صحراء جرداء ورجال يتحدون الصعاب يواصلون الليل بالنهار من أجل حفر الآبار لتغذية الأراضي التي سيتم استصلاحها ضمن مشروع المليون ونصف مليون فدان في نطاق محافظة قنا وتحديدا في منطقة المراشدة، هكذا كان المشهد الذي رصدته الأخبار منذ عام تقريبا مع بدء العمل بالمشروع بجانب مشروعات أخري تنموية تتم مثل الصوامع والعمارات السكنية الخاصة بالإسكان الاجتماعي ومحطات تموين السيارات "وطنية". »الأخبار» توجهت مرة أخري إلي المراشدة لتنقل للقارئ بالصورة والكلمة المشهد بعد حوالي 365 يوما منذ بدء العمل هناك. توجهنا إلي محافظة قنا عبر القطار في رحلة استغرقت مايقرب من 9 ساعات منها إلي مركز دشنا، فكان لابد من العبور للناحية الأخري من النيل »الغرب» حيث مركز الوقف الذي تتبعه قرية المراشدة عبر معدية نيلية. انتظرت قليلا حتي وصول المعدية.. دقائق قليلة كنا علي الشاطئ الغربي حيث مركز الوقف ومنه إلي قرية »المراشدة» التابعة له والتي تقع في الوسط بين مدينة قنا عاصمة المحافظة ومدينة نجع حمادي، تطل علي نهر النيل أمام مدينة دشنا، وتصل مساحتهاإلي 55.37كم. عقب النزول من المعدية استقللنا سيارة خاصة للتوجه إلي المنطقة الكائن بها المشروع فليس لها وسيلة مواصلات عادية. أثناء توجهنا إلي هناك بدا أول ملامح التغيير عن مشهد العام الماضي فتجد أعلام القوات المسلحة ترفرف علي بنزينة وطنية وأعمدة انارة مدهونة بأعلام مصر وكشافات كهرباء وبلدورات جديدة وأعمال رصف تتم بطول الطريق حتي المنطقة التي يوجد بها الصوامع وبعدها. توصيل المياه بعد ذلك استكملنا طريقنا للتوجه إلي المكان المخصص لاستصلاح الأراضي التابعة لمشروع المليون ونصف مليون فدان كانت المفاجأة عند وصولنا إلي الأراضي التي كانت في الزيارة الأولي منذ عام صحراء ومعدات حفر لتوصيل المياة، فوجدناها تحولت إلي مساحات خضراء شاسعة مزروعة بالقمح والشعير، والكانتلوب والفلفل الرومي الأحمر والأصفر وجرارات زراعية وآلات حصد ودراسات لفصل القمح عن التبن. المساحات مقسمة إلي عدد من القطع تحمل أرقام 35 و36 و37 و38. توجهنا إلي المنطقة 38 وهي الأبعد مدخلها علي الطريق الصحراوي عدد كبير من العمال يرتدون غطاء للرأس لحمايتهم من أشعة الشمس تعلوهم ابتسامة توحي بالخير والانتاج الوفير، والبعض الآخر يحتمي من الشمس بأكشاك خشبية صغيرة. ويقول أحد المهندسين- الذي فضل عدم ذكر اسمه- إنه تم زراعة بعض الأراضي لتجربة التربة فكانت النتيجة مذهلة فالأرض لا تحتاج إلي مجهود كبير وخيرها وفير علي حد وصفه. علي بُعد مسافة تراها بالعين من بعيد يقف الحاج علي الدين محمود يرتدي جلبابه الصعيدي مرتديا الشاش الأبيض علي رأسه بجوار الجرار الزراعي الخاص به والدراسة الملحقة به وبجواره أبناؤه وبعض العمال الذين يقومون برفع الشعير إلي الدراسة ليخرج منه جزءا غلالا يتم تعبئته في أجولة وتبنا في الناحية الأخري يتم تعبئته أيضا. يقول الرجل الخمسيني بدأنا الحصاد في 30 أبريل نعمل لمدة 12 ساعة نبدأ من الساعة 5 صباحا حتي 5 مساء، مضيفا تبارك الرحمن بصراحة جهد كبير والجيش عامل مجهود حلو موجها الشكر للرئيس السيسي. بعد ذلك يتم تحميل الانتاج ويتم تسليمه للصوامع القريبة. بجوار الأراضي المزوعة بالقمح وعلي بعد مئات الأمتار توجهنا إلي منطقة أخري علي مدخلها يوجد كرافانات وأماكن استراحات يعلوها علم مصر، علي