بسام الشماع الوزير » تو « هو »أحمد عز« عصر الفراعنة "وكأن التاريخ يعيد نفسه".. لا تملك إلا أن تقول هذه العبارة وأنت تقرأ سطور الدراسة التي أعدها الباحث في التاريخ الفرعوني بسام الشماع حول المقارنة بين ثورة 25 يناير، والثورة التي فجرها عمال مصر في عهد الملك رمسيس الثالث. الأسباب التي فجرت كلتا الثورتين تكاد تبدو متطابقة، وطريقة تعامل الحاكم معها، بل والأسلوب الذي استخدمه العمال في ثورتهم. فإذا كانت ثورة 52 يناير تفجرت بعد استشراء الفساد وتغلغل رموزه في كل مكان بمصر، فإن ثورة العمال مصر في عهد رمسيس الثالث لم تكن ببعيدة عن هذه الظروف. فرغم أن السلطة الحاكمة حاولت حينها أن تصورها كثورة جياع، وبدأت تتعامل معها من هذا المنطلق، إلا أن العبارة التي وجهها العمال الثوريين إلي مفتش الأمن الموثقة في مذكرات الثورة كشفت عن مغزاها الحقيقي وهي أنها ثورة ضد الفساد، حيث قالوا: "إننا لم نضرب عن العمل بسبب الجوع، و لكننا فعلنا ذلك لأن لدينا اتهامات خطيرة نريد توجيهها : هناك فساد شديد" . وكان من مظاهر الفساد التي رصدها الباحث في دراسته، المزايا التي حصل عليها بعض الأشخاص، فكان المدعو "تو" الذي منح لقب " الوزير الأوحد" بدون وجه حق أحد الأسباب التي فجرت الثورة، كما فجر " أحمد عز " وأقرانه ثورة 25 يناير. ومن المفارقات ذ أيضا ذالتي كشف عنها الباحث هو اختيار التوقيت، فثورة 25 يناير كان اختيارها في هذا التوقيت احتجاجا علي ممارسات الشرطة المصرية في يوم عيدها، وهو نفس الأسلوب الذي اعتمده أجدادهم عندما قرروا ان تكون ثورتهم ضد الفساد بالبلاط الملكي في أواخر العام التاسع و العشرون من حكم الملك قبيل مدة و جيزة من احتفاله باليوبيل الثلاثيني المسمي بعيد "سد". وخلال هذا الاحتفال المهيب المكلف جداً تتم الطقوس و المراسيم الدينية التي تجدد سلطة الملك و قوته و هيمنته علي الأمور، حيث يثبت من خلال النشاطات الرياضية التي يقوم بها أثناء الاحتفال أنه مازال قادراً جسمانياً و ذهنياً علي قيادة البلاد لمدة محددة مستقبلية. ويبدو أن جينات الثورة واحدة عند المصريين، فكما أثبت الباحث فإن المصري يتحمل ويمنح الحاكم فرصة لتصحيح أوضاعه قبل أن يثور عليه، وهو ما حدث بالثورتين، كما انه إذا قام بثورته يختار مكان اندلاعها بعناية فائقة. وفي هذا الإطار آثار انتباه الباحث أن ثورة العمال في عهد الملك رمسيس الثالث اختارت " ساحة معبد "الرمسيوم" ، وكان اختيارا علي غير العادة المصرية الملكية القديمة و التي تملي بعدم السماح بدخول عامة الشعب داخل المعبد و لذلك كانت هذه الحالة تعتبر استثناء يثير استياء الملك والبلاط الملكي بلا شك ، كما انه سيجعل العمال الثائرين في هذه الساحة قريبين من شئون و مخازن الغلال و البذور التي يمتلكها المعبد كحصيلة الضرائب التي يدفعها الفلاحون. تماما كما كان اختيار ميدان التحرير مثيرا لاستياء رموز النظام السابق في مصر، لأنه موقع مؤثر وسط القاهرة. وكما كانت ثورة الأجداد " بيضاء " حيث لم ترصد وثائق الثورة أي حوادث حريق أو تدمير أو أعمال سلب و نهب ، كانت ثورة 52 يناير " بيضاء " أيضا، وهي حقيقة تؤكدها شعارات " سلمية .. سلمية " و " اللي يحب مصر .. ما يخربش مصر".