معادلة لا تخلو من غرابة واثارة! ورغم ذلك فانها الوصفة الناجعة لمستقبل أفضل! الغازات الضارة، إزالة الغابات، العبث بالطبيعة، احتراق الوقود الاحفوري.. و.. وغيرها من العوامل تلعب أدوارا سلبية في التغير المناخي الذي يهدد مستقبل البشرية بكوارث يحذر الخبراء من عواقبها الوخيمة، وحتي وقت قريب كانت الدراسات المتخصصة تؤكد ان الماشية تلعب هي الاخري دورا موثرا، من شأنه زيادة معدلات الاحتباس الحراري، فالانسان ليس مسئولا - وحده عن زيادة تركيز غازات الصويه الدفيئة بطول كوكبنا وعرضه. أحدث الدراسات برأت الماشية من الاتهام الذي سبق للعلماء توجيهه، بل وذهبوا الي صواب العكس، فالماشية طبقا للدراسات القديمة كانت تأكل العشب وتحول دون امتصاصها لاكسيد النايتروس، وهو أخطر من الكربون بثلاثمائة مرة. الأبحاث الجديدة اثبتت ان الماشية تحارب هذا الغاز اللعين، وتحد من اخطاره، بل ان الرعي في المناطق الباردة أو خلال فصل الشتاء - عموما - يؤدي الي وقف انبعاث النايتروس من ثم فان للماشية دورا ايجابيا في الحد من الاحتباس الحراري، بعكس الرأي الذي ساد من قبل زمنا طويلا. بالمقابل فإن تقرير »حال سكان العالم« في نسخته الاخيرة، اشار الي ان خفض معدلات النمو السكاني من شأنه تعزيز قدرة الصمود الاجتماعي في مواجهة اثار تغير المناخ، والأهم ان هذا التوجه يساهم في الحد من انبعاث الغازات الدفيئة في المستقبل. من ثم يمكن صياغة المعادلة علي هذا النحو: بشر أقل وماشية أكثر يعني مناخا أفضل أو أجمل، اذ يؤدي تلازم خطط خفض النمو السكاني مع الاهتمام بتربية المزيد من قطعان الماشية، لاسيما في المناطق الباردة علي سطح المعمورة، لنتائج ايجابية الي حد اثارة الدهشة. هكذا فان الدور الايجابي لتربية الماشية، الي جانب الحفاظ علي الغابات وتنميتها، ومزيد من الاعتماد علي انواع الطاقة صديقة البيئة.. و.. وبالطبع التعامل بشكل ايجابي بعيدا عن الانانية من جانب الدول المسئولة عن الحجم الاكبر من الانبعاثات الضارة، أمور تصب في خانة مناخ افضل. ولعل الانقلاب الذي احدثته النتيجة المتعلقة بقدرة الماشية علي مواجهة غاز اكسيد النايتروس، يحظي بالاهتمام الواجب خلال أي مناقشات تتعلق بآليات الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، بالطبع الي جانب ضبط وتيرة النمو السكاني مع الوضع في الاعتبار النشاطات البشرية المتزايدة، والتي من شأنها زيادة سريعة في انبعاثات الغازات الضارة. ان ترجمة هذه الرؤية - عمليا - عند احياء محادثات كوبنهاجن حول المناخ يعني التقدم بمقترحات لتقديم معونات لاصحاب مراعي الماشية في المجتمعات الفقيرة، تماما كما يتم تقديم حوافز لحماية الغابات الاستوائية من التعرض للمذابح، أوضخ اعتمادات لتشجيع انتشار تقنيات الطاقة صديقة البيئة. وبالتوازي مع تنمية تربية الماشية، والاهتمام بمراعيها، فانه يجب الحد من استخدام الاسمدة الصناعية المسئولة عن اطلاق كميات هائلة من غاز اكسيد النايتروس في الماء والهواء، اذ ان الإصرار علي التوسع في استخدامها يعني التقليل من فاعلية دور الماشية في الحد من مخاطر النايتروس، فالآليات لابد ان تتكامل لا ان تتقاطع. يبدو ان ضمان مستقبل افضل للمناخ، اكثر امانا بالنسبة للبشر، بات مرهونا باعترافهم بفضل الماشية »!« بعد ان افرطوا في بعض الانشطة التي اثرت علي زيادة تركيز غازات الصوته الدفيئة ثم تأتي الماشية لتحارب الغاز الاخطر تأثيرا علي صعيد الاحتباس الحراري، بعد ان ظن الانسان معظم الوقت ان الكربون الذي زاد عن معدلاته الطبيعية هو الأكثر تهديدا لمستقبله.