بعد أمتار منها نجد ألواحا لتوليد الطاقة الشمسية ممتدة علي الأرض وبجوارها الصوبات باللون الأبيض من الخارج والتي يوجد بداخلها أجهزة للتهوية ولضبط درجات الحرارة الأولي مزروعة بنوعين من الفلفل الرومي الأحمر والأصفر، أما الثانية فكانت مزروعة بالكانتلوب الذي تم زرعه بالطريقة العلوية ورفعه عبر خيطان النايلون، الانتاج الخاص به كثيف وهذه الطريقة تزيد الانتاج علي حد وصف أحد العاملين الذي رفض ذكر اسمه، مضيفا هذه الدورة انتهت، وننتظر دورة جديدة للزراعة من جديد أو زراعة أنواع أخري. توجهنا إلي منطقة ثالثة، تحمل رقم 35 بدا لونها أصفر، ولكن ليس صحراء فهو لون بواقي أعواد القمح المزروعة والتي تم حصادها منذ أيام قليلة تعلوها الشبكات المخصصة للري فأكد القائمون عليها أنه تم الانتهاء من الحصاد وتسليم المحصول إلي الصوامع القريبة، ولم يتبق سوي بعض الأجولة الممتلئة ببواقي القمح والتبن الذي تم درسه وهو عبارة عن أعواد القمح بعد طحنها في دراسات، ويتم استخدامه كعلف للماشية. الريف المصري الأخبار تحدثت مع م. عاطر حنورة رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة الريف المصري التي ستتسلم الأرض بعد استكمال استصلاحها، والذي أكد أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تقوم حاليا بتجهيز أراضي منطقة المراشدة، وبعد تجهيزها سيتم تسليمها لشركة الريف المصري، لتبدأ بعد ذلك في إجراءات طرحها لصغار المزارعين والمستثمرين. وأضاف أن الشركة تسعي إلي زيادة المساحات المطروحة لصغار المزارعين والشباب. وأشار إلي أنه تم عمل القرعة علي المناطق المستصلحة في الفرافرة التي بلغت مساحتها 5 آلاف فدان بالري بالتنقيط و12 ألف و500 فدان موزعة علي 52 قطعة كل قطعة 230 فدانا، وتم عمل قرعة، وهي أراضي مجهزة بالآبار والطاقة الشمسية، وجاري التجهيز وعمل المدقات للأراضي بالتعاون مع الهيئة الهندسية. أما بالنسبة لمنطقة المغرة جنوب العلمين، فتم عمل قرعة علي مساحة 60 ألف فدان مقسمة علي 252 قطعة والإعلان عن الفائزين، وهي مجهزة بآبار جوفية، وجاري حاليا تقسيم الأراضي، وتحديد المدقات بالتعاون مع هيئة المساحة العسكرية، وأنه جار إنشاء محطات لتحلية المياه لتقديمها لصغار المزارعين، بالتعاون مع القطاع الخاص، وجار إنشاء محطات وقود بالتعاون مع جهاز الخدمة الوطنية في توشكي والفرافرة والمغرة. وتابع »حنورة» أن المجموعات الفائزة تلقوا التدريب القانوني الأول علي كيفية تكوين الشركات والأمور القانونية الخاصة بالتعاقدات، وتقوم المجموعات بتكوين شركاتهم للتعاقد مع الريف المصري للبدء في إجراءات، ومن المتوقع البدء في تسليم الأراضي بعد عيد الفطر وبعد التسليم، ستبدأ الشركة في طرح مجموعة أخري من الأراضي. رصف الطرق بمجرد أن وطئت أقدامنا شعرنا أن حدثا كبيرا في الطريق إلي هذه القرية فعلي أول الطريق المؤدي للمشروع شاهدنا حملات كبيرة من النظافة وطلاء الأرصفة والاعمدة وتركيب البلدورات والتي تقوم بها الوحدة المحلية لمركز الوقف. فيوجد عدد كبير من العمال من شركة الكهرباء وآخرون يقومون بزرع الأشجار بخلاف المعدات التي تساعد في عمل وتركيب البلدورات الجديدة ويقف معهم اثنان من المسئولين د. قدري الشعيني رئيس مدينة الوقف ونائبه نتركهم ونتحرك لمسافة 5 كيلو مترات أخري حيث مدخل قرية المراشدة الصحراوي، فشاهدنا المعدات