حذرت جهات عراقية غير رسمية من ظهور جديد ليهوذا الاسخريوطي اليهودي الذي باع السيد المسيح بقليل من الفضة الي اعدائه بعد ان كان من تلاميذه. وقالت ان هناك أكثر من يهوذا يدعي الوطنية ويرتدي أردية الابطال ولكنه مستعد لتسليم رأس العراق لاعدائه لا جسد المسيح وحده. ان أمثال يهوذا الاسخريوطي هذا ممن أعماهم الطمع ونهشت ارواحهم شهوات السلطة والحلم بالتوزير بعد التزوير, يمكن رؤيتهم بكل وضوح من داخل المشهد السياسي العراقي لانهم لا يخفون رغباتهم بالحصول علي مكاسب ومغانم حتي لو أدي ذلك الي كارثة وطنية جديدة. والمشكلة ان هناك أكثر من يهوذا واحد في كل ائتلاف أو تحالف أو تيار أو حزب. وهو جاهز لبيع العنب والسلة مقابل كرسي في الوزارة أو حقيبة دبلوماسية أو مستشار لا يستشار. انها الذمم الضعيفة والضمائر الميتة والمصالح الانتهازية التي كانت وراء كثير من الويلات والنكبات في تاريخ العراق. وكلنا نعرف مئات الاسماء التي تقلبت بين ليلة وضحاها بين هذا الحزب وذاك في سبيل مصالحها الشخصية ولا يهمها ان ترتدي "العمامة" أو "السدارة" أو القبعة أو "الجراوية" أو طاقية الاخفاء مادام ذلك يحقق حلمها في المنصب والسلطة والمال.. وماذا يعني اذا كان شيوعياً ثم صار بعثياً وتحول في غفلة من الزمن الي اسلامي متطرف أو أصبح من عصابة بوش او جماعة اوباما أو عضو في ميلشيا تقتل الناس علي الهوية؟ ومعظم السياسيين العراقيين الحاليين تقلبوا بين الجهات الاربع. فرئيس الجمهورية الكردي جلال الطالباني كان اشتراكيا عروبياً قومياً, وزايد في ذلك فاصبح ناصرياً ووحدوياً! ثم صار فيدرالياً شوفينياً لا مانع لديه من سلخ اربع محافظات عراقية واقامة دويلة عنصرية انفصالية عليها. وأحد نائبيه وهو عادل عبد المهدي كان شيوعياً ماركسياً وفجأة صار بعثياً ثم استدار ليصبح اسلامياً طائفياً متطرفاً وموالياً لولاية الفقيه في ايران. أما النائب الآخر طارق الهاشمي فكان شبه بعثي قبل ان يصبح من الاخوان المسلمين. وحين أوشكت سفينة الحزب الاسلامي الطائفي في العراق علي الغرق ركب قارب التغيير فأسس حزباً علمانياً مستقلاً وانضم الي ائتلاف العراقية تحت زعامة اياد علاوي. أما اياد علاوي نفسه فكان عضواً متقدماً في حزب البعث ثم تمرد عليه وانضم الي المعارضة في الخارج وهو اليوم رئيس القائمة العراقية التي تستند الي الكتل الوطنية والقومية. وهناك شائعات عن احتمال تعاونه مع رئيس حزب الدعوة الطائفي نوري المالكي لاقتسام كعكة الحكومة الجديدة. ومواقف أحمد الجلبي شهيرة فهو تقلب من ملكي اقطاعي الي علماني معارض الي امريكي للعظم الي طائفي متطرف الي ايراني الهوي. أما ائتلافا السلطة دولة القانون بزعامة المالكي والمجلس الطائفي الاعلي بزعامة عمار الحكيم فهما مشحونان بكثير من اعضاء الفرق السابقين في حزب البعث الذين كشفوا عن وجوههم الطائفية الحقيقية بعد الاحتلال الامريكي وصاروا يسبحون يومياً بحمد خامئني ونجاد وكل انواع السجاد الايراني. وتحت العباءة يقبض كثير من قادة الاحزاب الاخري وبعض السياسيين المستقلين أموالاً من قوات الاحتلال الامريكي تارة ومن الاحزاب الكردية تارة أخري. ومن تابع خلطة الوفود العراقية التي تجولت في دول الجوار ينتابه العجب لان رؤساء تلك الوفود يتلونون تلون الحرباء في كل عاصمة من عواصم دول الجوار. ففي سوق السياسة العراقية في ظل الاحتلال كل شيء للبيع من المبادئ الي الوطن.. ومعظمهم يرتدون جلباب يهوذا الاسخريوطي الذي تقلب بين اليهودية والمسيحية والاسلام. واذا عدنا الي الحملات الانتخابية الاخيرة في العراق لوجدنا ان كل المرشحين ارتدوا عباءة الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية لكن الاسخريوطيون خلعوها فور ظهور النتائج وعادوا الي الطائفية والتلويح بالحرب الاهلية. ظهرت الحقيقة ولم يعد هناك من يرتدي طاقية الاخفاء.