الحق يقال:إن موقعاً لدي الشباب الفلسطيني، معروف باسم:(palestineyouth) يقوم بنشاط إعلامي، إلكتروني، كبير، ويفاجئك أعضاء جماعته بتدفق رسائلهم علي موقعك الإلكتروني سواء كنت مشتركاً في الجماعة، أو غير مشترك. ورغم أنه في استطاعتي إرسال كلمتين إلي رئيس الموقع أطلب منه التوقف عن مراسلتي، إلاّ أنني أجلت ذلك لفترة قادمة للتعرف علي نماذج مما يشغل بال »شباب فلسطين«، وكيفية تعبيرهم عن آمالهم وآلامهم في عشرات أو مئات الرسائل التي يتبادلونها علي مدار الساعة من خلال مواقعهم، ومنتدياتهم، وجماعاتهم، المنتشرة في البلدان العربية من المحيط إلي الخليج. كثيراً ما توقفت عند رسائل رائعة ينتقد أصحابها الكراهية الدفينة بين جناحين من أجنحة الشعب الفلسطيني. الأول: يقيم في رام الله تحت اسم السلطة الشرعية بزعامة الرئيس محمود عباس، والثاني: يقيم في قطاع غزة بعد أن استولي عليه وطرد منه أنصار »أبو مازن« وسلطته، وحكومته، وأعلن »استقلال القطاع تحت راية غير الراية وحكومة غير الحكومة، هما: راية »حركة حزب الله«، وحكومة »إسماعيل هنية« غير الشرعية! حقيقة أن معظم الرسائل كانت تؤيد »حماس« و ضد »فتح«.. لكن حقيقة أيضاً أنها أي الرسائل تعبر عن الاهتمامات اليومية لقطاع مهم من الشباب الفلسطيني، وهذا حقه مهما صدمنا فيها وفي أولوياتها! رسالة قرأتها أمس أجهد كاتبها نفسه بحثاً عن »أمثلة« عامية، طريفة، تتردد علي ألسنتنا بعد أن توارثناها عن الآباء والأجداد. واهتمام هذا »الشاب« الفلسطيني بجمع تلك »الأمثلة« ليس بهدف التعريف بها، وبمعانيها، وبمبررات التعليق بها، وإنما هدفه الأوحد هو الدعوة إلي »تحريمها«، و»حظر النطق بها« من الآن فصاعداً! قائمة الأمثلة »المحرمة« طويلة، وتبدأ بالمثل الشهير، والقائل: »رزق الهبل علي المجانين« الذي نسخر به من سفه البعض، ومن استغلال البعض الآخر لهذا السفه.. لكن الأخ الشغوف بالتحريم يري فيه كفراً لأن »الرزق لله وحده ولا أحد يملك لنفسه ولا لغيره رزقاً ولا نفعاً ولا موتاً ولا نشوراً«. وهناك المثل العامي القائل: »تورالله في برسيمه« ويقال عادة في وصف الأغبياء، وهو ما يتحتم حظر النطق به بناء علي أمر من كاتب، وموزع، ومروج الرسالة الإلكترونية لأنه ليس هناك »ثور لله« و »ثور للناس«. ثم يتساءل: »لماذا ثور الله يرمز له بالغباء من دون الثيران الأخري؟ كلام محرم.. وسييء«. والمثل الثالث، القائل: » أنا عبد المأمور« الذي نسمعه أحياناً من أحد المرءوسين الذي يحمّل رئيسه مسئولية أي قرار وكل قرار.. فمروج الرسالة يحرمّه أيضاً لأن »كلنا عبيد لله الواحد الأحد القهار«. وهناك المثل القائل: » يا مستعجل عطلك الله« ويقال عن الشخص المتعجل للحصول علي شيء، أو للقيام بعمل ما.. فيحدث ما يعطله رغماً عنه. تعبير بسيط، وينصح المتعجلين بالتروي والهدوء، لكن »داعية تحريم الأمثال العامية« يأمر بتحريمه لأن »الله لا يعطل أحداً«. وكثيراً ما نقرأ في الصحف والكتب تعبيراً متداولاً يقول: » وشاء القدر..« وهو بداية لجملة ينبئنا كاتبها بما حدث، غير أن عضو جماعة موقع شباب فلسطين، يحكم بتحريم هذا التعبير لأن »القدر أمر معنوي والله هو الذي يشاء«. وحتي التشبيه القائل: »فلان شكله غلط«، و »فلانة مش حلوة«.. لم ينج من قرار »داعية التحريم«. ليس هذا فقط.. بل كتب في فتواه مؤكداً:» هذا القول يعتبر من أعظم الأغلاط الجارية علي ألسنة الناس، لأن فيه تسخط من خلق الله«. وفي حالة غضب أحدهم من قريب، أو صديق، نسمعه يقول: »الله يلعن السنة، واليوم، والساعة، اللي شفتك فيها«.. فالمطلوب شطب هذا الدعاء من الذاكرة واللسان فوراً، لأن »داعية التحريم « يقول »إن اللعن يعني الطرد من رحمة الله وهذا من مشيئته وحده«. و يا ويل الذي يردد مقولة: »هذا زرع شيطاني« أو »هذا طالع شيطاني«. من يردد هذه المقولة مخطيء من رأسه لقدميه، لأن »الشيطان لعنة الله عليه لا زرع له، ولا خلق له«.. كما جاء في رسالة داعية التحريم. والمطلوب من كل الأطباء الذين دائماً ما نسمعهم يقولون لأهل المريض: » عملنا إللي علينا والباقي علي الله« أن يمتنعوا عن هذه المقولة فوراً لأنها كما كتب داعية التحريم »مذمومة شرعاً، والواجب علينا التأدب مع الله. والأحري أن يقال: أدينا ما علينا والتوفيق من الله«. وآخر الأمثلة المفتري عليها، والمطلوب تحريمها نهائياً هي تلك التي تنصحنا ب »إمسك الخشب« ، أو »خمسة وخميسة«، أو »خمسة في عينك« وكلها وغيرها ترمي إلي إبعاد عين الحسود بعيداً عنك وعن معارفك.. لأن »داعية التحريم« يؤكد أن مثل هذه الأقوال لن تدفع حسداً، ولن تغيّر من قدر الله شيئاً، بل هو من الشرك«. .. ونكتفي بهذا القدر من الأمثلة العامية المطلوب تحريمها بأمر فضيلة مفتي »شباب فلسطين«. إبراهيم سعده [email protected]