الثقيلة الخاصة برصف الطرق تقوم بالتسوية ورمي طبقات الأسفلت أعمال رصف وتطوير أعمال للطريق الصحراوي، حيث يتم العمل علي ازدواجه. لا صوت يعلو فوق الزيارة المرتقبة للرئيس إلي المراشدة سواء في مركز الوقف أو دشنا التي يفصلها النيل عن مركز الوقف أو مدينة نجع حمادي، فزيارة الرئيس تعني لهم الكثير سواء عمل مشروعات جديدة أو فتح فرص عمل لهم في المصانع الموجودة فعلا أو الحصول علي وعود بفرص العمل بهذه المشروعات من نصيب أبناء المنطقة والمناطق المجاورة فالخير علي قدوم الواردين علي حد وصفهم. الجميع يتوقع مواعيد للزيارة مختلفة عن الأخري لكن العامل المشترك بينهم هو انتظار هذه الزيارة. ترحيب بالمشروعات »الأخبار» التقت مجموعة من أهالي المراشدة والوقف وقنا ونجع حمادي الذين عبروا بترحيبهم بالمشروعات التي يتم العمل بها أو التي سيتم افتتاحها باعتبار أنها تضع قنا علي خريطة الاستثمار وتوفير فرص عمل للشباب. البداية مع حمام علي عمر احدي القيادات الشعبية الذي أكد أن لهم أملا ورجاء بأن يكون لهم نصيب من الأراضي المستصلحة وأن يكون للشباب نصيب من العمالة والتوظيف في المشروعات التي ستقام علي أراضي المراشدة، وتفعيل قري الظهير الصحراوي. دشنا والوقف يضيف محمود حسين أحد شباب مركز دشنا ننتظر قرار من الرئيس علي النيل يربط بين مركزي دشنا والوقف، فهما مركزان زراعيان وتجاريان، هذا المشروع الذي سيحيي المركزين وسيربط دشنا بالطريق الصحراوي الغربي وسيقرب محصول القصب إلي مسافة 5 كم متر بدلا من الذهاب إلي مصنع نجع حمادي لمسافة 30 كم، بالإضافة إلي أنه يضيف عملية مرونة وسهولة لحركة تبادل البيع والشراء وتسهيل الحركة إلي غرب النيل مما سيعود بفائدة كبيرة علي الشباب، مضيفا أن هذا المشروع توقف كثيرا ونريد أن يحسمه الرئيس لصالح المواطن. يستوقفنا مجموعة من الشباب عند علمهم بأننا من جريدة الأخبار يقولون أنتم نبض للمواطن وتنقلون بصدق فنريد منكم أن تصلوا برسالة إلي المسئولين مفادها أننا شباب يطالب بفتح فرص عمل جديدة سواء في المشروعات الجديدة أو المشروعات المقامة،فمثلا مصنع سكر دشنا عشرات العمال تقاعدوا للمعاش بعد وصولهم سن الستين والمصنع يحتاج إلي عمالة جديدة،خاصة في موسم العصير،لكن يتم التعنت واستقدام مقاول للعمالة بدلا من فتح فرص جديدة للشباب،فنرجو فتح فرص العمل لنا بهذه المصانع الموجودة في محافظة قنا، فكل أملنا في انحياز الرئيس للشباب في مطالبهم كما تعودنا منه. يضيف أحد المواطنين يدعي منتصر من المراشدة أنا شايف زيارة فخامة الرئيس مهمة وضرورية لينا وهتشجع كل المؤسسات علي العمل والانتاج، مضيفا المراشدة تتزين وتتجمل وتلبس ثوبا جديدا في انتظار واستقبال أهم الشخصيات واحبها إلي قلوبنا الرئيس السيسي الذي نحلم ونشرف به كاهالي قريه المراشدة (والخير علي قدوم الواردين) فالرئيس هو الخير علي بلدنا ونطالب بتخصيص عشرة آلاف فدان لأهالي المراشدة لتعويضهم عما سلب منهم سواء بطرق البلطجة من اناس معروفين أو بواسطة بعض القيادات غير الأمينة في العصر الماضي. أما أحد المسئولين بمدينة نجع حمادي والذي طلب عدم ذكر اسمه طالب بتقنين أوضاع واضعي اليد علي أملاك الدولة وإنشاء كوبري يربط بين شرق وغرب النيل، وتنمية المنطقة الصناعية بهو وفتح آفاق جديدة لتشغيل الشباب. استلام القمح جانب آخر رصدته »الأخبار» في