في نهاية عام 2002 فكرت اخبار اليوم في ان يكون لجريدتها اليومية »الاخبار« طبعة عربية يتم طبعها وتوزيعها في نفس يوم صدورها في بعض العواصم العربية في اطار خطة طموحة لدعم العلاقات العربية - العربية وفتح آفاق جديدة للانتشار الاعلامي المصري. وجاءت البداية بدولة الكويت الشقيقة حيث سافرت اليها بصفتي رئيسا لتحرير »الاخبار« في ذلك الوقت ضمن وفد رأسه الزميل ابراهيم سعده رئيس مجلس الادارة وعدد من قيادات العمل الاداري في اخبار اليوم. جرت المفاوضات مع دار »الوطن« الكويتية وعلي أساس أن تقوم بطبع »الأخبار« في مقابل قيام مطابع الاخبار باصدار طبعة لجريدة »الوطن« في القاهرة. اتُفق علي ان تتم تسوية المستحقات المالية للمشروعين وفقا لنظام تبادل التكلفة. وفي 25 يناير 2003 صدر العدد الاول لطبعة الاخبار العربية بالكويت لتتابع بعد ذلك الطبعات العربية في السعودية والامارات العربية. هذه الخطوة لاقت ترحيبا كبيرا من كل المسئولين الكويتيين الذين أبدوا تعاونا كبيرا. وعندما علم رجل الاعمال المرحوم ناصر الخرافي بوجودنا في الكويت اقام مأدبة غداء تكريما لوفد »أخبار اليوم« بحضور شقيقه لؤي الخرافي والمهندس ابراهيم صالح رئيس مجموعة الخرافي في القاهرة. عبّرت الاحاديث التي دارت في هذا اللقاء عن مدي عشق هذا الرجل لمصر وكيف انه وضعها علي قمة اهتماماته الاقتصادية واستثماراته التي تقدر بمليارات الدولارات. قال إنه يعتبر مصر هي قلب الامة العربية وانها بالنسبة له تعد وطنه الثاني وانه وبنظرة اقتصادية يراها اكبر سوق مبشرة للاستثمار العربي بصفة خاصة والاستثمارات الاجنبية بشكل عام. قال ان الكويتيين لا يمكنهم في يوم من الايام انكار فضل مصر ودورها في مسيرة تقدمها كما لا يمكنهم نسيان تحمّلها عبء المشاركة في تحريرها عام 1991. تذكرت كل ما دار في هذا اللقاء عندما تلقيت أول امس النبأ الحزين برحيل هذه الشخصية الكويتية العظيمة العاشقة لمصر والتي تُجسد كل مقومات الانتماء العربي الاصيل. رحل ناصر الخرافي الرجل الذي اختار مصر لضخ مليارات الدولارات في مشروعات رائدها تنمية الاقتصاد القومي المصري والعربي. كان مؤمنا بامكانات مصرنا العزيزة إلي أبعد الحدود وهو الأمر الذي جعله يساهم في العشرات من المشروعات الهائلة في كل المجالات. وهكذا شاء القدر وارادة المولي عز وجل أن ينعكس حب وعشق ناصر الخرافي لمصر لتفيض روحه علي أرضها المباركة. وتعود علاقة الفقيد بمصر المحروسة الي ايام والده عبدالمحسن الخرافي الذي كان هو أيضا عاشقا لمصر وحصل من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر علي وسام الجمهورية من الطبقة الاولي. تلقي الراحل ناصر الخرافي تعليمه في مصر في مدرسة فكتوريا بالاسكندرية. ونتيجة لارتباطه العميق بأرض »الكنانة« فقد جنح دائما الي اختيار معظم قيادات شركاته والتي تنتشر في 28 دولة في كل انحاء العالم من الكفاءات المصرية. ان آخر مساهماته في دعم الاقتصاد المصري تمثل في قيامه بمشروع توريد وتركيب وتشغيل محطتي الكهرباء بمدينتي الاسماعيلية ودمياط بتكلفة 650 مليون دولار. كما كانت استثماراته وراء مشروع انشاء المدينة السياحية في بورت غالب قرب مرسي علم التي أُلحق بها أول مطار بنظام الB.O.T والذي يعد من أهم عوامل تنمية هذه المنطقة سياحيا. كان من الطبيعي أن يكون لهذا التاريخ المشرف في خدمة الاقتصاد القومي المصري انعكاساته الاقتصادية والتي من المؤكد وفي ظل استمرار عشق الخرافية لمصر ألا تستمر طويلا تأثيرات رحيله السلبية علي البورصة المصرية. رحم الله ناصر الخرافي وجزاه خير الجزاء علي ما قدمه لمصر ولامته العربية.