كلنا أمل في ان تستطيع الدولة استرداد الاموال المنهوبة والمهربة في حسابات سرية وجيوب سحرية تتمثل في اموال سائلة وعقارات واسهم في صناديق استثمار وشهادات ايداع في لندن تحتاج كلها الي »تكة« من صاحب الحساب لكشفها وتفويض منه لاستردادها ومعرفة اماكنها المصرفية والعقارية. من هذه المعضلة بدأت تتسرب في الاروقة الاقتصادية والقانونية آراء عن ان افضل واسرع طريق لاسترداد هذه المليارات التي تقدر تقريبا ب 002 مليار هي المصالحة مع صاحب الشأن. مجرد ذكر كلمة المصالحة مع من سرقوا أو نهبوا الوطن والمواطنين في الشارع تصيب الناس بالغثيان والاشمئزاز من هؤلاء الفاسدين ولكن البحث عن الطريقة المثالية والقانونية لاسترداد هذه الاموال يحتاج الي جهد قانوني ودبلوماسي ومصرفي مضن وطويل . البعض يطالب بتكليف مكاتب خارجية لها باع طويل في مثل هذه القضايا بالتعاون مع بعض المحامين المصريين ذوي الصفة الدولية لاننا لانتمتع بخبرة كافية في مثل هذا النوع من القضايا إذ أننا تعودنا علي أن نتعرض للنهب في العصر البائد دون أن نفكر في استرداد ما سلب منَا. الاشكالية الاقتصادية تنذر بصعوبة بالغة في استرداد الاموال لانها كما ذكرت ليست محددة بل هي اشبه بشبكة اقتصادية عنكبوتية لايملك شفرتها الا من اسسوها وليس من المتوقع ان تستجيب البنوك بمجرد صدور حكم قضائي نهائي باسترداد هذه الاموال لأنها تتعامل وفق معلومات محددة وبما أننا لانعرف ارقام الحسابات وماهيتها وأين تكون فسنجد صعوبة في التعامل مع البنوك الاجنبية رغم حسن النوايا المعلن من الدول بإمكانية استرداد هذه المليارات. نحن في حاجة الي مكتب تحري معلومات دولي ذي خبرة في هذه القضايا للبحث والتحري لايجاد المعلومات المهمة للكشف عن كيفية تسريب هذه الاموال في اي نوع من الحسابات والصناديق والعقارات حتي لو اقتضي الامر حصوله علي نسبة من القيمة الكلية أما الاعتماد علي النوايا الطيبة وحدها فلن يجدي فالامر يختلف بالنسبة للبنوك التي تجد مصلحتها بالقطع في استمرار استحواذها علي هذه الاموال الطائلة واذا كان هذا هو الحال لما نعرفه فالأمر يبدو اكثر صعوبة للدول التي لا نعرفها وتختزن بداخلها اموال هؤلاء الفاسدين من خلال هذه العقبات اخشي ان نجد امامنا صوتا واحدا في الافق وهو قبول نغمة المصالحة مع هؤلاء الفاسدين حتي يقبلوا اعادة الاموال وبالطبع ستكون هناك مقاصة: الافراج مقابل عودة الاموال واعتقد انهم سيبالغون في فرض شروط داخل اتفاق المصالحة ان تم مثل ان يشمل الاتفاق تبرئتهم من جميع الجرائم سواء التربح او الجنائية والاحتفاظ بنصيب وافر مما نهبوه وهذا لن يرضاه الشعب لانها ستعطي دافعا لخلق فاسدين جدد يبيعون البلد ويستولون علي خيراتها ماداموا في النهاية سيصبحون مطلقي السراح مقابل اعادة حفنة من الاموال واخفاء الجانب الاكبر منها للتمتع به في الخارج. نحن ازاء مأزق ضخم يحتاج الي حل سحري قانوني ومصرفي ودبلوماسي حتي لا نقع تحت طائلة المصالحة.