بلدي أن أقدم رسالة محددة، موجهة للمصريين.. كل المصريين. »بكره أحلي« هو البرنامج الذي يعرض علي شاشة التليفزيون المصري، وبدأت أولي حلقاته اليوم »الخميس«، لنحقق سويا حلم لنهضة لبلدنا. وضعت لهذا البرنامج ثلاثة أهداف أساسية؛ أولها بث الأمل في نفوس المصريين بأن وضع مصر علي الطريق الصحيح، والمكانة التي تستحقها علي منحني الحضارة العالمي، وأن القادم أفضل لبلادنا ولأولادنا الذين سيستنشقون هواء الحرية الحقيقية، وفي نفس الوقت سيلمسون آثار الطفرة التنموية والعلمية التي نسعي لتحقيقها، وأن الدول التي كانت في ظروف مشابهة لظروفنا، واستطاعت أن تنهض باقتصادها ومستوي معيشة شعوبها ليست أفضل منا. أما الهدف الثاني فهو دعوة للبناء لا الهدم، ففي كل قطاع من قطاعات البلد سندعو لأفكار بناءة وتجارب عملية ونماذج ناجحة تنهض بهذا القطاع. أما الهدف الثالث فهو الدعوة للاصطفاف »إيد واحدة.. صف واحد«.. وجودنا جميعا علي قلب رجل واحد كما كنا في ميدان التحرير، هو الضامن لاستمرار نجاح الثورة، والحفاظ علي مكتسباتها. الجديد في هذا البرنامج انه قائم علي المشاركة الحقيقية من الشعب، فلأول مرة ستجد أن الناس تصنع البرنامج ثم تشاهده.. وكأن هذا البرنامج يشارك في إعداده ملايين المصريين. أشعر بمسئولية كبري تجاه بلدي في هذا البرنامج الذي يعد أول ظهور لي علي شاشة التليفزيون المصري منذ أن بدأت مسيرتي مع الناس.. وأرجو أن يكون خطوة تساهم علي طريق البناء والنهضة. الأسد الحكيم الأحد: تذكرت قصة خيالية بعنوان »الأسد الحكيم« عن أسد كان يسير في الغابة وقد أعياه العطش وظل يبحث عن الماء.. وبعد وقت طويل وجد بئر ماء، ففرح به الأسد وراح علي البئر ليشرب وفجأة ظهر نمر وقال للأسد: »البئر ده بتاعي«! وبدأ التنازع بين الأسد والنمر علي البئر، وبعد مشاجرة عنيفة بينهما تنازل الأسد للنمر عن البئر فصاح النمر قائلا: أنا الأقوي، فرد الأسد: تركت لك البئر ليس لخوفي منك ولكنني رأيت النسر فوق الشجرة ينتظر أن نقتل بعضنا بعضا ليأكلنا، ففضلت أن أتنازل لك عن البئر فرد النمر: إذا..أنت الأقوي. الأقوي هو من يترك صغائر الخلاف من أجل يد في يد ... صف واحد إياكم يا مصريين أن تفترقوا وتتنازعوا فيأكل العدو المتربص بنا لحمنا. مصر كبيرة السبت: »إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها«.. هذا الحديث النبوي الشريف تأملته كثيرا الأيام الماضية، وأنا أتابع العديد من القضايا والمشكلات المثارة علي الساحة في مصر حاليا. فالله عز وجل يريد من عباده أن يكونوا علي قدر عظيم، ومكانة سامية، وأسلوب راق، ويكره أن تصدر من العباد أفعال صغيرة، أو أن ينشغلوا بالتفاهات والأمور الهامشية. قرأت الحديث النبوي وفكرت فورا في بلادي. إن مصر دولة عريقة.. هذا ليس تعصبا لوطننا.. لكنها حقيقة وقدر واختيار من الله عز وجل لهذا البلد العظيم.. ودون مبالغة أو غرور، ظل قدر مصر عبر التاريخ أنها تصنع الأحداث، وتقود الأمة، فيجب أن ينظر الجميع لمصر بما يتناسب مع هذا القدر، وبما يتماشي مع تلك المكانة. هذه النظرة