قررت المحكمة الدستورية العليا أمس برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق وقف جميع الاحكام الصادرة من القضاء الإداري والأمور المستعجلة بشأن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وذلك مؤقتا لحين الفصل في منازعتي تنفيذ الاحكام المقامتين من هيئة قضايا الدولة. وأكدت المحكمة أن قرار الوقف صدر إعمالا لنص الفقرة الثالثة من المادة 32 من قانون المحكمة الدستورية العليا التي تتيح لرئيس المحكمة وقف الاحكام لحين الفصل في الشق المستعجل من دعاوي التنفيذ. وأشارت المحكمة الدستورية العليا إلي أن أمر وقف التنفيذ صدر استنادا علي ما ورد بتقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا، من توافر ركني الجدية والاستعجال في الطلب العاجل بوقف التنفيذ. وأكدت المحكمة أن تقرير المفوضين انتهي إلي أن الحكمين الصادرين من القضاء الإداري والأمور المستعجلة تغولا علي اختصاص سلطتي الموافقة والتصديق علي الاتفاقية من ممارسة وظيفتها الدستورية في مراقبة وتقييم أعمال وإجراءات إبرام الاتفاقية وموضوعها، استنادا إلي مانصت عليه المادة 151 من الدستور، إلي جانب وجود شبهة العدوان علي الاختصاص المنفرد للمحكمة الدستورية العليا. وأضافت المحكمة الدستورية أن تقرير المفوضين أوصي بأن تقضي المحكمة بعدم الاعتداد بالحكمين المتناقضين، لمخالفتهما قواعد الاختصاص الولائي. وقالت المحكمة ان تقرير المفوضين أكد ان حكم القضاء الإداري القاضي باختصاصه بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية علي اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، خالف الدستور كون توقيع المعاهدات الدولية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء. وقالت المحكمة: حيث انه عن ركن الاستعجال فهو ظاهر، إذ يغلب أن يترتب علي تنفيذ حكم جهة القضاء الإداري أضرار يتعذر تداركها تتمثل في التأثير علي علاقات مصر الاستراتيجية، ومظنة الافتئات علي اختصاص سلطة الموافقة علي الاتفاقية من ممارسة وظيفتها الدستورية في مراقبة وتقييم أعمال واجراءات ابرام الاتفاقية وموضوعها، علي النحو الذي عينته المادة 151 من الدستور، تغولا علي هذه السلطة، وشبهة العدوان علي الاختصاص الاستئثاري للمحكمة الدستورية العليا إذا ما عرضت عليها الاتفاقية في وقت قادم. وأضافت المحكمة ان التقرير أكد أيضا ان الاحكام الصادرة من القضاء المستعجل في منازعة التنفيذ، بعدم الاعتداد بالاحكام الصادرة من مجلس الدولة، مخالف للدستور لانه محظور دستوريا طبقا لنص المادة 190 ان تلغي الامور المستعجلة أحكاما صادرة من محاكم مجلس الدولة. ومن جانبه قال مصدر قضائي بالمحكمة الدستورية العليا ان لرئيس المحكمة أن يأمر بناء علي طلب ذوي الشأن بوقف تنفيذ الحكمين أو أحدهما حتي الفصل في النزاع. وأكد مصدر قضائي مسئول بالمحكمة الدستورية العليا ان قرار رئيس المحكمة بوقف الأحكام الصادر بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية هو »إجراء» يخص الشق المستعجل من القضية، وهو ما يعني وقف الاحكام الصادرة بشأن الاتفاقية لحين الفصل في الدعوي الموضوعية، من قبل المحكمة الدستورية العليا بشأن الاتفاقية، سواء بسريانها أو بطلانها. وأشار المصدر القضائي إلي ان المشرع حظر علي القضاء النظر في أعمال السيادة. كما جاء هذا الحظر أيضا بنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنه 1972، والتي تنص علي: »لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة». وأوضح ان المحكمة الدستورية العليا فسرت في العديد من احكامها بأن أعمال السيادة هي الأعمال التي لا يتهيأ للقضاء النظر فيها، حيث ان طبيعة تلك الأعمال تمارسها الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا ادارة، ومن ثم فلا يتصور ان تنظر تلك الأعمال أمام ساحات المحاكم، ومن القضاة باعتبارهم غير مختصين ولائيا بذلك، وبالتالي فهو عمل محظور النظر فيه أمام القضاء.