فساد النظام السابق لم يكن يرتدي »طاقية الاخفاء« كان معروفا للجميع ورائحته تزكم الأنوف -علي الأقل خلال السنوات العشر الأخيرة- أين كانت الأجهزة الرقابية التي تتباري الآن في كشف أبعاد هذا الفساد؟ وأين كانت جهات التحقيق التي تعيد الآن فتح ملفات كانت قد أغلقتها، منها علي سبيل المثال لا الحصر المخالفات الخاصة باحتكار أحمد عز لحديد التسليح، وتجاوزات المهندس محمد ابراهيم سليمان وزير الاسكان والتعمير الاسبق، وغرق العبارة السلام وهروب صاحبها؟ أين كان الكتاب والصحفيون والمثقفون الذين تحولوا بين يوم وليلة 081 درجة؟ كانوا يسبحون بحمد مبارك ورجاله.. وأصبحوا اليوم أول المتابعين لاخبار حبسهم والتحقيق معهم ومحاكمتهم بشماتة وسخرية تطرح ألف علامة استفهام. لكن ربما السؤال الأهم الذي يجب الا نتهرب من الاجابة عليه هو »ما الذي أدي الي تفشي الفساد بهذه الصورة؟.. الاجابة ربما لا يستطيع أن يحددها إلا أصحاب الضمائر اليقظة.. هؤلاء فقط يدركون أننا جميعا مسئولون عما حدث -بمن فيهم كاتب هذه السطور- لأننا عرفنا الكثير عن هذا الفساد ولم نتكلم.. وكنا نقنع أنفسنا أنها مجرد شائعات ونثق في تصريحات المسئولين والبيانات الرسمية التي تكذبها. هناك بالطبع من علا صوتهم بالرفض والتنبيه وحاولوا كشف الكثير من صور هذا الفساد لكنهم في النهاية قلة وسط شعب يتجاوز تعداده 08 مليون نسمة. والآن -وحتي نكون منصفين- يجب أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب مبارك ورموز نظامه.. ولأنه من المستحيل أن نحاسب 08 مليون فلا أقل من أن يحاسب كل منا نفسه ويعترف أنه كان مقصرا بشكل أو بآخر ويتعهد الا يقع في هذا الخطأ مرة أخري. حديث ربما يراه البعض خياليا لكنني آراه ضروريا ان أردنا أن نفتح صفحة جديدة نتصالح فيها مع انفسنا حتي نستطيع أن نقتلع الفساد من جذوره.