»في حضرة الحيوان» ليس مجرد معرض لعادل السيوي، ولكن مشروع ورؤية وتجربة قضاها الفنان في تتبع التجلي الجسدي للحيوان وعلاقته بالإنسان، فالسيوي مولع بتأمل الحيوان، وتأمل نظراته.. النظر إلي الحيوان يثير شغفه بالفهم والمعرفة.. ورغم أن الحيوان كان دائم الحضور في أعمال السيوي منذ معرضه الأول في الثمانيينات، وطوال تجربته التشكيلية.. لكنه في هذا المعرض (بقاعات المشربية) يقدم رؤية متكاملة من خلال 270 لوحة، ظل يعمل علي إنجازها طوال 6 سنوات متواصلة.. منتهيا إلي أن موقع الاقتراب بين الإنسان والحيوان هو (النظرة).. وأن حضور الحيوان هو حضور بصري بالأساس، وهو ما يعيد الإنسان إلي الطفولة.. إلي حالة أولية من الحواس، إلي البصر الذي يقود العلاقة بالعالم والآخرين.. لا يرسم عادل السيوي الحيوانات الضارية المتوحشة، ربما لأنه يبحث في »النظرة» عن ذلك التقارب المشترك مع الإنسان.. ربما لأن الخبرة البصرية تستعيد الطفولة.. حيث الحمار الطيب، والفيل الصديق، واليمامة البيضاء، والسمك الحيادي المخادع، والقط الفرعوني الممتليء بالأسرار.. ينزع عنه اللون الأسود ويمنحه الأصفر الذهبي ليضاعف سره التاريخي.. مولع عادل السيوي بتوحد الحيوان والإنسان في الفن المصري القديم.. هكذا تجمع الكثير من اللوحات بين الملامح الإنسانية والحيوانية.. امرأة بروح بقرة أو قطة أو ثعبان.. رجل بمشاعر ذئب.. جسم رجل ورأس حيوان أو العكس.. لوحات الأبيض والأسود شديدة الثراء والجمال.. يستبدل السيوي اللون بالحركة.. تموج اللوحة بحفيف أوراق الشجر، بينما يتهادي القارب وسط أوراق متماوجة، فلا ندري إن كان يسبح في الماء، أو يتحرك وسط الغابة المليئة بالأشجار... يرسم السيوي وعيه وثقافته وخبراته العميقة، ويعيد صياغة أعمال فنانين آخرين برؤي مختلفة، وثقة مفرطة ومبدعة في استخدام التناص البصري.. يطل المجنون الأخضر »لعبد الهادي الجزار» في حضرة الطائر.. وتطل أحذية »فان جوخ» في حضرة الفراشات.. ويحضر »محمود سعيد» بكامل جسمه وألوانه في حضرة اليمامة البيضاء.