جاء الأمر الوقتي الذي أصدره المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المحكمة الدستورية العليا, بشأن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية, ليحسم هذا الملف. وأكد بيان للمحكمة الدستورية العليا, أن رئيس المحكمة أصدر أيضا أمرا وقتيا مماثلا في شأن الدعوي رقم121 لسنة2017 مستعجل القاهرة المؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم157 لسنة2017 مستأنف تنفيذ موضوعي جنوبالقاهرة, والتي كانت قد تضمنت حكما بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ببطلان الاتفاقية. جدير بالذكر, أن الأمر الوقتي الذي أصدره رئيس المحكمة الدستورية العليا جاء إعمالا للفقرة الثالثة من المادة32 من قانون المحكمة الدستورية العليا, ولحين الفصل في تنازع الأحكام القضائية وتنص تلك الفقرة علي أنه لكل ذي شأن أن يطلب إلي المحكمة الدستورية العليا الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين في الحال المشار إليها في البند ثالثا من المادة25 ويجب أن يبين في الطلب النزاع القائم حول التنفيذ, ووجه التناقض بين الحكمين ولرئيس المحكمة أن يأمر بناء علي طلب ذوي الشأن بوقف تنفيذ الحكمين أو أحدهما حتي الفصل في النزاع. وأوردت المحكمة الدستورية العليا حيثيات لأمرها الوقتي تضمنت أن المحكمة الدستورية العليا استخدمت المادة32 المشار إليها, بإصدار الأمر الوقتي بناء علي الطلب العاجل في الدعوي, بوقف تنفيذ الأحكام الصادرة في محل النزاع, لحين الفصل في الدعوي. كما استندت إلي أن أمر وقف التنفيذ صدر محمولا علي ما ورد بتقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا, من توافر ركني الجدية والاستعجال في الطلب العاجل بوقف التنفيذ, وهو إصدار هذا الأمر, إذ أفصح التقرير عن توافر ركن الاستعجال; لمظنة الإفتئات علي اختصاص سلطتي الموافقة والتصديق علي الاتفاقية من ممارسة وظيفتها الدستورية في مراقبة وتقييم أعمال وإجراءات إبرام الاتفاقية وموضوعها, علي النحو الذي عينته المادة151 من الدستور, تغولا علي هذه السلطة, وشبهة العدوان علي الاختصاص المنفرد للمحكمة الدستورية العليا. وأشارت الدستورية العليا إلي أن التقرير جاء سنده في توافر ركن الجدية, علي ما أفصح عنه ظاهر أوراق الدعوي, من رجحان أن تقضي المحكمة الدستورية العليا بعدم الاعتداد بالحكمين المتناقضين, حال أنهما قد خالفا قواعد الاختصاص الولائي, بأن قضي أولهما باختصاص القضاء الإداري بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية علي اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية, حال كونه ممنوعا من ذلك بحسبان التوقيع علي المعاهدات الدولية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء, في حين قضي الثاني حكم القضاء المستعجل في منازعة تنفيذ موضوعية, بعدم الاعتداد بحكم صادر من جهة القضاء الإداري, وهو الأمر المحظور عليه دستورية بنص المادة190 من الدستور. وفي التعليق علي الأمر الوقتي الصادر عن المحكمة الدستورية العليا نجد أن ذلك الأمر الوقتي يعتبر بمثابة إجراء فيما يخص الشق المستعجل من القضية, وهو ما يعني وقف الأحكام المتناقضة الصادرة بشأن الاتفاقية لحين الفصل في الدعوي الموضوعية من قبل المحكمة بشأن الاتفاقية سواء بسريانها أو بطلانها. كما أن القرار الصادر يعتبر أن الاتفاقية تمس السيادة العليا للدولة, بأنه لا يجوز للقضاء نظر القضايا المتعلقة بالمعاهدات الدولية, علي أن يكون الحكم الصادر فيما بعد باتا ولا يجوز الطعن عليه من قبل أي جهة قضائية أخري أو أشخاص, وقد حظر المشرع علي القضاء النظر في أعمال السيادة, وقد جاء ذلك في نص المادة17 من قانون السلطة القضائية رقم46 لسنة1972 والتي تنص علي: ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة في أعمال السيادة. وجاء هذا الخطر أيضا بنص المادة11 من قانون مجلس الدولة رقم47 لسنة.1972 والتي تنص علي: لا تخص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة واستنادا إلي ذلك الحظر فقد منع المشرع علي القضاء بجهتيه العادي والإداري التطرق لأعمال السيادة باعتباره غير مختص ولائيا بنظرها. ولم يفسر المشرع أو يوضح ماهية أعمال السيادة وتركها لتقدير كل حالة علي حدة وكل ذلك يخضع بطبيعة الحال لرقابة المحكمة الدستورية العليا. وفسرت المحكمة الدستورية العليا في العديد من أحكامها أعمال السيادة بأنها الأعمال التي لا يتهيأ للقضاء النظر فيها, حيث إن طبيعة تلك الأعمال تمارسها الحكومة باعتبارها سلطة حكم, لا إدارة ومن ثم فلا يتصور أن تنظر تلك الأعمال أمام ساحات المحاكم ومن القضاة باعتبارهم غير مختصين ولائيا بذلك وبالتالي فهو عمل محظور النظر فيه أمام القضاء. في غضون ذلك, نجد أنه من الضروري التأكيد علي أن المادة195 من الدستور تنص علي أن تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا, وهي ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة, وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم, وينظم القانون ما يترتب علي الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار, وهو الأمر الذي يضحي معه وجوب وقف الأحكام الصادرة في محل النزاع, سواء أكانت الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا أو محكمة الأمور المستعجلة, لحين الفصل في دعوي التنازع. وقالت المحكمة: إن الأمر الوقتي الصادر من المحكمة الدستورية العليا, بوقف تنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء الإداري والقضاء العادي محكمة الأمور المستعجلة, حجة للكافة ولجميع سلطات الدولة, الأمر الذي يضحي معه وجوب وقف الأحكام الصادرة في محل النزاع, لحين الفصل في دعوي التنازع من قبل المحكمة الدستورية العليا.