كثيرون هم ضحايا الثورة وأكثر منهم ضحايا الانفلات الامني الذي صاحبها بعد انسحاب رجال الشرطة من الشارع وهروب - أو تهريب - المساجين وعودة البلطجة الي الشارع المصري بقوة وتبجح فلم يعد البلطجي يخشي ارتكاب جرائمه في وضح النهار وعلي مرأي ومسمع من الجميع، البلطجة التي انتشرت في ربوع مصر قبل تدخل الجيش بقوة وحزم كان لأبناء الصعيد منها جانب كبير فالبيئة مناسبة تماما خاصة مع كثرة الطرق الصحراوية غير المأهولة بالسكان وتحيطها الجبال من كل جانب. محمود إبراهيم حافظ صاحب سيارة نقل بالمنيا ناله قسط وفير من أعمال البلطجة قضي علي مصدر رزقه الوحيد، يقول محمود خرجت يوم 5 مارس بسيارتي النقل لأنقل حمولة من البنجر الي مصنع سكر بالفيوم وعلي الطريق الصحراوي الغربي في الثانية ظهرا فوجئت بعدد من السيارات متوقفة وظننت أن كمين شرطة وراء توقفهم ولكني لم أمر بكمين شرطة من قبل في هذا المكان.. اقتربت أكثر فإذا بعدد من قطاع الطرق الملثمين يهددون أصحاب السيارات بالقتل ويأخذون سياراتهم عنوة بعد إجبارهم علي التوقيع علي مبايعة تنقل ملكية السيارة رسميا إليهم لمحت أحدهم يقترب مني شاهرا في وجهي طبنجة وقبل ان يدنو مني أكثر فررت بالسيارة ونظرا لثقل الحمولة لم تسعفني السيارة حيث بدأوا ملاحقتي بدراجاتهم البخارية وأطحت بأحدهم علي جانب الطريق لكن الرمال أنقذته لما أيقنت أني لن أستطيع الفرار منهم قررت النجاة بحياتي وتوقفت بالسيارة علي جانب الطريق وأوصدت أبوابها واختبأت بين الجبال. راقبت الموقف من خلف الجبال دون ان يراني أحدهم وما كان منهم بعد الا ان أحرقوا الكابينة ظنا منهم أني مختبئ بداخلها وفروا هاربين، هرعت علي الفور الي السيارة وحاولت إطفاءها وساعدني بعض المارة ونجحنا في إطفائها ولكن بعد ان أكلت النيران الكابينة بأكملها ونصف حمولة البنجر وأصبحت السيارة هشيما تذروه الرياح، حررت محضرا بالواقعة ولكني أصبحت عاطلا بلا عمل وأعيش وأبنائي الأربعة وزوجتي علي ما تبقي من تحويشة العمر التي أنفقت أكثر من نصفها علي »عمرة« للسيارة قبل الحادث بأسابيع قليلة.. المشكلة التي تواجه محمود انه لم يسدد كامل أقساطها وتبقي من أقساطها ما قيمته 184 ألف جنيه فضلا عن 30 ألف جنيه أقساط »كاوتشات« للسيار التي تحتاج الي »عمرة« جديدة تكلفتها حوالي 100 ألف جنيه تعود كما كانت، لم يجد محمود سبيلا لتعويضه إلا مبادرة الأخبار لتعويض متضرري الثورة وقررت الجريدة صرف مبلغ 10 آلاف جنيها لضحية الانفلات الأمني.