المراشدة ونحن نمر علي الطريق السريع وقبل دخول الطريق الصحراوي نجد لافتة كبري »صوامع المراشدة». هذا المشروع الذي زرناه من قبل أثناء العمل فيه،تم الانتهاء منه، وتدخل السيارات الممتلئة بالأقماح لتقوم لجان باستلامها وتتم عملية الوزن والتفريغ ثم التخزين. صوامع المراشدة سعتها التخزينية تصل إلي 60 ألف طن وهي تابعة للشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين وتم إنشاؤها تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، هذه الصوامع اقيمت علي مساحة 29 ألفا و500 متر مربع وكانت ضمن مشروعات المنحة الإماراتية لصوامع الغلال بمصر. وبحسب مصادر هذه الصوامع تخدم منطقة كبيرة من محافظة قنا وهي شمال قنا من مراكز الوقف ونجع حمادي وفرشوط وأبوتشت بجانب الأراضي التي تم استصلاحها علي الطريق الصحراوي الغربي. أحد العاملين بالصوامع أكد أن الصوامع ساهمت في توفير الهدر والهالك في الغلال وسيزيد المخزون الاستراتيجي لمصر من الأقماح والغلال. الصوامع هذه المرة تزينت بأعلام مصربالداخل والخارج في انتظار افتتاحها رسميا. خلية نحل عندما تدخل الصوامع تجدها عبارة عن خلايا نحل فتستقبل الكثير من المسئولين التنفيذيين ورجال القوات المسلحة لمتابعة العمل بها ومراجعة جاهزيتها للافتتاح، وكان آخرهم اللواء عبدالحميد الهجان محافظ قنا الذي زارها عدة مرات، واللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الذي زارها الثلاثاء الماضي. 10 آلاف طن قمح يقول عبدالوهاب محمود عبدالرحيم رئيس الرقابة التموينية بالوقف ان لجنة استلام القمح بالصوامع تتم عن طريق لجنة من خمسة أعضاء برئاسة عضو التموين، وعضوية أربعة من الصوامع ومن الصادرات والواردات والزراعة وعضو خامس من جمعية القباني الخاصة بالموازين. ويضيف ل»الأخبار» أن مهمة اللجنة تنصب علي معرفة نوعية الأقماح هلي هي محلية أم مستوردة وجودة الأقماح لتحديد سعرها. وأشار إلي أن هناك ضوابط لعملية الاستلام فيتم الموافقة علي الأقماح المحلية ورفض المستوردة علي أن تكون جديدة إنتاج هذا العام، وإذا وجدت أقماح قديمة بالصوامع يتم تحرير محضر جنح. وكشف أن صوامع المراشدة تسلمت حتي الآن 10 آلاف طن تقريبا من الأقماح المحلية لموسم 2017، مضيفا أن صوامع المراشدة تستقبل أقماحا من شرق العوينات ودشنا ونجع حمادي وفرشوط وأبوتشت والمراكز القريبة من المحافظات الأخري. وأوضح أنه يتم حساب سعر الطن حسب الجودة فأعلي جودة وهي 23.5 قيراط سعر الطن ب575 جنيها، و23 قيراطا ب570جنيها، ال22.5 قيراط ب565 جنيها. وأكد أن للصوامع فائدة عظيمة للحفاظ علي الأقماح وهو شئ كبير، وليس سهلا لأن هذا مال عام ويشمل كل شئ. كوبري نجع حمادي علي بُعد مسافة 30 كم من المراشدة تقع مدينة نجع حمادي، حيث تم الانتهاء من العمل بالمحور الثاني من كوبري نجع حمادي، وبدء التشغيل التجريبي له. المحورالثاني طوله 500 متر وبعرض 8 أمتار، يبدأ من طريق »هو» وينتهي بشارع مركز الشرطة هذا المحور يساعد ويسهل الدخول إلي مدينة نجع حمادي سواء من مراكز شرق النيل او المراكز جنوب نجع حمادي وتم إنشائه تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وتنفيذ شركة المقاولون العرب، ليساعد مع المحوار الأول التي تم افتتاحه بطول 770 مترا وعرض 8 أمتار، وسيخدم كل الخارجين من مدينة نجع حمادي ويخدم مراكز الشمال.