ليست فقط واجبة من الآخرين لمصر والمصريين، لكن المصريين أنفسهم مطالبون بأن يرتفعوا إلي تلك المرتبة التي أوجدهم الله فيها. لم يعجبني أن تخصص ساعات بث طويلة، وأن تسكب الأحبار، وتملأ الصفحات في خلافات هامشية، وقضايا جانبية، أخف أضرارها أنه لا ينبني عليها عمل، وأشد أضرارها أنها تشق الصف وتزرع الفتنة والفرقة بين المصريين. لن أذكر هنا أمثلة لهذه السفاسف التي شغلت المصريين خلال الفترة الأخيرة، وشدت انتباههم عن مهمتهم الوطنية الحالية وهي إعادة بناء مصر ما بعد ثورة 25 يناير، وبعث أمل النهضة من جديد. علي المصريين ألا ينزلوا إلي قضايا تمثل سفاسف الأمور، فيختلفوا عليها، ويتشاحنوا حولها، فلكي يبقي قدر بلدنا عظيم، يجب أن تكون موضوعات نقاشاتنا جادة، وأسلوبنا متحضرا، وخلافنا صحيا. الأمل العربي الأربعاء: يقيني في الله كبير.. وثقتي لا تهتز في أن »بكره أحلي«، وأن الغد سيكون أفضل كثيرا بإذن الله لمصر وللمصريين، بل أثق أيضا أن هذه النهضة التي أتمناها وأتوقعها لبلادي سيكون لها أثر كبير علي المنطقة العربية كلها. والشواهد علي تلك النظرة المتفائلة عديدة منها الحراك الديمقراطي الحادث في العديد من الدول العربية حولنا، بعد أن وضعت الشعوب العربية الثورة المصرية في مرتبة النموذج والقدوة، وهبت تطالب بحقوقها السياسية، ومطالبها الاقتصادية والاجتماعية، بأسلوب سلمي راق كما فعل المصريون. وأعتقد أنه خلال 10 سنوات فقط من الآن ستتغير صورة العالم العربي تماما، بعد أن تكون هذه الحركات الشعبية قد آتت ثمارها، وحدث تغيير في الرؤساء الذين كانوا يحولون بين شعوبهم وبين النهضة والتنمية. ومن الشواهد الباعثة علي التفاؤل والسعادة أيضا ظهور جيل جديد من الشباب العربي، وفي القلب منه الشباب المصري.. جيل مهتم بالشأن العام، ومهموم بقضايا بلده، ويسعي لتحقيق أحلام وطنه وليس منغمسا فقط في همومه الشخصية ومصلحته الضيقة. هؤلاء الشباب نجدهم الآن يتحدثون عن قضايا التعليم والتنمية والتنمية البشرية، ولم يعد النقاش مقصورا فقط علي قضايا ليست ذات قيمة ولا هدف. أختتم بأن اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي تم توقيعه في القاهرة اليوم بين حركتي فتح وحماس من بواعث الأمل في إنهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد جهودنا تجاه العدو المشترك، لأننا أخيرا عرفنا أن شعار »إيد واحدة .. صف واحد« هو السبيل الوحيد لمواجهة عدونا، فهو كلمة السر في تحقيق آمال الشعب الفلسطيني، كما كان كلمة السر في إنجاح الثورة المصرية العظيمة. وقد وزاد من فرحتي أن »مصر ما بعد ثورة 25 يناير« هي التي قادت تلك المصالحة، ورعت ذلك الاتفاق. ألم أقل لكم إن الله قدر لمصر أن تكون دولة عظيمة. علي حائط ال فيس بوك »خير الناس أنفعهم للناس«.. حديث شريف عندما تثق بإنسان بشكل كامل دون حذر فإما صديق مدي الحياة أو درس مدي الحياة. لن يضيع طلب أنت طالبه بربك.. ولن يتيسر طلب أنت طالبه بنفسك. الصديق المزيف كالظل ... يمشي وراءك عندما تكون في الشمس.. ويختفي عندما تكون في الظلام.